المحتوى الرئيسى

محمد أبو وردة يكتب: بكاء الأطلال المضحك | ساسة بوست

06/12 11:08

منذ 1 دقيقة، 12 يونيو,2017

نستعيد الذكريات دومًا، ولكن ما جدوى هذا؟، لا بأس إن كانت هذه العودة إلى الماضي تريح أنفسنا وتدخلنا في تفاصيل كنا نحياها بمتعة وجمال، إن كانت تهدي أنفسنا إلى رسم خطى جديدة نحو المستقبل لتسد ما هو ناقص من فجوات توصلنا إلى حقيقة ما أو معرفة جديدة، لا بأس إن كانت هكذا.

ولكن، لنعلم جيدًا أن تأثير الماضي على أنفسنا له عواقب وخيمة، أقصد هنا ما يكون مصحوبًا بمعتقدات واهية أو أفكار هدامة.

يجب أن نعود أنفسنا وندرب عقولنا على محاولة فهم أن الماضي ليس حاضرًا، إنما هو زمن سابق، نشتشهد بمواقفه الجميلة والمفيدة ونأخذ منها العبر والعظات، وأيضا نحاول أن نتجنب أخطاء ارتكبناها وأن نبتعد عن أفكار اعتقدنا صدقها ودلالاتها.

من هنا يصبح العقل لديه قدرة قوية على مقاومة الأفكار الهدامة لأن لديه ذاكرة ليست مركبة من الماضي فحسب، بل تاريخ مليء بالعبر والعظات التي تساعده في فهم ورسم المستقبل، وأخذ وتصفية الأفكار القوية، ومحاولة ترويضها مع الحاضر إن أمكن.

من منا لا يستشهد بشخصيات ماضية؟، هنا المسألة بعينها، ولكن الخلاف هنا بمن نستشهد، أو من تطيب لهم أنفسنا. الكثير يحاول دائما قول جملة «لو كان فلان أو علان»، ولن يكن طبعًا، بل لو كان له بقاء في الدنيا لبقي.

هناك الكثير من الشخصيات التي ما زلنا نردد أسماءها ونعطيها ما لا تستحق من القيمة والسلطان وهي ليس لها أي أهمية في حياتنا إلا مجرد اسم لمع في زمن تصادف وجودهم بجمال الفترة، فنستشهد بهم دومًا ونتباكى على أيامهم ولياليهم ونقول لو أنهم بيننا، مع أنهم كانوا ولم يستطيعوا فعل شيء، هنا يجب أن تكون دعوة لدراسة تاريخ شخصيات اعتقدنا فيها الخير والرجاء وهي على العكس.

لو أدركنا ما فعله الغرب، وما هو الفرق بين عقول تفكر مستقبلًا وعقول تبكي على ماضيها، على رجال لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا وبالرغم من ذلك هم رموز في عقولنا، وهذا خطأ، فكر قليلًا وحاول أن تميز.

«أيام زمان كانت أحلى»، عبارة لن يتخلى عنها كل باك على أطلاله، لا شك إنها في بعض الأحيان تكون كلمات حقيقية أو تعبر عن ماض جميل، ولكن النقطة الأهم، لماذا؟! – هل أعطينا الحاضر فرصة ليكون أقوى وأعمق لكي نتخلى عن التخيلات التي ربما تكون غير واضحة وجلية وإنما هي إرجاع العقل الباطن للوراء فقط؟

هذه ليست دعوة لمحو الماضي، ولكن سبق وذكرت يجب الاستفادة من الماضي وليس البكاء عليه وعلى جنوده الذين يمكن أن يكونوا هم عوامل فشل الحاضر، وإنذار الخطر للمستقبل.

للمفارقة، هناك الكثير من الأشخاص الذين أثروا في تنمية أفكارنا وعقولنا، والمساهمة في نشر التوعية والفكر ومساعدتنا دومًا في الصعود إلى الأعلى.

ولكن لا نريد أن نملأ عقولنا بأشخاص لمجرد تنصيبهم مناصب لم ينجزوا من خلالها أي شيء، فقط يتنعمون بالتوصيف والحب الجاهل لهم، هذه المؤثرات وغيرها هي من جعلت من أشخاص ليس لديهم إنجازات تذكر يحملون الحب والانتماء من عامة الشعب الذي طالما أذعن لمثل هذه الشخصيات.

إذن، يجب أن يكون هناك تمييز بين رجال الماضي الذي يمكن أن نستمد ثقافتنا منهم وبين أشخاص رددنا أسماءهم فقط لأننا سمعنا أهالينا أو من هم حولنا يرددون هذه الأسماء دون وعي ودراسة وتمحيص.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل