المحتوى الرئيسى

كيف يحتفل 5 ملايين سوداني في شوارع القاهرة‎؟

06/19 20:15

في شوارع حي العتبة العتيقة، خاصة عند تمثال إبراهيم بك، ترى وجوها سمراء، تشعر وأنك قد انتقلت للخرطوم، وقد تبدلت حولك مناحي الحياة سواء من اللهجة السودانية إلى الأطعمة والأشربة السودانية، حتى العطارة والمضغ السوداني، لتدرك أنك أمام مجتمع يزيد عدده عن الـ5 ملايين سوداني في مصر، فضلت "التحرير" أن ترصد عاداتهم وتقاليدهم في رمضان.

بالرغم أن السودان لا تبتعد سوى بضعة كيلومترات من مصر إلا أن العادات الرمضانية تتباين بشكل كبير بين شعبي وادي النيل، ففي جنوب الوادي تجد السوداني يجعل الشارع المكان المفضل لمائدته، حيث تجد العشرات وأحيانا المئات متراصون في الشارع على وجبه الإفطار ولا يوجد من يفطر في البيوت، على عكس المصريين ممن يحرصون أن يفطرون وسط العائلة داخل المنزل.

تملأ رائحة العصيدة أرجاء المطعم السوداني بالعتبة، وهو أحد أهم المطاعم السودانية التي يفضلها الوافدون إلى مصر من أبناء وادي النيل، والذين يتمسكون بالعادات والتقاليد السودانية، خاصة في هذا الشهر الكريم، وهو جزء لا يتجزأ من الموازييك السوداني المحيط بهذا الميدان.

"يأتي إلينا الوافد فيشعر وكأنما يأكل في بيته" بتلك الكلمات وصف محمد شحاتة صاحب المطعم السوداني، الأجواء الرمضانية لزبائنه في الشهر الفضيل، فأكثر من 15 سنة احتكاك مع أبناء النيل، ولذلك بات التعامل سلس وسهل، تأتي الكثير من المواد الخام للمطاعم المصرية في رمضان من السودان، خاصة "الويكة" وهي البامية المجففة، و"الدكوة" الفول السوداني المطحون، وزيت السمسم والشطة السودانية، كلها تجلب من هناك، غير العصائر مثل الحلو مر والعراديب، كما أن طاقم  الطباخين وطاقم تقديم الأطباق من السودانيين.

باتت المنطقة كلها مصبوغة بالصبغة السودانية، ففي رمضان يتحول هذا الجزء لخية نحل من الإفطار وحتى أذان الفجر.

تعلوا وجه شحاتة، بسمة فخر، ويقول "تحول كل شيء هنا بعد فتح محلنا، إلى سوداني"،  فالمقهى المجاور أصبح سودانيا خالصا يقدم فيه الشاي والمشروبات الساخنة السودانية، ويستعين سيدات سودانيات لتقديم هذه المشروبات للجمهور، بل ويعرض الدوري السوداني للزبائن، حتى عربة الفول اكتست بكساء أبناء النيل، والفول السوداني يوضهع عليه الكمون المسمى "شمار".

أشار محمد إلى أن رمضان هذا العام كان أصعب كثيرًا من الأعوام التي مضت، ففي الفترة الأخيرة ظهرت نتائج التوتر في العلاقة بين مصر والسودان، خاصة في إدخال البضاعة من المعابر، حيث قل الإدخال، خاصة مع عدم مجيء بعض التجار الذين كانوا يدخلون بضائع لمصر، والتضييق على واردات المحل نفسه مثل زيت السمسم، كان يشترى بالجراكن، وباتت ممنوعة من الدخول، والدكوة "الفول السوداني" لم يعد يدخل، وقبل رمضان حاول الحصول على كمية ضئيلة منها لتلبية رغبات مرتاديه، والويكا إذا جائت بشكل كبير، لا تستطيع إدخالها، وإذا إستمر الوضع سيتوقف المحل عن إعداد مأكولات كالتقلية والنعيمية اللتان يدخلان بهما الويكة، وسلطة الدكوة، والشطة.

كما اختلف المشهد في رمضان اجتماعيًا بسبب الأزمة، وتباينت آراء الزبائن حول التوترات الأخيرة، فكل من يأتي مصر بات ينتقد تهويل الإعلام المصري والسوداني للأزمة بين الطرفين، والبعض، يندهش أن إدارة المطعم السوداني مصرية، بينما تكاد خلافات السودانيين السياسية تختفي بين البسطاء الذين لا يهتمون كثيرا بالسياسية.

تنطبع عادات أبناء النيل على جو الشهر الفضيل، فـعند الإفطار، دائمًا ما يطلبون طبقا واسعا، ولا يحبون أن يوضع كل صنف في طبق صغير منفصل، وذلك لأن السوداني يعشق الجماعية في الأكل، فإذا رآى صديق له يناديه ليأكل من طبقه وإن كان الآخر لم يطلب، وقد يضطر الآخر للتحمس وتكملة الأكل معه، وممكن أن يصبح الواحد اثنين وثلاثة، حتى يصبحون مجموعة قبل انطلاق المدفع  ولذلك تجد المحل حريص على شراء الأطباق الواسعة.

وفي المطبخ السوداني حيث تجهز كل الأكلات الرمضانية المميزة، يقف عم آدم بملامحه السودانية، فهو صاحب خبرة طويلة ويعمل منذ 2005 في إعداد الطعام، وبدأ مشواره من  السودان، بكافيتريا "الزمالك المصري" بالخرطوم، وكان صاحبها أمه مصرية وأبوه سوداني، وجاء لمصر في زيارة لصديقه، ولكن استهوته مدينة المعز، خاصة بعد أن وجد عمل بها  كـ"شيف سوداني" ومنذ ذلك الوقت إلم يغادر أرض الكنانة إلا للزيارات العائلية ورؤية الأقارب.

ويتحدث عم آدم عن الكسرة وهي خبز يصنع من دقيق الزرة وذلك عن طريق العِواسة، وهي العملية التي تصنع بها الكسرة، تبدأ عملية عجن الكسرة بعمل الخمارة وقديما كان لا يخلو أي منزل سوداني من الخمارة وهي عبارة عن دقيق ذرة + دقيق قمح معجون بالماء ويترك لساعات، ليخمر ويكتسب المذاق المر قبل العواسة مباشرة يؤخذ قليل من الخمار ويضاف عليه المزيد من الدقيق والماء حتى يصبع عجين سائل يسهل التحكم به تختلف أنواع دقيق الذرة المستخدة، اما القراصة فهي عبارة عن عيش خفيف ونضعه بالصاج، وتصنع من دقيق القمح الأسمر، بينما تصنع النعيمية، من "الزبادي الرايب" والويكة والفول السوداني المدشوش.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل