المحتوى الرئيسى

انتخابات المحليات.. وإضراب ٤ مايو

06/22 22:11

 (١) بجانب مشكلات الفكر والفهم والممارسة، تجد الإخوان يتميزون بسمات لا تكاد تفارقهم.. إذا ألقيت نظرة على تاريخهم تستطيع أن تدرك دون جهد أو عناء أنهم -إلا من رحم ربى- لا يتعلمون، ولا يتعظون.. هم يفتقرون إلى فقه الواقع، كما أن القراءة السياسية لديهم سطحية وضحلة للغاية، وهو ما يوقعهم فى الكثير من الأزمات والمشكلات.. هم منكفئون على التنظيم بشكل مثير للدهشة والاستغراب، وانفتاحهم على الأحزاب والقوى السياسية يقترب من الصفر.. وعلى الرغم من المحن والشدائد الكثيرة التى مروا بها، إلا أن قدرتهم على استخلاص الدروس والعظات والعبر تكاد تكون معدومة.. للأسف، هم -كأغلب المصريين- لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يتأملون ولا يتدبرون ما يقرأون، وتجرى عليهم عبارة أديبنا الكبير نجيب محفوظ «آفة حارتنا النسيان».. هذا إضافة إلى أن ثقافة السمع والطاعة والثقة فى القيادة التى ورثوها عن الأستاذ البنا، تحرمهم من التفكير والمناقشة وتقليب الأمور على وجوهها، وبالتالى يفقدون مزية الابتكار والإبداع..

(٢) قبل نحو شهرين من إجراء انتخابات المحليات التى كان مقرراً عقدها فى ٨ أبريل ٢٠٠٨، أرسلنا إلى الإخوان فى المحافظات لاستطلاع آرائهم، وكانت الأغلبية مع المشاركة.. وقد أصابتنى دهشة بالغة حينما علمت أن بعض أعضاء مكتب الإرشاد (محمد مرسى، محمود عزت، محمد بديع، جمعة أمين، وآخرين) عزموا على أن نخوض الانتخابات بنحو ١٠ آلاف مرشح من الإخوان.. قلت لهم: هذا عدد كبير للغاية ولن يستطيع النظام الحاكم هضمه أو استيعابه، وربما كان رد فعله عنيفاً.. لذا، أنصح بتخفيف العدد ولو إلى الربع، أى إلى ٢٥٠٠ فقط، لكن كما هى العادة: «قد أسمعت إذ ناديت حياً».. حزنت لهذا الموقف حزناً كبيراً، وأصابنى هم وغم، وتساءلت: كيف لقيادة تلقى بأفرادها فى السجون، وفى مقابل ماذا؟ إن الأمر لم يكن فى حاجة إلى ذكاء أو نباهة غير عادية، إذ فور علم أجهزة مباحث أمن الدولة بهذا العدد الضخم، قامت -كالعادة هى أيضاً- بإلقاء القبض على الآلاف من الإخوان؛ مرشحين وغير مرشحين.. وعندما فتح باب الترشيح، وضع نظام الحكم عقبات شديدة أمام المرشحين، لدرجة أن الذين استطاعوا تقديم أوراقهم لم يتجاوزوا ٤٠٠ شخص فقط (!) ومن المضحك المزرى أن عدد الذين تمت الموافقة عليهم كمرشحين كانوا ٢١ مرشحاً (!!) وقد تم رفع آلاف الدعاوى أمام القضاء، حيث حصل المرشحون الإخوان على ٦٠٠٠ حكم بقبول أوراقهم، إلا أن الأجهزة التنفيذية ضربت بهذه الأحكام عرض الحائط، الأمر الذى اضطر معه الإخوان أن يعقدوا مؤتمراً صحفياً عالمياً يوم ٧ أبريل (أى قبل التصويت بيوم واحد)، وأعلنوا فيه مقاطعتهم ودعوة الشعب لمقاطعة الانتخابات.. وكان السبب الذى ساقوه للدعوة للمقاطعة هو أن نظام الحكم لا يحترم ولا يقيم وزناً للأحكام القضائية (!)

(٣) فى لقاء مع المستشار الجليل طارق البشرى بعدها بأيام، قال الرجل: إن الإخوان كمن «يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله» (التوبة: ٣٤).. يقصد أن الإخوان الذين لم يشاركوا فى إضراب ٦ أبريل قبلها بيوم واحد وخذلوا قطاعاً كبيراً من الشعب المصرى، جاءوا اليوم يناشدونه الوقوف إلى جوارهم ويطالبونه بمشاركتهم فى مقاطعة الانتخابات (!!) للأسف، هذا هو أسلوب الإخوان، إذ كثيراً ما كانوا يتهمون من قبَل الآخرين بأنهم إذا ضيّق النظام الحاكم عليهم وطاردهم ولاحقهم، ونصب لهم المحاكم العسكرية، صرخوا واستغاثوا وقالوا: أين الأحزاب؟.. أين القوى السياسية؟ وإذا أقبلت الدنيا عليهم، أعطوا ظهورهم للجميع (!!)

(٤) وفى يوم ١٥ أبريل ٢٠٠٨، صدرت أحكام المحكمة العسكرية على ٤٠ من رموز الإخوان بالسجن؛ المجموعة الأولى: ١٠ سنوات، المجموعة الثانية: ٧ سنوات، والمجموعة الثالثة: ٥ سنوات.. وكان خيرت الشاطر وحسن مالك ضمن المجموعة الثانية.. كانت الاتهامات هى نفسها التى عادة ما توجه للإخوان، أى المشاركة فى تأسيس جماعة على خلاف الدستور والقانون، إضافة إلى تهمة جديدة هذه المرة وهى تهمة «غسيل الأموال» (!) وقد فسر البعض صدور الأحكام فى هذا التوقيت على أنه محاولة لاستقطاب اهتمام الرأى العام بعيداً عن مشروع تعديل الـ٣٤ مادة دستورية التى كان النظام الحاكم يزمع إجراءها.. ولا شك أن هذه الأحكام سببت غضباً على مستوى جميع الإخوان، فقد كان الجميع -إخواناً وغير إخوان- يعلمون أنها قاسية وجائرة، وأنها أحكام سياسية بامتياز..

(٥) فى اجتماع مكتب الإرشاد بعدها بـ٤ أيام، كان ضمن الموضوعات المطلوب مناقشتها، موضوع إضراب ٤ مايو الذى دعت إليه حركة ٦ أبريل، وهل سنشارك فيه أم لا، أم أننا سنتبنى نفس موقفنا السابق فى إضراب ٦ أبريل؟! وكما هو معلوم، تم اختيار هذا التاريخ بالذات لأنه يوافق ذكرى ميلاد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وبدا الأمر وكأنه موجه إليه شخصياً.. وقد ألقى ما حدث فى إضراب ٦ أبريل من بيان (غائم عائم)، ثم حوار محمود عزت بعدم المشاركة، بظلاله السلبية علينا ونحن نناقش موضوع إضراب ٤ مايو.. وقد توصلنا إلى صيغة وسط، وهى أن تكون المشاركة مقتصرة على طلاب الجامعات فقط، على اعتبار أنها شىء يمكن قياسه، فضلاً عن أن الطلاب هم أكثر الشرائح استجابة لمثل هذه الأمور..

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل