المحتوى الرئيسى

كارثتا يونيو 1967 ويونيو 2017 | المصري اليوم

06/12 22:16

ما زلت أذكر هذه المصيبة التى حلت علينا منذ 50 عاماً والتى لا يزال تأثيرها مستمراً حتى اليوم. عبدالناصر أكثر الرؤساء شعبية فى تاريخ مصر وكان له مستشارون ومساعدون فى كل الأمور الفنية من زراعة وصناعة وتكنولوجيا، أما فى الأمور السياسية فكان هو المفكر والمتخذ الوحيد للقرارات، وكان هيكل يجمل القرارات ويروج لها.

وفى مايو 1967 فوجئت مصر والعالم بعبدالناصر يعلن غلق مضيق تيران الواقع بين الساحل المصرى والجزيرة المصرية تيران أمام مرور السفن الإسرائيلية. الشعب كان يثق فى عبد الناصر وفى قوة الجيش المصرى. قلة من المصريين كانوا خائفين جداً على الوطن وليس عندهم ثقة كاملة فى قدرتنا. جاءت الفرصة لعبد الناصر للتراجع بعد زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ولكنه ركب رأسه وصمم على غلق المضيق.

كنت فى ذلك الوقت معيدا حديثا بالجامعة وكنت مهموماً ومرعوباً من المخاطر وحين أذاع راديو القاهرة أن ليفى أشكول رئيس وزراء إسرائيل صرح بأن إغلاق مضيق تيران هو بمثابة إعلان الحرب شعرت أن الكارثة قادمة.

وفى يوم الإثنين 5 يونيو صباحاً وبينما أعطى الدرس الإكلينيكى للطلبة فى قصر العينى سمعنا أصواتاً مكتومة من بعيد وبعد دقائق دخلت الحكيمة قاعة التدريس وهى تزغرد بأننا أسقطنا 70 طائرة إسرائيلية وأننا فى الطريق إلى تل أبيب!. كنت سعيداً بذلك ولكننى غير متأكد، وانفض الدرس وخرج الطلبة ومر هذا اليوم الأسود ونحن نظن أننا متقدمون إلى الأمام، وحاولت الاستماع إلى الإذاعات العالمية وكانت كلها عليها تشويش، وبعد منتصف الليل سمعت فى إذاعة لندن تصريحا لقائد الطيران الإسرائيلى بأنه تم ضرب سلاح الطيران المصرى بالكامل على الأرض وأن الحرب انتهت وسوف نصل إلى القناة فى ظرف 24 ساعة. وفعلاً انتهت الحرب ووافقت مصر على وقف إطلاق النار بعد احتلال سيناء ووصول القوات الإسرائيلية إلى الشاطئ الشرقى للقناة، بالطبع تم إغلاق قناة السويس وإعلان هزيمة مصر بفضيحة عالمية. واستشهد عشرة آلاف مقاتل مصرى ظلماً بدون قتال، وبسبب قرار كارثى غير مدروس.

الجيش المصرى كان غير مستعد للحرب. واستمرت رؤوس المصريين جميعاً منكسة يائسة لمدة ست سنوات وحدثت أكبر هجرة للعقول المصرية الشابة معظمها إلى الولايات المتحدة من 1967 إلى 1970.

انتهت كارثة 5 يونيو جزئياً عندما عبر الجيش المصرى القناة ورفع العلم المصرى على الضفة الشرقية وهى معجزة بكل المقاييس، واستطاع المصريون لأول مرة منذ 67 أن يرفعوا رؤوسهم، ولكن النهاية كانت احتلال فلسطين بالكامل ومرتفعات الجولان واستطاعت مصر أن تسترد أرضها بعد سنوات طويلة من التفاوض.

الكارثة الاقتصادية التى حدثت فى 5 يونيو كانت رهيبة، ومع كل هذا لم تكن مصر عليها أى ديون أجنبية.

مصر الآن فى مرحلة خطرة، يجمع كل الخبراء أن ظروفنا الاقتصادية سيئة وذلك بسبب ظروف خارجة عن الإرادة أما الأهم فهو الأخطاء الفادحة فى السياسات الاقتصادية. والشعب المصرى معظمه غاضب بسبب الفقر وارتفاع الأسعار، وجزء كبير غاضب على تسليم الجزر لأنه لا يوجد نظام فى الدنيا يفعل ذلك وسوف تظل هذه نقطة سوداء فى تاريخ مصر.

الضغوط على البرلمان شملت تنظيم سفرية برلمانية من 15 عضواً هاماً فى مجلس النواب علاقتهم جيدة بالنظام إلى أمريكا لمنعهم من التصويت لأنهم جميعاً كانوا رافضين لنقل ملكية الجزر. كما دُعى عدد من النواب إلى إحدى الجهات للضغط عليهم بالتصويت بنعم. ما يحدث كارثة برلمانية مخجلة!

الموضوع ليس فقط الجزر، الموضوع أن هذه الخطوة لامتصاص مصر بالتدريج والتنازلات قادمة لا محالة وسوف تتوالى وسوف يجد النظام المصرى نفسه فى مأزق كبير، إسرائيل سوف تهمش قناة السويس بأكثر من طريقة، الوعود بالاستثمارات سوف تذوب تدريجياً والعلاقات القوية سوف تكون بين إسرائيل والسعودية، ومصر سوف تصبح دولة هامشية فى كل شىء وسوف نصبح عبد المأمور كل يوم نتلقى أمراً وتهديداً. إذا لم نقف للدفاع عن أنفسنا وعن أرضنا فلن يكون لنا مكان فى هذا العالم وسوف ترون. هزيمة يونيو 2017 تماثل هزيمة يونيو 1967 بعد خمسين عاماً، وهى استمرار للكارثة الأولى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل