المحتوى الرئيسى

انفراد| الفساد المالى يضرب «الهيئة القومية لضمان جودة التعليم العالى»

06/12 14:56

ملف ضخم ومستندات مهمة، حصلت «اليوم الجديد» على نسخة منها، موجودة حاليا على مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، ورئيس هيئة النيابة الإدارية المستشار على رزق، ورئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، تكشف عن مواطن الخلل والفساد، داخل الهيئة القومية لضمان جودة التعليم العالى، وذلك على مدار عدة سنوات وعقب توالى قيادات ومسئولين فى الهيئة ورؤساء لها.

هذا الملف يظهر لنا حقائق وهى أن ما يحدث من انهيار لمستوى التعليم فى الجامعات والطلاب، شىء طبيعى عندما نكتشف أن واحدة من كبرى الهيئات المشرفة على العملية التعليمية فى مصر، وهى الهيئة القومية لضمان جودة التعليم العالى، قد ضربها الفساد، وانهارت على المستوى المحلى والعربى والدولى، حتى تذيلت ترتيب الهيئات على مستوى المحافل العربية والعالمية، ورُصد فيها فساد تجاوز تقريبا نحو 25 مليون جنيه.

أبرز االمستندات التى حصلنها عليها، عبارة عن التقرير المالى لمديرى الهيئة، وهما حسام الدين زكى السيد، ويحيى عبد الحميد الشاعر، وكذلك الاستقالات التى تقدم بها أعضاء بمجلس إدارة الهيئة، وفى مقدمتهما استقالة الدكتورة نادية بدراوى، وهى أستاذة طب الأطفال بجامعة القاهرة، ورئيس الشبكة العربية لضمان الجودة فى التعليم العالى، والدكتور حسام الدين عبد الغنى الصغير، عضو مجلس إدارة الهيئة، وكذلك بلاغات ووثائق على مكتب النائب العام ورئيس هيئة النيابة الإدارية، ورئيس مجلس الوزراء.

قائمة الفساد المالى والإدارى داخل الهيئة، من واقع المستندات، تبدأ بالاستيلاء على ملايين الجنيهات من مخصصات وزارة التعاون الدولى، والاستيلاء على مبالغ مالية فى صورة سلف مستديمة، ورفع راتب رئيس الهيئة من قبل شخصه إلى 65 ألف جنيه شهريا، قبل إقرار الحد الأقصى للأجور، وبعد إقراره قرر خفض الراتب إلى 42 ألف جنيه وهو الحد الأقصى للأجور الذى قررته الحكومة.

وأيضا هناك ازدواج صرف لجان متعددة فى اليوم الواحد وأثناء مواعيد العمل الرسمية، ويصرف الحد الأقصى عن كل لجنة تعقد، بالإضافة إلى أن لائحة بدل السفر غير قانونية، ولا تتماشى مع لائحة السفر الخاصة بالحكومة، وغير معتمدة من قبل مجلس إدارة الهيئة، كما يتم صرف بدلات بأكثر من الحد الأقصى، وتم تعديل اللائحة الداخلية للصرف للتستر على الوقائع وغيرها من المخالفات.

وتشمل قائمة الفساد أيضا شراء أتوبيس للهيئة بمبلغ 250 ألف جنيه، ولم يستخدم مما أدى إلى هلاكه لعدم الاستخدام، والهدف من شرائه كان فقط الحصول على العمولات، وهو ذات الأمر مع شراء ماكينة فرم مستندات بمبلغ 79 ألف جنيه بمقر الهيئة بفرع شبرا، ولم يتم استغلالها والتى تلفت نتيجة سوء التخزين.

وكذلك تعيين سائق خاص بزوجة رئيس الهيئة السابق، الدكتور مجدى قاسم، لنقلها من جامعة بنها إلى محل إقامتها بشبين القناطر، بالقليوبية، وهو فى مقر الهيئة بفرع جامعة بنها، ويتقاضى راتبا ومكافآت وبدل انتقال من المال العام ولا يوجد عربة بمقر الفرع أو خط سير لذلك.

شىء آخر هو انتداب شيماء جمال الدين من وزارة التربية والتعليم، لتعمل بعض الوقت، فى حين أنها موجودة طوال الوقت وتتقاضى كل الامتيازات بالهيئة من راتب ومكافآت وبدل انتقال، ولا يتم سداد أى مبالغ تأمينات لجهة عملها الأساسية، وبذلك فهى تتقاضى راتبها بالكامل من جهة عملها الأصلية.

الأكثر من ذلك أنه تم انتداب المستشار أحمد محمد على الطباخ، من النيابة الإدارية، للاستعانة به فى إرهاب موظفى الهيئة، حيث حرر محضرا لـ18 موظفا عندما طلبوا إصلاحات فى الهيئة وأفرج عنهم من سرايا النيابة العامة بكفالة مالية 100 جنيه لكل موظف وتم عمل قضية للموظفين بذلك.

وتتضمن قائمة الفساد الإدارى أيضا، عدم وجود شفافية فى عرض الموضوعات وجدول أعمال الجلسات، وعدم وجود مضبطة لتسجيل جلسات مجلس الإدارة ومحاضر اجتماعاته، وهى ذاكرة المجلس التى يستفيد منها مستقبلا أى مجلس إدارة جديد، وعدم مراعاة القواعد الحاكمة لعمل المجلس، وإدراج موضوعات مهمشة جدا تحت بند ما يستجد من أعمال أثناء انعقاد الجلسات.

ورُصد أيضا عدم وجود نظام داخلى للجودة بالهيئة أسوة بما يحدث فى جميع الهيئات العالمية والعربية، رغم وجود أعضاء بمجلس إدارة الهيئة على اتصال وخبرة دولية وتقدموا بعروض إلى رئيس الهيئة لمساعدة الهيئة فى مصر لتطبيق نظام جودة أسوة بالهيئات المماثلة فى العالم.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك انخفاض وتدهور الأداء الفنى لمستوى المراجعين الخارجيين بشكل كبير، وتذيلهم قائمة المراجعين الخارجيين فى الدول العربية والأوروبية والأمريكية، ومستوى تدريبهم لا يرقى لمستوى بلد فى حجم مصر، وكانت المحسوبية هى معيار الاختيار لهم فقط والإبقاء عليهم، رغم أن فى مصر مراجعين خارجيين تدربوا على أيدى خبراء عالميين، وتم استبعادهم من العمل فى الهيئة، واستفادت بهم الهيئات العربية، حيث يسافر الكثير منهم كمراجعين خارجيين لمؤسسات التعليم العالى فى الخارج.

كما أن العلاقات الخارجية للهيئة ليست على المستوى المطلوب ومنهارة، فالهيئة لا تمثل فى أى اجتماعات عربية، وأصبحت سمعتها لا تليق بمكانة وريادة مصر، فى هذا المجال بالرغم من أن فلسفة إنشاء الهيئة وقانونها كانا الرائد لكل دول المنطقة، وكانت مصر المثل الذى يحتذى فى المبادرة بإنشاء الهيئات العربية، وانخفاض مستوى تقارير الاعتماد، حيث إنها دائما ما تكون أقل من المستوى المطلوب، ويوجد بها العديد من الأخطاء اللغوية.

بجانب ذلك، هناك عدم وجود مستشار قانونى للهيئة، والاكتفاء فقط بـ«لجنة تظلمات» تم تشكيلها بعد ضغوط عديدة من قبل أعضاء بمجلس الإدارة، ولم يتم تفعيلها، وافتقار الهيئة لخطط استراتيجية للعمل، ووجود الصراعات الدائمة وعدم التعاون بين رئيس الهيئة ونوابه.

النيابة الإدارية من جانبها، حققت فى المخالفات المرصودة، وكشفت غيرها، وقررت إحالة الملف بالكامل إلى النائب العام، بعد أن كشفت التحقيقات عن مخالفات تندرج تحت بند جرائم الاستيلاء والعدوان على المال العام، وهى الجرائم الجنائية التى تستوجب المساءلة الجنائية، وليس المحاكمة التأديبية فقط من النيابة الإدارية.

وتبين أن رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم الدكتور مجدى قاسم، ونوابه، حصلوا على مكافآت دون وجه حق تجاوزت قيمتها الـ15 مليون جنيه، بخلاف منح قيادات الأمانة العامة بمجلس الوزراء 750 ألف جنيه رغم عدم أدائهم أى أعمال للهيئة.

كما اتضح أن مدير حسابات الهيئة المنتدب من وزارة المالية، محمد عبد الصمد حصل على مكافآت جملتها 542 ألف جنيه من هيئة ضمان جودة التعليم خلال فترة عمله بها أول يوليو 2008 حتى نهاية أكتوبر 2012 بالمخالفة للقرارات الوزارية التى تحظر ذلك. كما وافق على تحويل 200 ألف دولار -قرابة 3 ملايين و700 ألف جنيه- من حساب الهيئة خاص باسم رئيس الهيئة بالبنك التجارى الدولى فرع عباس العقاد بالمخالفة للقانون، وأهمل أيضا فى مراجعة مستندات الصرف الخاصة بالأجور والحوافز والمكافآت المقررة لرئيس الهيئة ونوابه الثلاثة.

ولم يعترض عبد الصمد على صرف تلك الأموال ما ترتب عليه مكافآت غير قانونية وأجور دون وجه حق إلى الدكتور مجدى عبد الوهاب قاسم بلغت جملتها نحو 7 ملايين جنيه، وبنواب الدكتور أشرف هشام برقاوى والدكتور صفاء محمود عبد العزيز والدكتور حمدى عبد المعطى نصار بلغت جملتها 4 ملايين و210 آلاف جنيه بموجب لوائح غير معتمدة ومخالفة للقرار الجمهورى الذى حمل الرقم 263 لسنة 2008.

وتبين من التحقيقات أن هيئة ضمان جودة التعليم تنفق أكثر من 500 مليون جنيه فى العام الواحد، ولم يعتمد سوى 1000 مدرسة منها مدارس لا تستحق الاعتماد 2.2% حيث لم يتم تحقيق الرسالة التى أنشئت من أجلها الهيئة بسبب الدكتور مجدى قاسم.

وكشفت التحقيقات أنه تم صرف 742 ألف جنيه لعدد 42 شخص من غير العاملين بالهيئة دون وجه حق، وعدم أدائهم أى أعمال للهيئة منهم قيادات بالأمانة العامة لمجلس الوزراء لتزكية رئيس الهيئة لدى رئيس الوزراء للبقاء فى منصبه فقط، وأبرزهم اللواء سامى سعد زغلول أمين عام مجلس الوزراء، والذى تقاضى مبلغ 120 ألف جنيه مكافآت اجتماعات مجلس الإدارة لمدة عام رغم عدم حضوره أى اجتماعات.

عزل رئيس المجلس وأعضائه السابقين، والإتيان بمجلس جديد حالى على رأسه رئيسة الهيئة الجديدة، يوهانسن يحيى محمد عيد، لم يوقف الفساد والمخالفات المالية والإدارية التى توغلت فى الهيئة منذ سنوات، بل إن المخالفات استمرت وزادت، وذلك وفقا لما تم رصده فى البلاغ رقم 23979 عرائض النائب العام، والذى أمر النائب العام، التحقيق فيه بشكل رسمى، وضمه إلى ملف فساد الهيئة.

وكشف البلاغ أن هناك رواتب ومخصصات مالية تصرف لرئيسة الهيئة ونوابها من مجلس الإدارة، بأضعاف رواتبهم الحقيقية المستحقة وذلك بالمخالفة للقانون الخاص بإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم، والاعتمادات المالية لها والتى أعيد ترتيبها بعد وضع وإقرار قانون الحد الأقصى للأجور.

وتنص المادة 14 من القانون، على أن يعامل رئيس مجلس إدارة الهيئة ذات المعاملة المالية لرئيس الجامعة، وعلى هذا الأساس تم اعتماد مخصص مالى لها مواز للمعاملة المالية لرئيس جامعة القاهرة، على أن تتقاضى مبلغ 6824 جنيها، وذلك من واقع كشف مفردات الراتب المستخرج لرئيس جامعة القاهرة المماثل لها فى الدرجة.

إلا أنه بالرجوع إلى ما تتقاضاه رئيسة الهيئة تبين أنها تتقاضى مبلغ 40 ألف جنيه شهريا كراتب، بالمخالفة للمعاملة المالية لرئيس الجامعة، وبأضعاف راتبها الرئيسى، وذلك كمخصصات مالية ليس لها وجود أو سند قانونى.

بالإضافة إلى منح نواب رئيس الهيئة من أعضاء مجلس الإدارة، رواتب وصلت إلى 17 ألف جنيه شهريا، وذلك أيضا بأضعاف الرواتب الفعلية المستحقة، وبالمخالفة للمعاملة المالية لنائب رئيس الجامعة.

ملف الأموال المنصرفة كمخصصات مالية غير مستحقة، لم تتوقف عند هذا الحد بل إنها شملت أيضا حصول 6 مستشارين للهيئة على رواتب بلغ إجماليها 60 ألف جنيه شهريا، بواقع 10 آلاف جنيه لكل مستشار.

المخالفات المالية المرصودة بالملف شملت أيضا، إعداد لائحة مالية دون اعتماد، حيث قامت رئيسة الهيئة بإعداد لائحة مالية جديدة وإرسالها إلى وزارة المالية للاعتماد، وقيامها بالصرف على أساس هذه اللائحة المالية لكل المستحقات المالية بالهيئة دون ورود اعتماد من وزارة المالية على هذه اللائحة، وذلك لشهور عديدة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل