المحتوى الرئيسى

إرهابهم وإرهابنا | المصري اليوم

06/09 23:50

انعدمت الشفافية حتى حينما تعلق الأمر بمحاربة الإرهاب، لم تستطع أى جهة دولية أو إقليمية أو حتى محلية إصدار قائمة حقيقية بالعواصم والجهات الداعمة للإرهاب، لذا أصبح هو الآخر يُكال بمكيالين إن لم تكن عدة مكاييل، ربما لا يوجد تعريف واضح ودقيق للإرهاب ودعم الإرهاب، ربما كان ذلك هو السبب فيما تعانى منه المنطقة من فوضى، وكان من الطبيعى أيضاً أن يمتد أثر تلك الفوضى إلى مناطق أخرى من العالم تعانى هى الأخرى الآن، وبصفة خاصة فى القارة الأوروبية.

لم يستطع أحد وضع تعريف لما قامت به الولايات المتحدة من صناعة الجماعات المسلحة أو الإرهابية فى أنحاء العالم، وإلا فما هو تعريف صناعة داعش تحديداً، كما لم يضع أحد حتى الآن تعريفاً لقصف حلف الناتو على الشقيقة ليبيا، للمساعدة فى الإطاحة بالعقيد الليبى معمر القذافى، وما خلّفه ذلك القصف من دمار وقتل فى صفوف المدنيين، وما إذا كان ذلك عملاً إرهابياً أم عملاً أخلاقياً، كما لم يضع أحد أيضاً تعريفاً للقصف الذى طال الأراضى الليبية من طائرات عربية بعد ذلك، ولم يضع أحد تعريفاً للدعم الذى تلقته كل الفصائل المتحاربة فى سوريا دون استثناء من عدد من الدول الخليجية، وذلك بتعليمات أمريكية واضحة، كما لم يضع أحد تعريفاً للتمويل الذى تتلقاه التنظيمات المسلحة فى العراق، سنية وشيعية وأكراداً على السواء، وهو ما جعل دورة القتل والتفجيرات هناك لا تتوقف على مدار الساعة، أيضاً لم يضع أحد أيضاً تعريفاً لذلك الذى يجرى فى اليمن من دمار شامل، طال كل المنشآت المدنية دون استثناء، وأوقع آلاف القتلى.

على صعيد دولة الاحتلال، لم يعد أحد يتوقف أمام احتلالٍ للأراضى الفلسطينية امتد لنحو ٧٠ عاماً، لم يعد أحد يأبه لقتل مئات الآلاف من الفلسطينيين والعرب بدماء باردة، أو لتشريد وتهجير ملايين الفلسطينيين تحت سمع وبصر العالم، أو لاعتقال وسجن الآلاف بمبررات واهية، أو القتل اليومى فى عرض الشارع للاشتباه، لم يعد أحد يهتم للممارسات الإسرائيلية عموماً من عمليات اغتيال طالت شخصيات عربية فى معظم دول العالم، أو لقصف الأراضى السورية بصفة شبه يومية، أو دعم الفصائل المسلحة هناك مادياً وعينياً، حتى وصل الأمر إلى علاج جرحى هذه الفصائل بالمستشفيات الإسرائيلية، ومن بينها جرحى تنظيم داعش.

اختلطت الأوراق حتى أصبحت مواجهة الاحتلال إرهاباً كما الحالة الفلسطينية، أو مواجهة الغزو إرهاباً كما الحالة اليمنية، أو مواجهة التمرد إرهاباً كما الحالة السورية، أو حتى مواجهة الاستعمار إرهاباً كما هو السلوك الغربى على مر التاريخ حين أصبحت محاولات التحرر إرهاباً، إلى أن أصبحت أيضاً محاولات الحصول على مزيد من الحرية وحقوق الإنسان فى الحاضر إرهاباً، فى ظل أنظمة ديكتاتورية، وبذلك أصبح الإرهابيون الحقيقيون بمنأى عن المساءلة.

أعتقد أن انتشار الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط تحديداً تزامن مع عملية خلط الأوراق هذه التى استهدفت زراعة هذه الجماعة هنا، أو صناعتها هناك، اعتقاداً بأن الأمر سوف يظل تحت السيطرة، إلا أنه مع زيادة عمليات التسليح لهذه الجماعات وزيادة الدعم المادى، وزيادة أعدادها، يتفرع عنها بالضرورة جماعات أخرى بأيديولوجيات مختلفة قد تكون أكثر تشدداً أو أكثر طموحاً، وقد ينقلب السحر على الساحر كما هو حاصل الآن، مما جعل رقعة الإرهاب تمتد إلى خارج المنطقة، فى صور وأشكال عديدة محورها الأول والأخير هو القتل والترويع، بما يؤكد أن لغة الإرهاب فى نهاية الأمر واحدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

كان من المهم أن ينتفض العالم على مائدة واحدة للمصارحة والمكاشفة، لتحقيق الهدف الأسمى وهو السلام الشامل وعالم خالٍ من الإرهاب، إلا أنه بات معلوماً أنه سوف يصطدم بنفسه، سوف تصطدم دول صناعة السلاح بنفسها، كما سوف تصطدم الأنظمة الديكتاتورية أيضاً بنفسها، لا هذه تستطيع التراجع عن أهم اقتصادياتها التى دأبت على التربح السريع منها، كما هذه لا تستطيع التخلى عن مواقعها التى حصلت عليها قسراً، هنا فقط سوف تلتقى للأسف مصالح الأنظمة المتقدمة مع الأنظمة الديكتاتورية على مائدة واحدة هى مائدة الإرهاب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل