المحتوى الرئيسى

مفوضية مكافحة التمييز

06/10 20:55

فى هذه المرحلة المحتدمة والكلام الغير مجدٍ يجب أن نفكر فى منافذ لاختراق هذا الجمود وهذا التردى فى تكرار أفكار بالية لم تعد تناسب الموقف ولا العصر، وسوف أصر على تحقيق فكرة المواطنة إلى أن تتحقق مهما كلفنى ذلك. فالدستور ينص على المواطنة فى بنده الرئيسى ويخرق هذا النص التمييز بين أبناء الوطن بكل أنواعه.

نصَّ دستور 2014 على مكافحة جميع أشكال التمييز بين المواطنين سواء كان تمييزًا عرقيًا أو دينيًا أو جنسيًا أو اجتماعيًا.. إلخ وهو ما اعتبره الكثير نقلة نوعية فى قواعد التشريع المصرى تجاه تحقيق المساواة حيث نصت المادة 53 من الدستور المصرى 2014 ونريد أن نذكر كل من يريد أن ينسى أو يتناسى بنص المادة:

«المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم على أساس الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض».

نصَّ السطر الأخير من المادة على إنشاء مفوضية لمكافحة جميع أشكال التمييز، والذى يعد ترجمة وتطبيقًا فعليًا لنص المادة. مما يتطلب وضع آليات جادة لضمان خروج مفوضية تتغلب على أشكال التمييز.

ويعلم الجميع الظروف التى تمر بها البلاد الآن والتى تجعل من مشروع قانون إنشاء مفوضية تمنع جميع أشكال التمييز بين المواطنين من أهم القوانين على الإطلاق لعلاج أزمة راسخة فى المجتمع المصرى، فمن تمييزٍ ضد من هو غير مسلم لتمييزٍ ضد المرأة لتمييزٍ ضد الفقير وأشكال مختلفة من التمييز يعيشها المجتمع المصرى أخيرًا للأسف. فمن الواجب على الجميع أن يكون إنشاء مثل هذه المفوضية من أولويات العمل السياسى والحقوقى المصرى وخاصة الفترة الأخيرة بعد انتشار أعمال عنف وقتل وإرهاب ضد المصريين الأقباط.

فلم نستطع بعد ثورة 25 يناير و30 يونيو أن نرى محافظًا مصريًا قبطيًا أو رئيسًا لجامعة أو عميدًا لكلية أو فى مناصب حساسة فى الدولة حتى الوزارات التى كان يمثلها ثلاثة أو أربعة أقباط اقتصرت أخيرًا على واحدة. فهل تعد هذه رسالة إلى المواطنين أن من يتولى المناصب فى مصر يتولها على أساس التمييز وليس على أساس الكفاءة!!

هذا بجانب ما انتشر من عنف ضد المرأة وتمييز ضدها فى بعض مجالات العمل وضعف التشريعات القانونية التى تتصدى لمثل هذا التمييز. والقصور والعجز الواضح من الدولة للتصدى لمثل هذه المشكلات بجانب المشكلات العرقية المتفاقمة فى الآونة الأخيرة التى تسببت فى إزهاق أرواح مواطنين دون سبب وتهديد حياة آخرين.

وقد قتل هذا الموضوع بحثًا من قبل الباحثين والمنظمات الحقوقية لكى يخرج على أتم وجه مفعلا وحاسما وقاطعا فى حل كل مشكلات التمييز التى يمر بها المجتمع واستقر الغالبية منهم على ضرورة أن يتسم مثل هذا النوع من المفوضيات بثلاث صفات أساسية لا غنى عنها وهى:

الاستقلال: ويقصد أن تتمتع المفوضية بحرية كاملة دون التدخل من قبل السلطة التنفيذية سواء فى اختيار أعضائها أو ما يخرج عنها من تقارير.

الشفافية: وهنا المقصود أن تتمتع الدولة بالشفافية فى إتاحة كل المعلومات اللازمة للمفوضية والتى تساعدها فى إخراج عملها بالدقة المطلوبة، والشفافية من قبل المفوضية فى إعلان تقارير عملها وتحليلها الدقيق للرأى العام أجمع.

الفاعلية: وهنا حاول الباحثون الخروج من الإطار التقليدى للمجالس القومية التابعة للدولة سواء كان للمرأة أو لحقوق الإنسان. فالمجالس أصبحت قاصرة فقط على البحث وكتابة التقارير حيث يصعب عليها فى كثير من الأحيان تقديم وتفعيل حلول حقيقية، لذلك طالب الحقوقيون والمنظمات ومنهم تقرير صادر عن منظمة نظرة للدراسات النسوية بمطالب محددة حتى يتم تفعيل حقيقى للمفوضية بالآتى:

1ــ إلزام جميع جهات الدولة بمساعدة المفوضية فى أداء عملها.

2ــ فتح المجال العام أمام المفوضية.

3ــ قدرة المفوضية على تقديم بلاغات باسمها للجهات المختصة.

4ــ إنشاء نيابة ومحكمة مختصة لسرعة الفصل فى قضايا التمييز على غرار نيابة ومحكمة الأسرة.

وقد ذكر التقرير أن تلك النقاط يمكن اعتبارها مدخلًا لتصور مشروع إطار تشريعى حاكم لعمل المفوضية وكما ذكرنا أن قانون إنشاء المفوضية لا بد أن يكون من أولويات البرلمان المصرى لمكافحة جميع أشكال التمييز الموجودة فى المجتمع المصرى فى الوقت الحاضر. فمتى يلتفت نواب مجلس الشعب لأهمية إنشاء مثل هذه المفوضية وتفعيلها على أرض الواقع.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل