المحتوى الرئيسى

حظوظى وحظوظهم | المصري اليوم

06/13 22:10

أسأل نفسى دائمًا، وأسأل زوجتى وعائلتى وأصدقائى وأكرر عليهم جملة استفهامية واحدة: هل أنا محظوظ برئاستى لتحرير «المصرى اليوم» في هذه الظروف؟ جريدتنا هي الأهم والأكثر مصداقية وتنوعًا وتأثيراً لدى الرأى العام. هي خط مستقيم وواضح بين الجرائد الرسمية «شبه الحكومية»، والأخرى المعارضة والتى اندثرت مؤخراً. أصدقاؤنا في كل الأماكن الحكومية والسياسية والمستقلة والمعارضة، لدينا إصرار على قول الحق أيًا كان الثمن. سبقنى إلى المنصب أصدقاء وزملاء أذكياء. أكثر منى خبرة وشهرة، حققوا الكثير. وبالطبع كنت أحلم بان أجلس على نفسى الكرسى الذي جلسوا عليه.

هل أعتبر نفسى محظوظًا؟ ربما تأخرت فرصى في الترقى خلال سنوات سابقة من عمرى. سبقنى الموهوبون من دفعتى- إعلام صحافة 1987- لكنى كما قال لى صديق وزميل: جئت من الخلف سريعًا لتكون بمحاذاة الناجحين. أحمد الله على نعمه وفضله.

ارتبط الرزق وترقيات العمل في حياتى برزق العائلة وبمولد أبنائى الأربعة. في جلسات الصفاء معهم، أمنح من ذاكرتى لكل واحد عنوانًا وتاريخاً من أعمالى وترقياتى السابقة والحالية. لكن يبقى «محيى الدين» مقترنًا ببداية انطلاق «المصرى اليوم» في 2004، أما الصغيرة والجميلة «زينة» فقد جاءت للدنيا قبل رئاستى التحرير بشهور معدودة.

من هذه الزاوية أنا «محظوظ»، وإذا أضيف إلى ذلك أن كثيراً من المصادر الرسمية ودعواتهم وتواصلهم وحتى شكاواهم لا تأتى إلا باسم رئيس التحرير.. لذا صرت مشهوراً أكثر بالطبع. زاد راتبى مع تضاعف مسؤولياتى المهنية والقانونية.

لكنى على أرض الواقع لا أعتبر نفسى محظوظًا على الإطلاق. تعود ذاكرتى للأيام الخوالى حيث الأعداد التجريبية ثم انطلاق العدد الأول في 7 يونيو 2004 والمانشيت الرئيسى «هؤلاء الوزراء يدمرون مصر»، وإلى جواره مقال افتتاحى لرئيس التحرير الصديق والأستاذ أنور الهوارى عنوانه «إلى عزيز مصر»، كان رسالة صريحة ومباشرة موجهة إلى مبارك وفريقه في الحكومة والحزب عن تراجع مستوى المعيشة وتردى حالات الحريات. الهوارى كان محظوظًا في هذا العدد وما تلاه في الشهور المعدودة التي تولى فيها عمله.

مجدى الجلاد زميلى الموهوب- والذى استمر في قيادة هذه الصحيفة بنجاح لنحو ست سنوات متصلة- كان قادراً على المناورة والكتابة بعمق. صناعة مانشيتات رائعة ولم يتعرض يومًا للمصادرة. هو صاحب «إنذار»، وهو مانشيت قد يقول البعض إنه جاء في مرحلة فاصلة وكان نظام مبارك يترنح وفى طريقه لكى يفقد سيطرته ونفوذه إلى الأبد.

على أرض الواقع وقبل ذلك كان مشتبكًا- ونحن إلى جواره- مع مبارك ونجله جمال والحزب الوطنى والحكومة.. ولم تصادر الصحيفة في عهده ولو مرة واحدة. لم تعرف أدبيات هذه المرحلة (2005- 2011) لغة المصادرة. توالى الأصدقاء من بعده، محمد سمير وياسر رزق ومحمد سلماوى وعلى السيد ومحمود مسلم، أكاد أجزم وأنا أتذكر مسيرتهم مع الجريدة- وأنا ابن «المصرى»- أنهم كانوا محظوظين عنى جميعهم. أتذكر أعدادا ساخنة، ملفات جريئة عن الشرطة والحريات وعجز الموازنة والعطش وأسرار المخابرات.. كلها مرت في سلام وهدوء. يقول لى أصدقاء في «صالة التحرير»: ستتبدل الظروف عندما ننتصر على الإرهاب، عندما نحترم مواثيق الشرف الصحفى وتطبقه الدولة على نفسها وعلى الزملاء الصحفيين المتجاوزين بحق خصوصيات المجتمع ورموزه. عندما تصل قناعة النظام أن يخرج من اللعبة الإعلامية تمامًا. عندما يدرك أنه لا يستطيع أن يعيد شعبا خرج في ثورتين خلال ثلاث سنوات إلى الوراء. وأنه لا تقدم إلا بتطبيق مواد الدستور والقانون. الحفاظ على الحريات العامة والخصوصية والتنافسية في المجتمع.

أعرف أصدقاء عاشقين للنظام الحالى ولرئيسه، لكن في حلقهم مرارة من تجاوزات هنا وهناك. من منع طباعة أعداد بعينها لصحف زميلة ومنافسة بسبب «مانشيت مختلف».. من تجاوزات بإغلاق مواقع إخبارية في الفترة الأخيرة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل