المحتوى الرئيسى

رد بارد من روسيا «الملسوعة» من الإرهاب | المصري اليوم

06/13 03:20

في تبرير الرد الروسى الرمادى أو البارد على اتهام دول عربية، في مقدمتها مصر والسعودية والإمارات، لقطر، بدعم وتمويل واحتضان الإرهاب – والذى يفترض أن روسيا اكتوت وتكتوى بناره وتعرف دور قطر فيه – قال معلقون روس ما معناه إنهم يخشون أن تكون العقوبات ضد قطر هي من قبيل التشطر على البردعة بدلا عن الحمار، والتغاضى عن معاقبة الكبار الذين أطلقوا اللعبة اكتفاء بضرب صبى المعلم. هناك منطق ما في هذا التبرير غير أن الملاحظ أن روسيا اكتفت رسميا بالدعوة إلى المعالجة السياسية للأزمة واحتواء الخلافات «لأن علاقتها بكل دول الخليج جيدة» كما قال الكرملين وقالت الخارجية، ولم تقل مثلا إنها ترحب بأى جهد دولى أمين وشامل لمعاقبة الإرهابيين ومن يمولهم أو يساندهم دون الوقوف عند محطة قطر وحدها.

تفسير ذلك أن البراجماتية الروسية هي المحرك الأول للموقف الروسى المشار إليه، إذا تأمل روسيا أولا في حلب منافع من السعودية والإمارات ومصر، قبل أن تتخذ خطوة جادة في أمر قطر والإرهاب، كما تأمل أيضا في أن تحصل على منافع إضافية- ومعلومات سرية- من قطر ذاتها قبل أن تعلن موقفا محددا حيال ممولى ومساندى الإرهابيين.

براجماتيا أيضا تنتظر روسيا أن يقود اضطراب منظومة إنتاج وتسييل وتصدير الغاز القطرى، الذي يمكن أن ينجم عن الأزمة إلى رفع الأسعار بقوة – وقد حدث – ما يصب الكثير من المنافع في جعبة روسيا المنتج الأول للغاز في العالم، كما أن الأمر سيتيح لروسيا مساحة أوسع للتأثير على أسواق الغاز عموما، والأسواق الأوروبية التي تصدر إليها قطر خصوصا وهى إنجلترا وإيطاليا وبلجيكا وبولندا.

صحيح أن وزن الصادرات القطرية إلى أوروبا هو أقل بكثير قياسا إلى ما تصدره قطر للصين واليابان وكوريا والهند، لكن حساسية العلاقات بين الدول الأوروبية الكبيرة، وروسيا تجعل لأى متغيرات لصالح الروس أبعادا أكبر من حجم التغيير نفسه.

إيران هي ثانى أكبر منتج للغاز عالميا، وهى تسبق قطر، في الوقت الذي تتقاسم فيه معها الإنتاج من حقل غاز الشمال (أكبر حقل في العالم )، والتوتر من زاوية يخدم إيران ليس فقط في توريد محاصيل غذائية إلى قطر أو السماح لطائراتها بالعبور من الأجواء الإيرانية، ولكن أيضا في رفع عوائدها من تصدير الغاز، بل إن بعض المعلقين الروس يرى أنه من المحتمل أن يعطل أي صدام يحدث إنتاج قطر – المحدود نسبيا – من البترول، ما يعيد التوازن إلى الأسعار مرة أخرى بما يخدم إيران – مرة ثانية- وغيرها من المنتجين كالسعودية وروسيا فضلا عن الشركات الأمريكية، وبما أن السعودية آخر من يمكن أن يتخذ إجراءات تخدم إيران، فمن المؤكد أن الموقف الرباعى الراهن- من مصر والسعودية والإمارات والبحرين- ضد قطر، هو حزمة تشمل ما لم نره بعد من أعمال للتأثير على إيران ليس فحسب لإفقادها ما ستربحه، ولكن أيضا سحب كامل رصيدها من المكاسب في المنطقة العربية، مع التنبيه إلى أن لمصر منظورا أوسع لقضية الإرهاب والأمن العربى من الرؤية السعودية.

كنت بين قلة من المحللين الذين دعوا منذ وقت مبكر في 2011، إلى التامل في خريطة إنتاج الغاز البازغة في المنطقة، والتى تؤشر إلى أن مصر ستكون من اللاعبين الأساسيين فيها، مع دول مثل قبرص بل وإسرائيل، لفهم ما بات متفقا على تسميته «سايكس بيكو الجديدة»، أي إعادة ترسيم الحدود بما يتفق مع متغيرات عصر الغاز، ومطامع القوى الخارجية والإقليمية فيه، ونبهت إلى أن احتضان قطر للإهاربيين وعلفهم بالمال والتخطيط والتدريب والمعلومات هدفه الأول تعطيل إنتاج مصر، وليبيا ولبنان وسوريا، من غاز البحر المتوسط، وإفساح المجال لأن يكون لتركيا – حليفة قطر – نصيب في ذلك الغاز، غصبا عن القانون الدولى والجغرافيا والإحداثيات، في مقابل أن تعمل تركيا من أجل مد خط للغاز في شمال سوريا من قطر عبر العراق فسوريا فتركيا ومنها إلى أوروبا، بما يخدم تقوية نفوذ قطر وتركيا، ويضعف مركز روسيا الغازى حيال أوروبا. وبما أن خط سوريا أصبح من الماضى، لتغير الموازين هناك، فمن الواضح أن وراء الأزمة خططا لجعل أمور أخرى تخص قطر من الماضى هي الأخرى، أهمها نفوذها في سوق الغاز والسياسة الدوليين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل