المحتوى الرئيسى

التطبيقات المشفرة لطلب الحشيش من الديلر بعيداً عن عيون الأمن

06/17 11:34

أطلقت الحكومة المصرية حملة إعلانية ضخمة بالاستناد إلى نجوم كبار، مثل اللاعب المصري في نادي روما، محمد صلاح، والممثل الشهير، محمد رمضان، تحت عنوان "أنت أقوى من المخدرات"، تزامنت مع حملة أمنية واسعة لاعتقال العشرات من تجار المخدرات، ولا سيما الصغار والوسطاء.

الهدف من ذلك هو محاولة للسيطرة، ومكافحة سوق المخدرات المتنامي في مصر منذ ثورة يناير.

اعتمدت الحكومة في حملتها الأمنية على تجار المخدرات، على العديد من وسائل الدعم الفني، كما يطلق عليها بالتعبير الأمني، ومن بين هذه الوسائل، يبرز التنصت على مكالمات وهواتف العديد من تجار المخدرات لتعقبهم واعتقالهم، كما يشرح العديد من الشباب الذين يشتكون من فقدانهم "ديلراتهم"، الذين أصبحوا خلف القضبان.

لكن أمام هذه الحملة المشددة، تمكن العديد من تجار المخدرات أو "الديلرز" كما يحب أن يسميهم المتعاطون، من استخدام وسائل اتصال بديلة للإفلات من هذه الحملة، وهي برامج التواصل المشفرة، لاسيما واتس آب وتليغرام في التواصل مع زبائنهم.

أصدرت الدولة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ترسانة من التشريعات تعطي للشرطة صلاحيات كبيرة لمراقبة المكالمات الهاتفية، ومواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما فيسبوك. لكن على الرغم من أن هذه الترسانة القانونية هي في الأساس ذات أغراض سياسية، فإن الصلاحيات الكبرى للشرطة أصبحت تستخدمها أيضاً في أنشطتها تجاه مختلف القضايا.

في تقرير يعود إلى نهاية أبريل 2016، أوضح موقع "ذا أنترسيبت" أنه مع تحول فيسبوك إلى سلاح غير آمن وسري في مصر، فإن المعارضين للنظام، بدأوا يتجهون إلى تطبيقات مشفرة مثل السيغنال والتليغرام للهروب من أعين النظام، لا سيما خلال التظاهرات.

لكن يبدو أن المعارضين السياسين ليسوا وحدهم الطامحين للتواري عن هذه العين، التي باتت كبيرة بعد الثورة، فتجار المخدرات يجدون في هذه التطبيقات جنة سرية لهم.

شارك غرد"منذ أن عثرت قوات الأمن على قطعة حشيش معي، أسعى لتأمين نفسي في كل مرة أريد فيها الحصول على هذا النوع"

شارك غرد"الدولاب" أي مجموعة من صغار التجار يقفون في شارع جانبي بالأحياء الشعبية يذهب لهم الشخص لـ"يقضي الحاجة"

يتذكر أحمد حسن، بابتسامة تحمل نوعاً من النوستالجيا، الديلر الخاص به، في منطقة بين السرايات، الذي تم اعتقاله مؤخراً، ضمن حملة مفاجئة. وأوضح أن غالبية الديلرز الذين كانوا في منطقته جرى اعتقالهم ضمن حملة موحدة الشهر الماضي.

"كثير من الأقاويل الدائرة في الوسط بالحي تفيد بأن من بين أسباب اعتقالهم هو التنصت على مكالماتهم الهاتفية"، مشيراً إلى أن هؤلاء الديلرز كانوا يستخدمون هواتفهم في التواصل مع زبائنهم، ضمن وسائل بيعهم.

في نهاية فبراير الماضي، تحولت قضية "كفتة" لقضية رأي عام في مصر، إذ فتحت السلطات تحقيق مع 6 ضباط بمديرية أمن القاهرة، بينهم ضابط برتبة عميد، بعد إثبات تورطهم مع تاجر مخدرات في التسهيل والترويج.

وبحسب بيانات للشرطة، فإنها قامت بتتبع تاجر مخدرات، يدعى رمضان كفتة، في منطقة المقطم، ورصد مكالماته الهاتفية، التي كان من بينها مكالمات مع ضباط بمديرية أمن القاهرة وأمناء شرطة.

ووفقاً للبيان، فإن قطاع الأمن العام تتبع المكالمات وأخطر وزير الداخلية، لفتح تحقيقات موسعة مع الضباط والأفراد، كما تم التنسيق مع شركات المحمول للحصول على قائمة مكالمات الضباط المتورطين.

يشير اللواء سامح الكيلاني، المدير السابق للإدارة العامة لمكافحة المخدرات، إلى أن مصر تتبنى إستراتيجية مكافحة مخدرات قائمة على شقين، أولهما خفض الطلب ومكافحة المعروض. وأوضح أنه مع الأزمات الأمنية الأخيرة، أصبحت حدود مصر الغربية مع ليبيا مفتوحة أمام الحشيش الآتي من المغرب.

فالشرطة المصرية طورت من إمكاناتها في التعامل مع مروجي المخدرات، وقد تصل في بعض الأحيان إلى الحصول على الدعم الفني، القائم على تعقب مكالمات، لا سيما للتجار الوسطاء والكبار والمسجلين سابقاً.

يوضح حسن أن هناك نوعين من الديلرز الذين يتعامل معهم، أولهما "الدولاب" أي مجموعة من صغار التجار عددهم 3 في المتوسط، يقفون في شارع جانبي بأحد الأحياء الشعبية، ويذهب لهم الشخص لـ "يقضي الحاجة"، بحسب تعبيره.

النوع الآخر، تجار أيضاً يتم التواصل معهم عن طريق الهاتف من أجل "طلب الحاجة"، في إشارة إلى المخدر المطلوب، وفي هذه الحالة، إما أن تذهب إليهم في مكان محدد لتأخذ من التاجر الكمية المحددة، وإما يأتي هو إلى منزلك.

يشرح علي سيد، مخرج سينمائي، الذي يفضل التعامل مع النوع الثاني، أن واحداً من كل 3 ديلرات تقريباً يتعامل معه بات يستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي، لا سيما واتس آب وتليغرام، نظراً للرقابة المشددة والحملات الأمنية التي تشنها قوات الأمن ضد الديلرز.

ويتابع مبتسماً: "دائماً يسبق تجار المخدرات الشرطة بخطوة، والكثير من الديلرز وحتى المتعاطون يسعون لتأمين أنفسهم"، موضحاً أن هذه التطبيقات شائعة أكثر بين ديلرات شباب منطقة وسط البلد والأحياء الراقية.

وعن طريقة تعامله مع هذا الديلر، يوضح سيد، المقيم بوسط البلد في القاهرة، أنه يراسل الديلر الخاص به، على الواتس آب، ليتفق معه على الكمية التي يريدها، وكذلك الموعد الذي سيأتي فيه الديلر إلى منزله.

ويبين سيد: "منذ أن عثرت قوات الأمن على قطعة حشيش معي في إحدى نقاط التفتيش في القاهرة عام 2015 ومحاكمتي، وأنا أسعى لتأمين نفسي في كل مرة أريد فيها الحصول على هذا النوع".

يقول علي صالح عن تجربته إن جزءاً كبيراً من تجار المخدرات الآن متعلم، وعلى اطلاع كبير بالتكنولوجيا والإنترنت، موضحاً: "هناك تغير كبير بدأ يطرأ على تجار هذه الأنواع من المخدرات. الكثير من الشباب المتعلمين جيداً يمتهنون هذا الطريق لسهولة الحصول على المكسب والعيش برفاهية، حتى وإن كانت مخاطرة". ويضيف أن دخول هذه النوعية من الشباب الجدد لهذه المهنة، أوجد طرقاً جديدة للتواصل مع الزبائن.

يتابع صالح: "هؤلاء الشباب يهتمون أكثر بسمعتهم وأمنهم، وبالتالي يضعون شروطاً مشددة لتأمين أنفسهم. وجاءت البرامج المشفرة كحل جيد يوفر المزيد من التأمين، والتواصل السري مع الزبون".

يعمل أحمد العمراني، كديلر، خلال دراسته الجامعية، ويوضح لنا شرط تغيير اسمه: "أتعامل مع جزء من زبائني على مواقع التواصل الاجتماعي، أما الجزء الآخر، فأحدثه عن طريق هاتف قديم يصعب مراقبته ويمكن الاستغناء عنه بسهولة لدى شعوري بأنني تحت التنصت".

يضيف العمراني: "بعد أن يتواصل معي الزبون، نتفق على المكان والزمان، ثم نلتقي في الشارع وكأنها صدفة، وبعد المصافحة، تكون قطعة الحشيش والمال قد تم تبادلهما بالفعل، وكأن شيئاً لم يحدث، وكل ذلك يجري في أقل من نصف دقيقة".

على الرغم من أنه لا توجد عوامل تقول إن هناك تأثيراً وتأثراً بين مصر وإسرائيل في هذه التجربة، لكن دائماً الحاجة هي أم الاختراع، كما يقول المثل.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل