المحتوى الرئيسى

سلطنة عُمان تلعب دورًا محوريًا في حل أزمات المنطقة

06/23 00:18

جاء اختيار الحكومة المصرية لليونان لرعاية المصالح المصرية في قطر، واختيار قطر لسلطنة عُمان لرعاية المصالح القطرية في مصر، إعمالاً للقوانين والأعراف الدبلوماسية واستناداً إلى المادة 45 من اتفاقية فيينا لعام 1961، والتي تنص على أنه "في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين – أو إذا ما استدعيت بعثة بصفة نهائية أو بصفة مؤقتة، فإن الدولة المعتمدة يمكنها أن تعهد لرعاية مصالحها وكذلك رعاية مصالح رعاياها إلى دولة ثالثة توافق عليها الدولة المعتمدة لديها، وهذا الوضع دائم التكرار في محيط العلاقات الدبلوماسية.

وجاءت الموافقة العُمانية على رعاية المصالح القطرية في القاهرة، ومن ثم رفع علم سلطنة عُمان على مقر السفارة القطرية بالقاهرة، نابعاً من إدراكها لدورها العربي على مدار التاريخ، والعمل على حل أزمات المنطقة وباعتبار أن الأزمة الحالية هي أزمة عربية ـ عربية بالدرجة الأولي، ولعل هذا الموقف العُماني يعيد الأذهان إلى موقفها بعدم قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر إبان توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وراهنت سلطنة عُمان يومها على أهمية ومكانة مصر في إطار منظومة العمل العربي، وهو ما تحقق بعد ذلك وأعادت الدول العربية علاقاتها مع مصر.

وكعادتها في اتباع أسلوب الدبلوماسية الهادئة والعمل على تقريب وجهات نظر الأطراف المختلفة واحتواء الأزمات، ليس فقط في المنطقة العربية، إنما في منطقة الشرق الأوسط برمتها، جاءت رعاية سلطنة عُمان للمصالح القطرية في مصر محققة للمصالح المصرية والقطرية على السواء، خاصة إذا علمنا أن البعثة الدبلوماسية المصرية في قطر من دبلوماسيين وإداريين يصل حجمها إلى نحو 34 مصرياً، يرتبط بهم أسرهم وأبنائهم الدارسين في المدارس، فضلاً عن وجود موظفين محليين مصريين يعملون في السفارة القطرية بالقاهرة، ناهيك عن المصالح المشتركة بين الدولتين والشعبين والمتمثلة في علاقات النسب والمصاهرة وحالات الزواج بين الشعبين، حيث توجد جالية مصرية في قطر تبلغ نحو 300 ألف مصري يعملون في مختلف التخصصات من أطباء ومهندسين ومدرسين وغير ذلك.

لم يكن الموقف العُماني من الأزمة القطرية ورعاية مصالح الجالية القطرية في مصر، هو الأول من نوعه، ولكنه يُضاف إلى مواقف عُمانية كثيرة في هذا السياق ويجسد نهج السياسة والدبلوماسية العُمانية دوماً والتي لعبت دوراً محورياً في معالجة العديد من ملفات المنطقة الساخنة، فقد استضافت المحادثات اليمنية ودعمت الجهود حل الأزمة السورية، وكذلك استضافت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي، انطلاقاً من حرصها على دعم الأمن والسلم الدوليين.

واعتمدت سلطنة عُمان منذ السبعينيات من القرن الماضي دبلوماسية السلام نهجاً تمكنت عبره من إقامة علاقات صداقة وتعاون مع سائر دول العالم وكرّسته في سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية وهو قائم على مبادئ التعايش السلمي والتعاون والحوار والمفاوضات والمصالحة لحل الخلافات وتسويتها بالطرق السلمية وبما يؤدي إلى إشاعة السلام والأمن بين الدول والشعوب، حيث أكد السلطان قابوس منذ عام 1970 أن السلطنة تعمل دائماً بالتعاون مع الدول والمنظمات الدولية على إرساء أسس السلام والوئام بين الشعوب ووضع التعاون وتبادل المنافع والمصالح بين الدول في ظل الوئام والسلام ضمن أولويات سياستها الخارجية وما انضمامها إلى التجمعات العالمية والإقليمية إلا للإسهام الإيجابي المؤثر في كل ما يعود بالخير على الإنسانية، والمتابع للسياسة الخارجية العُمانية يلحظ أنها تدعو إلى الحوار والوئام والتعايش وعدم إقصاء الآخر، مستندة في ذلك إلى مفهوم التعاون الإنساني في علاقاتها مع مختلف دول العالم وأنها تسهم في هذا الاتجاه بشكل إيجابي وتدعو دائمًا إلى إحلال السلام العالمي والاستقرار الإقليمي وترفد دعوتها هذه بالعمل، أي أنها لا تكتفي بالدعوة إلى هذا الأمر المهم وإنما تعمل بجد من أجل ترجمته إلى واقع ملموس.

Comments

عاجل