المحتوى الرئيسى

تعرفوا على مصر وتاريخ ثوراتها عبر حكايات أشهر مقاهيها

06/18 11:15

ليست المقاهي دائماً أمكنة للتسكع أو شرب النرجيلة وقضاء أوقات الفراغ. إنها أيضاً صانعة للثورات ومستقبل البلاد عبر أدوار سياسية أدتها في حقبات تاريخية مفصلية.

كان المفكر الإصلاحي جمال الدين الأفغاني يتخذ من مقهى متاتيا الذي كان يقع في ميدان العتبة الخضراء بالقاهرة مكاناً لاجتماعاته وإلقاء خطبه السياسية.

وروى الباحث السياسي الدكتور عمار علي حسن لرصيف22 أن تلك الاجتماعات كان يحضرها عدد من السياسيين الذين قُدّر لهم أن يلعبوا دوراً سياسياً في ما بعد، مثل سامي البارودي الذي كان له دور في الثورة العرابية، وسعد زغلول الذي فجّر ثورة 1919، إضافة إلى الإمام محمد عبده.

وفي كتابه "أيام لها تاريخ"، ذكر أحمد بهاء الدين أن الأديب والزجال وخطيب الثورة العرابية عبد الله النديم، عندما ترك الإسكندرية إلى القاهرة يبحث عن ذاته وسط الأحداث السياسية التي كانت تشهدها مصر في نهاية القرن التاسع عشر، اتجه إلى مقهى متاتيا.

على مقاعدها البالية تعرّف على كل الشخصيات التي فجّرت ثورات مصر بعد ذلك، وتعرّف على مجموعة واسعة من الباشاوات والتجار والأعيان والمثقفين الذين كان يطلق عليهم اسم "الحزب الوطني"، واطلع على خبايا الجمعيات السرية التي كانت توزع المنشورات، وصادق الصحافيين الذين كانوا ينفثون السخط ويوجّهون الرأي العام.

أنشأ مقهى ريش النمساوي بيرنارد تسينبرغ عام 1908 لمحاكاة مقاهي المثقفين في باريس. وروى كامل رحومة في كتابه "المقاهي الثقافية في العالم" أن هذا المقهى كان له دور في ثورة 1919، وكان يحتوي على مطبعة سرية في أسفله (البدروم) وكان الثوار يستخدمونها في طبع منشوراتهم، وداخله تمت محاولة اغتيال يوسف وهبة باشا، رئيس وزراء مصر حينها، في 15 ديسمبر 1919.

واختبأ في بدروم المقهى محمد أنور السادات عام 1946 إبان اتهامه في قضية مقتل أمين عثمان (وزير المال في حكومة الوفد)، وكان الصحافيان علي ومصطفى أمين يرسلان إليه الطعام يومياً.

وعلى مقاعد هذا المقهى، خطط جمال عبد الناصر لثورة يوليو مع رفاقه، وخرجت منه تظاهرة سياسية سنة 1972 يقودها الأديب الكبير يوسف إدريس عند مقتل الروائي الفلسطيني غسان كنفاني.

وعقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1977 اعتصم الكاتب إبراهيم منصور بالمقهى، وارتدى قميصاً كتب عليه عبارات تُشَهِّر بالاتفاقية وبالرئيس الراحل أنور السادات، وقُبض عليه داخل المقهى.

ما زال مقهى الحرية يقع في ميدان باب اللوق بوسط القاهرة إلى الآن. وذكر رحومة أن المقهى أنشئ سنة 1936 على أنقاض منزل الزعيم أحمد عرابي، وكان له حضوره في المشهد السياسي إبان الحرب العالمية الثانية عن طريق رواده من السياسيين وكبار رجال الدولة، ومن مشاهير رواده السادات وكثيرون من الضباط الأحرار.

يقع مقهى إيزافيتش في قلب ميدان التحرير في القاهرة، وهو من أشهر مقاهي الستينيات، يملكه لاجئ سياسي يوغوسلافي. وبحسب رحومة، شهد المقهى عام 1971 اعتصام الطلبة الذي طالب بمحاكمة المسؤولين عن نكسة 1967.

قبل ذلك، كان مقراً لأحداث انتفاضة الطلبة سنة 1946 التي كان شعارها "يحيا الطلبة مع العمال" والتي جرت بها حادثة كوبري عباس الشهيرة حين فتحت قوات الاحتلال الإنكليزي الكوبري أثناء مرور الطلاب المتظاهرين عليه مما أدى إلى سقوط عدد منهم في النيل.

ومن فرط تأثر الكاتب الراحل لويس عوض بالمقهى، أهدى كتابه "بلوتو لاند" إلى "الفتيات الضاربات على الآلة الكاتبة، وإلى آكلات الساندويتشات في إيزافيتش"، قاصداً بذلك تخليد حركة اعتصام 1971 التي جسدت مواقف التعاطف المذهلة للشعب المصري مع الطلبة، والتي من مظاهرها أن السيارات الفارهة كانت تتوقف بالميدان ويفتح أصحابها صناديقها الخلفية ليخرجوا منها مئات الساندويتشات ويوزعوها على الطلاب تعاطفاً معهم.

وتحول المقهى الآن إلى معرض للسيارات.

هو المقهى الوحيد في منطقة ميدان التحرير الذي فتح أبوابه طيلة الأيام الـ18 للثورة حتى سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك، واشتهر الممر المؤدي إليه بنفس شهرته وسمي "ممر أفتر إيت".

وروى رحومة أنه رغم صغر حجم الشارع وضيقه الشديد، كان يزدحم بالمتظاهرين أثناء الثورة في ظل خوف بقية مقاهي وسط البلد من الأحداث والاشتباكات الدائرة، وكان المتظاهرون يعتبرونه "استراحة محارب"، فيأتون إليه للمبيت أو لقضاء حاجاتهم.

يقع في شارع خلفي ضيق يفضي إلى مقهى ريش القريب من ميدان طلعت حرب. وبحسب رحومة، اتخذه الثوار في ثورة 25 يناير مكاناً للاستراحة بين التظاهرات، حتى وصف المقهى بأنه استراحة المصابين في معظم أيام الثورة.

شارك غردمقهى فاروق في الاسكندرية... أوقفت صاحبته اليونانية الحسناء موكب الملك فاروق ودعته للجلوس فاستجاب

شارك غردالفيشاوي، الحرية، البورصة، أفتر آيت... المقاهي المصرية التي لا بد من معرفتها لأنها جزء لا يتجزأ من تاريخ أم الدنيا

أشهر مقاهي مصر قديماً وحديثاً، يقع في منطقة الحسين التاريخية منذ القرن الثامن عشر. وورد وصفه في كتاب "وصف مصر" لعلماء الحملة الفرنسية ويتردد أن نابليون بونابرت اعتاد الجلوس فيه لاحتساء مشروب الحلبة، بحسب رحومة.

وذكر أن مشاهير مصر وكبار رجال السياسة كانوا يترددون على المقهى مثل الأفغاني ومحمد عبده، وكذلك فعل كثيرون من رؤساء الدول والحكام والفلاسفة والسياسيين مثل إمبراطورة فرنسا أوجيني التي شاركت في حفل افتتاح قناة السويس الأسطوري.

كان مقراً لأدباء النوبة. روى حسن أن المقهى تعرض لانفجار عام 1993 بعدما زرعت الجماعات الإرهابية قنبلة به، لأنه كان مقصداً للسائحين إذ يطل على ميدان التحرير والمتحف المصري.

ولكن أعيد افتتاح المقهى في حفل جماهيري كبير حضرته مجموعة من المثقفين والفنانين، وتم توثيق الحفل في فيلم تسجيلي بعنوان "قهوة مضبوط للوطن".

يقع بمنطقة باب اللوق. ذكر رحومة أن المقهى سمي باسم جريدة اللواء التي كان يصدرها مصطفى كامل باشا في بدايات القرن العشرين، وكان من رواده ثلة من السياسيين الذين كانوا يتبادلون الآراء في أمور الشأن العام ومؤيدين لكامل.

يقع في ميدان الدقي بالجيزة، وهو مسمى على اسم إحدى الولايات الأمريكية، وكان ملاذاً للاجئين لأسباب سياسية، ومن أشهر رواده الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والروائي السعودي عبد الرحمن منيف.

أثناء ثورة 1919، انفصلت مدينة زفتى بمديرية الغربية عن السلطة المصرية، وأعلنت الجمهورية في الحادثة الشهيرة التي سميت بـ"جمهورية زفتى".

وروى بهاء الدين أن الثوار بقيادة شاب ثوري يدعى يوسف الجندي اتخذوا مقراً لقيادة الجمهورية الشعبية من مقهى يملكه يوناني عجوز اسمه مستوكلي.

على مقاعد المقهى، أعلن الجندي تشكيل لجنة للثورة من بعض الأعيان، والأفندية والمتعلمين، والتجار الصغار، وقررت اللجنة وضع يدها على السلطة الفعلية بالاستيلاء على مركز البوليس، وخرجوا على رأس تظاهرة ضخمة تسلح أعضاؤها بالفؤوس وفروع الأشجار، وكان لهم ما أرادوا إذ تسلموا المركز بأسلحته وخفرائه.

ثم اتجه المتظاهرون إلى محطة السكك الحديدية والتلغراف وسيطروا عليهما، ثم استولوا على عربات السكة الحديد التي كانت مشحونة بالقمح تنتظر إرسالها إلى السلطات الإنكليزية، وحفروا خنادق حول المدينة لمنع الإنكليز من دخولها.

على طاولة المقهى كُتبت قرارات الثورة وتعلمياتها وأخبارها، وطبعت في مطبعة صغيرة يملكها شخص يدعى محمد أفندي عجيبة.

استمر الحال كذلك حتى أرسل الإنكليز قوات أسترالية لمحاصرة المدينة والقبض على الثوار.

يتناقل التاريخ الشعبي لمدينة دمنهور خروج أهلها الدائم إلى التظاهرات السياسية من هذا المقهى، واعتباره منذ ثلاثينيات القرن الماضي مكاناً لانطلاق شرارة الفعل الثوري بالمدينة.

وذكر رحومة أن تظاهرات كانت تضم شيوخاً وقساوسة خرجت لنصرة الشعب الفلسطيني في حرب فلسطين عام 1948، وجمع تبرعات للجيش المصري حينئذ، كما خرجت منه تظاهرات مؤيدة للضباط الأحرار عندما قاموا بثورتهم عام 1952.

ذو طابع مقدوني، وبحسب رحومة فإن كلمة "ديليس" بالفرنسية تعني "البهجة" أو "السعادة"، وهو يطل على ثلاث شوارع رئيسية بمنطقة محطة الرمل بالإسكندرية وكان من زواره الدائمين الملك أحمد فؤاد وأخته الأميرة فوزية.

يطل على شارع إسماعيل صبري بحي الجمرك بمنطقة بحري بالإسكندرية. وأرجع رحومة سبب التسمية إلى إحدى زيارات الملك فاروق للمدينة سنة 1938، حين أوقفت موكبه صاحبة المقهى اليونانية الحسناء ماري بيانوتي، ودعته للجلوس في المقهى الذي كان يسمى "كاليميرا"، واستجاب الملك لطلبها وسط ذهول الآلاف المحتشدة، وطلب النرجيلة ومشروب القرفة بالزنجبيل.

وتزدان جدران المقهى بلوحات للملك فاروق في أوضاع شتى، منها ما يدخن فيها الشيشة، ومنها ما يمتطي فيها حصاناً.

تأسس سنة 1890 في مواجهة كورنيش الإسكندرية وعلى بعد أمتار من ميدان المنشية أسفل عمارة إنكليزية التصميم، وسبب التسمية يرجعه رحومة إلى كثرة رواده من التجار.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل