المحتوى الرئيسى

القضاء «مسئولية ــ مبادئ ــ رجال ــ مهارات» 16ــ مسئوليات قاضى القضاة

06/10 20:55

قاضى القضاة هو لقب رأس المؤسسة القضائية، أو رأس مؤسسة العدالة.. ذلك المنصب الذى ابتكره هارون الرشيد سواء من عقله وفقهه أو من تأثره بما سمع من تنظيمات لدى الحضارات الأخرى، إذ لا حرج على المسلم أن يجتهد أو أن يقتنع بما يجده عند الآخرين، ما دام ذلك الأمر المستورد يتوافق مع شريعتنا وحضارتنا ويناسب الواقع.. ومن يومها ومعظم دول ودويلات أمتنا وكذلك شعوب ودول أخرى وهى تعتمد منصب قاضى القضاة حتى يومنا الحالى.. وفى بلادنا مصر ــ رد الله عليها العافية والصحة ــ لا زلنا نتمسك ونفتخر بمحافظتنا على ذلك المنصب مع دوام تطويره. فمنصب قاضى القضاة هو عين منصب «رئيس محكمة النقض»، وإن اختلفت بعض الاختصاصات نتيجة لكثرة الوثائق الدستورية. فمحكمة النقض المصرية والتى كانت تسمى سابقا «محكمة النقض والإبرام» هى أرفع سلطة قضائية..

ولا تنسى أن بعض كتب الفقه ــ الاجتهاد البشرى ــ قد تتضمن آراء ظاهرها أنها تزيد هيبة الحاكم لكن حقيقة تلك الآراء أنها تدق أسافين انعدام الثقة فى المناخ العام، كما أنها تصيب عاطفة الانتماء والولاء للوطن بالفتور والضعف. فبعض كتب الفقه ــ لشديد الأسف ــ تعالج قضايا الواقع معالجة خاطئة فيبدأ بمقدمة شديدة الخطأ والخطورة ألا وهى قياس منصب الأمير والحاكم على مقام نبوى!! مستترين بأن ذلك سنة! وهل أى أمير للمؤمنين أو حاكم يصلح قياس صلاحياته على صلاحيات النبوة؟! إن النبوة إرادة إلهية: ((الله يعلم حيث يجعل رسالته))، ثم بعد المنح يواليها رب العزة بالوحى والتصحيح. فكيف يقاس منصب الحكم على صلاحيات النبوة. الحقيقة قد أفرط هؤلاء الفقهاء إفراطًا شديدًا وجازفوا فى ذلك إلى مدى بعيد. وندعوا الله أن تستيقظ عقول الفقهاء لتصحيح تلك المزالق وتطهير كتب الفقه مما يخالف القرآن الكريم، ومما يزاحم السنة النبوية ويختطفها يحتمى فيها.

من بين تلك الاجتهادات الخاطئة قول هؤلاء: إنه من حق أمير المؤمنين عزل القاضى!! قياسًا على صلاحيات النبوة المؤيدة بالوحى!! وإذا كان من حق الحاكم عزل القاضى، فمن سوف يحاكم الحاكم إذا ارتكب ما يوجب محاكمته؟ إن قواعد الفقه الرشيد تؤكد أن القاضى مستقل عن الجميع لأنه مكلف بفض النزاعات بين الجميع. ومن هنا فإذا جاز فى ظرف تاريخى سابق أن يتولى الأمير تعيين القاضى، فإنه من غير الجائز للأمير أن يعزل القاضى.. فكيف يكون المخرج من هذا المأزق؟ كيف نحافظ على هيبة الدولة؟ نعم هيبة الدولة وليست هيبة الأمير. وكيف نضمن سلامة القضاء واستقلاله؟ لمثل ذلك أنشأ هارون الرشيد منصب قاضى القضاة، ولمثل ذلك الموقف نقلت حضارات كبرى هذا المنصب وأضافته إلى منظومتها الدستورية والقضائية تحصينًا لاستقرار الدولة وإبعادًا للسلطات عن الاشتباك والتنازع.. ولمثل ذلك استحدث النظام القضائى المصرى فى بداية الثلاثينيات من القرن الماضى مؤسسة «محكمة النقض»..

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل