المحتوى الرئيسى

عن الجماعة والثورة

06/22 21:27

بعد ظهور لجنة السياسات فى الحياة السياسية المصرية، بدا أن هناك اتجاها لتقزيم "ثورة يوليو" فى الإعلام الرسمي، وكان يوم الثورة مناسبة للهجوم عليها، بل أن تعليمات عليا صدرت بتوجيه الهجوم إلى محمد حسنين هيكل، ليس فقط بسبب محاضرته الشهيرة التى كشف فيها عن " سيناريو توريث السلطة" بل أيضا باعتباره الرمز الباقى المدافع عن سياسات عبدالناصر. وقتها كان جمال مبارك يبحث عن شرعية أخرى بخلاف شرعية يوليو التى جاءت بثلاث رؤساء سار كل منهم فى طريق مختلف.  كان ذلك واضحا وقتها من تصريحات المقربين من مبارك الصغير أو حتى المنافقين له الذين تولوا مهمة تلميعه باعتباره سيكون "أول حاكم مدنى لمصر"..أو حاكم ليبرالي يدافع عن السوق المفتوح ويحاول تحرير مؤسسات الدولة من مهامها الاجتماعية الثقيلة، وتخفيف قبضة الدولة على المجال الثقافي باعتباره سلعة.

كان التحرر من إرث يوليو، والهجوم عليها إذن مبررا فى تلك الفترة..البعض رآها "انقلابا"..ورآها آخرون "صناعة أمريكية".. ولكن أحدا لم يجرؤ عن وصفها  بأنها مؤامرة إخوانية.

 ربما كان البعض يتحدثون على استحياء عن بداية استخدام الدين فى المجال السياسي، كوسيلة من وسائل هيمنة الدولة أو حتى إيمان عبد الناصر ورجاله بالغيبيات، كتب المفكر السورى صادق جلال العظم فى أعقاب هزيمة يونيو عن معجزة ظهور العذراء التى أفردت لها صحف تلك الفترة مساحات واسعة من التغطية، وقيل الكثير عن صلاة عبدالناصر ثلاث جمع متتالية فى مسجد السيدة زينب بناء على نصيحة احد الشيوخ استعدادا للمعركة، أو حتى تحضير الجن والعفاريت – كما كتب هيكل نفسه مبررا انحيازه لأنور السادات فى صراعه مع من أسماهم مراكز القوى عام 1971 من رجال.

فى فترة تصعيد جمال وإعداده للمهمة الثقيلة، كتب وحيد حامد سيناريو فيلم "عمارة يعقوبيان"، كان الفيلم، كما الرواية المأخوذة عنه مرثية لمصر التى كانت يوما ما جميلة، ونظيفة قبل أن يصل بها حكامها منذ 1952 إلى ما آلت إليه!

أي أن موقف وحيد حامد من "يوليو" ورجالها غير خفى، معلن فى كل أفلامه من قبل..وكذلك موقفه من جماعات الإسلام السياسي..لكن تصريحاته بعد حكم الإخوان تكشف تراجعا ما فى موقفه من مفهوم الدولة، مؤمن بدورها وهيمنتها، وقبضتها الأمنية وهيمنتها فى المجال الاجتماعي والثقافي.

لذا كان مدهشا أن يتولى حامد فى إطار تحولاته الأخيرة، إطلاق الرصاص على "يوليو" باعتبارها صنيعة الإخوان كما بدا فى سرديته فى الجزء الثانى من مسلسل "الجماعة"!

يقول وحيد فى حواراته أنه لم يكتب كلمة واحدة فى السيناريو، إلا وكانت مثبتة فى مذكرات كتبها أصحابها. رغم أن المؤرخين يرون فى المذكرات الشخصية، مصادر من الدرجة الثانية، قد تتجاهل أمورا، وتضخم غيرها، ولا تخلو من هوى،  تظهر فيها ذات الكاتب، متضخمة، وهو يحكى عن دوره فى صناعة الأحداث، كما تصبح – فى أوقات كثيرة- فرصة لتصفية الحسابات. يبدو أصحابها كأنهم أبطال، أو أنصاف آلهة،  لا تقول الحقيقة ولكن نصف الحقيقة، أو الحقيقة  من وجه نظر صاحبها.. فلا توجد "حقيقة نهائية" !

في سرديته عن الثورة والإخوان، منح "حامد" سيد قطب مساحة ودورا أكبر مما هو في الواقع، إذ يبدو قطب محركا لمجلس قيادة الثورة، زعيما لها ومنظرا، يأمر فيطاع، يخطئ الضباط فيغضب هو، ويعتذرون له على تعجلهم، هو الذي أطلق على هذه "الحركة المباركة" اسم الثورة.. لا طه حسين مثلا.. إنه التاريخ من وحى خيال كاتبه الذي اعتبر مذكرات على عشماوي-آخر قادة التنظيم الخاص لجماعة الأخوان المسلمين- مصدرا صادقا ونهائيا؟

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل