المحتوى الرئيسى

محمود جمال أحمد يكتب: لماذا ستفشل أي ثورة قادمة؟

06/19 10:03

رغم كل المجهودات المشكورة من الدولة لتطوير التعليم والنهوض به والتعديل المستمر الذي يخزي العين بإبداعه. فمعاناة الطلاب لا تزال باقية. وسوف تظل باقية، فهذه أفضل آلية دفاعية يمكن أن تتقي بها خطر شعب ثائر.

مؤسسة التعليم في مصر تنتج (فواعلية)، فتمر عليك سنين من التعليم تترك أثر الكحول. حين تفيق تشعر ببعض الصداع أو المعلومات الزائدة، سرعان ما تنساها ثم تنتقل لمراحل الحياة المصرية. العمل والزواج والموت كطبيعة بشرية.

أوضح دليل على نظرية التطور، والذي يؤكد على الجانب الحيواني من الإنسان هو المواطن المصري. حيث على مستوى ما معيشته ومعيشة الحيوان سواء. دورة حياته ودورة حياة الحيوان سواء. رغم اعتزازي ورغم أني مصري صميم.

يوسف شيريبي المفتي في الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر، أعترض على قرار دخول وانتشار آلات الطباعة. وكتب فولتير عن قرار حظر المطالعة مقالا شهيرا يمكن الرجوع إليه، وقد أوضح فيه بعض الأسباب والحجج التي قالها المفتي والتي لم يقلها، ومنها أن ذلك القرار سيقلل الجهل والأمية، وبسبب كتب الطب ستقل الأمراض ووقتها لن نجد ما نلجم به عقولهم.

في الثورات المصرية وقت الاحتلال البريطاني كان هم القيادات هو تعليم الشعب؛ لماذا نثور؟ فيسافر خطيب الثورة (عبد الله النديم) للقرى المصرية وفي كل محطة في وجهته يقف ليلقي خطابا. والكثير من القيادات تفعل المثل، فحين تحتاج إلى الشعب. تجد من ترتكن إليه.. وعي تستند عليه، وقد اتصلت بالشعب بكافة فئاته من محمد أفندي لعم حامد المزين.

وقد انتشر في تلك الفترة -الثورة العرابية- إنشاء المطابع الأهلية وظهرت (جمعية المعارف) لتطبع التراث القديم. وظهرت الصحافة لأول مرة، فوقتها أنشئت جريدة الأهرام وجريدة الأخبار والعديد من الصحف الأخرى التي مُنعت.

إلا أن في السنين السابقة ليوم 25 يناير، كان تكوين الوعي السياسي مقتصرا على نخبة أو صفوة أو كريمة وسط البلد، فتجد مجموعة من الشباب لديهم وعي مذهل وإدراك للموقف وفهم سليم، إلا أنه مقتصر عليهم بالإضافة إلى جزء من الشعب في أقصى تقدير له يظل قيمة ضئيلة بالنسبة للكثافة السكانية. ونظرا للنظام القمعي في التعامل مع تلك الأمور انكمش ذلك العدد أكثر.

وبعد الثورة أصاب الجميع دوار ميتافيزيقي وتساءلوا: (وبعدين)؟

وبشعب يحب الأمان و(الاستقرار) لم يوافق على تسليم الراية لمن لا يعرفهم أو لمن لم يعتد عليهم عملا بالمبدأ المصري الشهير (اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش). والتحريض ذو السبحة والقفطان نجح فقط في الجانب الأيديولوجي دون الجانب السياسي وهو الأهم. فأصبحت الغاية نصرة الإسلام لا نصرة مصر. وربما لم يلق لهم نجاسة السياسة.

هذا كله ينقلنا إلى رد الفعل الشعبي وقت صدور قرار حجب المواقع، وإذا كان القرار إغلاق دور النشر أو مذبحة للمفكرين والكتاب والمدونين، فلن ترى رد فعل آخر طالما كان رغيف الخبز موجودا. وسيظل هكذا طالما نكتب ما لا يقرأه القارئ المستهدف ونتداوله فيما بيننا فقط.

الكتابة ليست حبا من طرف واحد. الهدف هو أن تصل فكرتك إلى أقصى عدد ممكن. ولن يحدث ذلك إلا إذا اتصلت بالشعب، الذي يفتح الإنترنت -في أغلبه- فقط لينشر (كوميكس) في عام 2017 على شاكلة نكات عام 2012 ويبحث عن المقاطع الإباحية. شراء الكتب عنده رفاهية، لا حاجة. فهو لا يهتم بك، ولكن الشعب لا يخذلنا.. نحن من خذلناه أولا حين لم نتصل به ونظرنا له كمجرد عدد.. مهما كتب المؤلفون لا يهم طالما هم لم يقرأوا.

نحن شعب سهل التوقع لا يخاف منه أي حاكم. لكن إذا كنا شعبا واعيا يعرف كيف يجب أن يعيش، وقتها سيصير الحكم في يد الشعب. وتكوين الوعي السياسي هذا يحتاج إلى سنين وبدونه سنثور من أجل اللقمة التي يسهل جلبها.

وفي النهاية كما قال جورج أورويل:

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل