المحتوى الرئيسى

ملايين «رامز» الحلال | المصري اليوم

06/11 22:37

عندما ينطلق مدفع الإفطار، يبدأ ذكر الله ويرتوي الظمأ ويسير الطعام في طريقه إلى المعدة بعد طول الصيام.. ويظهر رامز جلال.. وتعلو مع وجهه على الشاشة صيحات الصغار مرددين في فرحة عارمة أغنية تتر برنامجه السنوى في استمتاع طفولى بمرح الكلمات وشقاوة الولد العفريت الذي تجاوز الثلاثين من العمر ويتصرف كالمراهقين المتفجرين بالطاقة والحيوية وخفة الحركة واللفظ ليغازل الشباب الحالم بالشهرة والبريق الإعلامي.. وفي كل عام يطل «رامز» من نافذة «إم بي سي مصر» الذهبية يقدم- في ثوب «بابا نويل» الرمضان- الهدايا لملايين الأطفال الذين لا تخلو أي أسرة منهم، في صورة مقالب تستهدف نجوم الفن والرياضة والمجتمع، وجوهر لعبة رامز ليس في نوعية المقلب أو ملابساته أو تفاصيله، وإنما في فكرة أن هناك «فخا» أو «مصيدة» يصطاد بها النجم كما يفعل الفأر الصغير بالقط الكبير في «توم وجيري» رائعة عالم «والت ديزني» الكارتونى.

وبالفعل نجح رامز الشقي في جذب الأطفال الأبرياء بـ«الضحك» على زملائه وأصدقائه، معتمدا على أن جمهوره العريض من الصغار لا يبالون بكون الحلقات «مفبركة»، والنجوم يحصدون أسعارا فلكية مقابل مشاركتهم، وأن الولد العفريت يستغل الحلقة في السخرية من النجم وإغراقه بالإفيهات والتعليقات التي تنتقده على طول الخط، فضلا عن تورط النجوم- بإرادتهم واختيارهم- في التفوه بألفاظ نابية وسب الولد المشاكس علانية بما ينم عن بيئة ومستوى هؤلاء النجوم الذين تقدر أسماؤهم حاليا بالملايين مقارنة بمن يفوقونهم في العلم والثقافة والأخلاق والقيمة الإنسانية!

لم يكترث «رامز» معجزة برامج «الكاميرا الخفية» في نسختها الجديدة بكل هذه السلبيات لأنه ببساطة مارس التجارة بذكاء ولعب على سيكولوجية الطفل المصري المغرمة بالمقالب وجو المغامرات، وشخصيته الطاغية في فرض رأيه على أبيه وأمه بعدم تغيير مؤشر القناة إلا بعد أن ينتهى البرنامج، حتى خلال الفاصل الإعلاني.. ولابد أن يمتثل أفراد الأسرة لرغبة الطفل تجنبا لصراخه وغضبه واندلاع النار في البيت.. ومن هنا يبدأ «رامز» في جني محصوله من نسب المشاهدة المرتفعة ليبلغ سعر الدقيقة الإعلانية الكاملة ٣٠٠ ألف جنيه، علما بأن المدة الإعلانية في البرنامج تصل إلى ٢٥ دقيقة، وتُوزّع على ٣ فواصل أثناء عرض الحلقات، بما يعنى أن حصيلة الحلقة الواحدة من برنامج رامز تحقق ما يقرب من ٧ ملايين و٥٠٠ ألف جنيه، وخلال الـ ٣٠ حلقة طوال الشهر الكريم يحقق رامز فقط، ما يقرب من ٢٢٥ مليون جنيه أرباحا للعبته التي لم تتكلف سوى ٨٠ مليونا فقط بكل نفقات البرنامج والثمن الباهظ الذي يتقاضاه ضيوفه المشاهير!

كانت هذه الأرقام الأخيرة هي ثمرة برنامج «رامز بيلعب بالنار» العام الماضى، ومن المؤكد أن «غلة» تحت الأرض هذا العام قد تضاعفت أو على أقل تقدير حافظت على منحناها.. وأولا وأخيرا مايحدث في سوق البرامج والفضائيات بمنطق العصر الحالي هو تنافس للسلع والمنتجات الإعلامية، وبضاعة «رامز» تكسب الموسم باختراقها عقل وخيال ومشاعر الأطفال.. ثم فتح شهية الكبار لمعرفة وكشف حقيقة نجوم المجتمع الذين من المفترض أن نستمد منهم القدوة والنموذج والتميز!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل