المحتوى الرئيسى

FilGoal | اخبار | بطل في الجول – نيكي لاودا.. "افرغوا رئتي من الهواء لانتصر على الموت"

06/09 19:58

"سنفرغ رئتك من الهواء الفاسد. لن يكون الأمر سهلا".. "قم بذلك مرتين أرجوك، أريد الشفاء سريعا" حوار بين نيكي لاودا وطبيبه.

نيكي لاودا. سائق سياراتFormula1 سابق. بطل العالم ثلاث مرات لكن ليس هذا ما يذكره الناس به، نيكي لاودا هو صاحب العودة الأسطورية، العودة الأكثر بطولية في تاريخ الرياضة بعد تعرضه لحادث مميت.

نيكي لاودا كتب خلال مسيرته قصة ملهمة للعالم، لكنها لم تكن لتحضر لولا وجود بطل أخر أثرى فيها المنافسة.. هو جيمس هانت.

بطل في الجول - آيرتون سينا.. مٌلهم كاكا الذي مات في حلبة الفورمولا بطل في الجول – بيثاني هاميلتون.. امرأة هزمت الموج بذراع واحد بطل في الجول – موسكاتيللي.. الحارس الإيطالي الذي حارب مع المصريين

"في كل عام يتنافس 24 سائقا على لقب الموسم، وفي كل سنة يموت فرد منا. أي نوع هذا من البشر يقبل بذلك؟ بالتأكيد هم أشخاص غير عاديين، ومتمردين". جيمس هانت.

على خط البداية يصطف المتسابقون..

"هل تحتاج لتبديل الإطارات؟" مساعد جيمس هانت يسأل.

هانت: "هل بدلها نيكي لاودا؟"

مساعد هانت: "نعم، لقد استخدم إطارات أعرض"

هانت: "لا أعرف ما المميز به لكن الناس يرونه منافسا لي. حسنا، إن استخدم هو الإطارات العريضة، لأستخدمها أنا أيضا.. هيا".

دار هذا الحوار قبيل ثوان من بداية سباق نوربورينج.

عداوة نيكي لاودا وجيمس هانت لم تكن وليدة هذا السباق، ولفهم تفاصيل هذا اليوم، سنعود للوراء ست سنوات.

مضمار كريستال بالاس - لندن 1970

جيمس هانت في الطريق إلى السباق. أتى رفقة صديقته الجديدة جيما، الممرضة التي عالجته من جروحه بسبب شجاره الأخير في المضمار.

لم يستغرق الأمر أكثر من ساعتين كي يوقعها في حبه، وهو يؤمن جدا أن النساء يقعون في حب سائقي السيارات سريعا.

في الطريق إلى السباق كشف لها عن الحقيقة: "أنا لست سائقا بالفورملا 1 كما تظنين، أنا سائق فورملا 3 وهي سباقات أقل احترافية لأمثالنا، أعلم أنني أحبطك لأنك أعجبتي بي في الأساسي بسبب شهرتي، لكن لا تقلقي، سأصبح مشهورا يوما ما".

والغريب هذه المرة هو وجود فرد جديد غير مألوف لهانت، إنه المنافس النمساوي الجديد نيكي لاودا .

هانت ولاودا يتقاسمان المقدمة. لاودا أولا وهانت من خلفه. الصراع على أشده ويبدو أننا على موعد مع المتعة.

هانت يندفع بقوة نحو الزاوية المنحدرة، لا يأبى لحياته أو لحياة لاودا ويمر!

"أنت مجنون، لقد غامرت بحياتنا، كان بإمكاني الفوز لكني فضلت حياتك". نيكي لاودا لهانت.

هانت: "أنت جبان، أنا سليم وأمامك الآن أحتفل باللقب، ولو أنني خفت على نفسي لما فعلت ما فعلت"

من هنا عرف كل منهما الآخر.. وبدى أنها سيصبحان خصمين.. سيبتعدان قليلا، لكن السيارات ستجمعهما مرة أخرى، والمواجهة المقبلة ستكون أكثر إثارة.

"في فيينا كنت عائلتنا مشهورة بالتجارة، أبي وأمي رجال أعمال".

"أبي كان يطلب مني ترك السباق والعمل معه، لم يكن يساعدني قط".

"أمنحك المال وتضيعه على سباق السيارات حتى لا أجد أنا المال بعد ذلك.. تك هي نظريته".

قلت له "حسنا، احتفظ بمالك، وحين أصبح بطل العالم واسمي على صفحات الجرائد، ستندم على ذلك".

لاودا يتمم "خرجت من مكتب والدي وذهبت للبنك سريعا. حصلت على قرض وراهنت على كل ما أملك لكي أنجح".

بأمواله، انضم لفريق "BRM".. أخيرا سيكون سائق فورملا 1

في أول أيامه مع الفريق رأى السيارة وتعجب من ثقلها. سهر طوال الليل مع فريق من الميكانيكيين ليجرون تعديلات عليها.

وفي الصباح كان كلاي ريجازوني سائق الفريق الأول يقوم بتجربة أداء.

انتهى من التجربة بسيارته، فطلب لاودا أن يقوم بأخرى بالسيارة المعدلة "أتحداكم أن تجربته الثانية بسيارتي المعدلة ستكون أسرع بثانيتين على الأقل".

وافق على مضد وخاض التجربة، والمفاجأة أنه بالفعل وصل أسرع.

رئيس الفريق جاء إليه مسرعا وقال: "كيف عرفت ذلك، ما الذي فعلته بالسيارة؟".

لاودا يرد: "هذا الكلام أقوله بشروط. أن أضمن مكاني بالفريق، وأن تمنحوني عقدا لسنتين قادمتين بنفس امتيازات ريجازوني".

ومن هنا بدأ لاودا مسيرته الحقيقية مع Formula 1

بعد انضمام لاودا لفريقه الجديد، قال فريق عمل جيمس هانت لماذا لا نفعل نحن أيضا ذلك؟ جمعوا المال واشتروا سيارة الفورملا 1 لهانت.

"لن نضع إعلانات لسجائر أو أدوات جنسية، سنكتفي فقط بعبارة تعبر عن الفريق". فريق جيمس هانت

في التصفيات المؤهلة لبطولة العالم يتعرض واتكينز جلين لحادث كبير ويتوفى على إثره.

فريق تيريل ينسحب من السباق بعد الحادث.

هانت بدى قلقا. يقول لمساعديه: "هذا فظيع، عليهم إلغاء السباق".

ولاودا الذي كان واقفا خلفه بالصدفة يرد بابتسامة صفراء "لماذا؟ هذا خطأه، هو من دخل مسرعا إلى الزاوية المنحدرة".

أيام لاودا السعيدة لم تنته بعد..

شركة "Ferrari" الشهيرة تستعيد خدمات كلاي ريجازوني، وريجازوني يصر على اصطحاب نيكي لاودا معه إلى الفريق.. ريجازوني سيكون لاحقا هو السبب في زواج لاودا أيضا.

مارلين كانوس.. تلك هي الفتاة التي ستصبح زوجة نيكي لاودا فيما بعد.

لاودا يروي قصة تعارفه على مارلين: "يوما ما اصطحبني ريجازوني إلى حفل، لكني لا أحب هذه الأجواء. وقفت بالخارج ولم أدخل، كانت هي تستقل سيارتها في تلك اللحظة لتغادر، فطلبت منها اصطحابي لأقرب بلدة.. ومن هنا بدأ كل شئ".

"في الطريق عرفت من صوت السيارة كل عيوبها وأخبرتها، لكنها لم تعيرني اهتماما"

"دقائق وتعطلت السيارة، وكان علينا أن نستقل سيارة أخرى للوصول إلى البلدة. شاورت للأولى ولم تقف، فكان الحل منها. بالتأكيد أن تشير فتاة لسيارة في طريق السفر، سيقفون لمساعدتها".

"أشارت لأول سيارة وتوقفت بالفعل، وهنا كانت المفاجأة"

"رجلان يخرجان من السيارة يسرعان نحوي ويسألاني. أنت نيكي لاودا؟ يا الله نحن لا نصدق، سنقلكم بالتأكيد إنه فخر لنا، لكن بشرط أن تقود أنت السيارة.. اتضح أنهما وقفا من أجلي وليس لأجلها".

"في الطريق ووسط كلمات الرجلين الإعجابية لي، تساءلت مارلين (من هو لتفعلوا كل ذلك؟)، أخبروها أنني لاودا سائق الفورملا وان الذي وقع توا لفيريراي".

مارلين: "لا يبدو كذلك، سائقو الفورملا يبدون جذابون بشعر طويل، أما هذا فيقود كالرجل العجوز".

وأنا أرد "لا حاجة للقيادة بسرعة. هذا يزيد نسبة الموت فقط، كما أننا لسنا متعجلين، وأنا أيضا لن أتقاضى راتبا نظير قيادتي لتلك السيارة".

"لا يوجد فائز أو خاسر، لا يوجد حافز، لماذا إذا أقودها بسرعة؟".

مارلين تميل عليه وتقول "لأنني أطلب منك ذلك"

تزوج نيكي لاودا من مارلين، وزوجته سيكون لها دورا أيضا في حياته لاحقا.

في عام 1975 أصبح نيكي لاودا بطلا للعالم لأول مرة. وذلك بعد منافسة قوية مع جيمس هانت.

"تهانيا لك، لكنك تعرف. أنت تقود فيراري وأنا أقود هيسكيث، لو تساوت الظروف لفزت أنا بالتأكيد". جيمس هانت لنيكي لاودا

لاودا يرد: "أبدا، لا وأنت تعرف أن ذلك خاطئ، قد تفوز بسباق أو سباقين لكن لن تكون بطلا، لأن البطل يحتاج لصفات عدة، وأنت مجرد رجل مندفع يحب الحفلات. ولهذا يحبك الجميع".

هانت: "نعم أنا كذلك، اعترف بهذا ولا تكن غيورا مني، أما أنت، فلا أحد يحبك حتى زملائك بالفريق".

لاودا: "ولماذا أغار من ذلك؟ هم يحبوك ويبتسمون لك لأنهم لا يخافون منك، أما أنا رجل جاد أنام باكرا وأستيقظ باكرا، لذلك يحترمونني".

هانت عاد للمنزل وأقسم أنه سيفوز على لاودا في العام المقبل. المهمة لن تكون بهذه السهولة، فرئيس فريقه أبلغه أن عقد الرعاية انتهى، ولم يتقدم أحد لعقد جديد، ولذلك لا يمكنه الاستمرار.

أسابيع ظل فيها هانت يبحث عن مصيره، حتى سمع بما حدث في فريق ماكلارين. سائقهم الرئيسي فيتيبالدي تركهم وانضم لفريق كوبر سوكر، ويحتاجون لمتسابق جديد.

على الفور ذهب لهم هانت وطلب الانضمام إليهم. "تفاضلون بيني وبين جاكي إكس، أنا أسرع منه".

فريق ماكلارين: "لكن جاكي يملك الأداء الثابت ويمكن الاعتماد عليه، أنت لا تملك ذلك".

هانت: "ولكن، هل يملك الشجاعة؟ هل بإمكانه أن يضحي بنفسه من أجل الفوز؟"

هانت: "تريدون سائق أم بائع فراش، تريدوا النجاح؟ وأنا أيضا، إن أردتم هزم نيكي لاودا فلن يفعل ذلك أحدا غيري".

ماكلارين: "سمعنا عن مشكلتك مع نيكي، هل ترى نفسك قادرا على هزمه؟"

هانت: "سأهزمه بسيارة ماكلارين، إنها السيارة الوحيدة التي يمكن أن تنافس فيراري".

هانت: "لهذا أنا هنا أتوسل، سأفعل كل شئ تطلبونه لتوافقوا على انضمامي لكم، سأضع رابطة عنق وسأبتسم للرعاة وأقول الكلام المعسول".

بالفعل انضم جيمس هانت لماكلارين. ونحن الآن على موعد مع فصل جديد من القصة. المنافسة أصبحت أكثر تكافؤ، وعام 1976 لن يكون عاديا.

سباق ساو باولو - يناير 1976

هانت: "أوووه المركز الأول في التصفيات؟"

هانت: "سأبدأ السباق من الخانة الأولى؟"

لاودا: "نعم أعلم ذلك أيضا".

هانت: "الكفة متساوية الآن في السباق"

لاودا: "حسنا، لنرى كيف سيكون الحال بعد الدورة الأولى، لنرى وضعنا بعد 5 سباقات". حوار بين جيمس هانت ونيكي لاودا قبل انطلاق السباق

في النهاية.. لاودا يفوز. وهانت تعرض لعطل في المحرك.

مضمار جنوب إفريقيا – مارس 1976

لاودا يفوز أيضا ولكن هانت في المركز الثاني ليحصد أولى نقاطه هذا الموسم.

"ذلك الهواء الذي تشمه الآن هو أنفاسي بالقرب من رقبتك، اليوم خسرت لكني سأفوز في المرة المقبلة" هانت للاودا

مضمار كاليفورنيا – الولايات المتحدة الأمريكية أبريل 1976

كلاي ريجازوني أولا.. نيكي لاودا ثانيا وجيمس هانت في المركز الـ 11 بعد تعرضه لحادث أخرجه من السباق.

مضمار مدريد – إسبانيا مايو 1976

جيمس هانت يفوز لأول مرة! ونيكي ولاودا بالمركز الثاني

مضمار موناكو – فرنسا 30 مايو 1976

هانت يفوز ولاودا ينسحب بسبب مشكلة في خزان الوقود.

"هل يمكن لجيمس هانت أن يتخطاك؟" أحد الصحفيين لنيكي لاودا

لاودا: "لكي يلحق بي عليه الفوز بسباقات كثيرة، بالأحرى على الخنازير أن تطير".

تلك هي تصريحات نيكي لاودا للصحفيين، لكن يبدو أن حوارا اأخر كان يدور في رأس النمساوي الأشقر.

"السعادة هي عدوك، تضعفك، تضع الشكوك في عقلك. وفجأة، يصبح لديك ما تخسره". لاودا لزوجته، ويبدو أن المخاوف بدأت تتسرب لقلبه.

مضمار نوربورينج – ألمانيا أغسطس 1976

"هل لي بتوقيعك؟" - "بالتأكيد" - "عذرا. هلا وضعت تاريخ اليوم؟" - "لماذا؟" - "من يدري، ربما يكون يومك الأخير". حوار سريع بين نيكي لاودا وأحد معجبيه قبل السباق.

سباق مضمار " نوربورجرينج" أو "المقبرة" كما يلقبونه وهو المضمار الأخطر بين كل سباقات الجائزة الكبرى.

قبل السباق طلب نيكي لاودا الاجتماع بباقي المتسابقين. وفي الاجتماع قال لهم أن "الأمطار غزيرة والجو لا يسمح للسباق، لذا أطلب التصويت على إلغاء السباق".

"يبدو أنك خائفا". المتسابقون للاودا

"إلغاء السباق يعني فوزك أنت بالبطولة" هانت للاودا.

"لماذا؟ أنا أيضا لن أحصل على نقاط من السباق"

"نعم، لكن عدد السباقات المتاحة أمامي للحاق بك ستقل".

لاودا: "اسمعوني جيدا.. أنا بالفعل خائف، وأنتم أيضا كذلك. في كل مرة أدخل فيها السباق أوافق أن أقامر على حياتي، وأعلم أن فرص موتي 20%، لكن مع تلك الأمطار تزداد فرصة الموت، وهنا لا يكون خيار المقامرة سليما".

وواصل "أنا أكثركم خبرة، أنا الوحيد في التاريخ الذي أنهى لفة كاملة في أقل من 7 دقائق، لذلك ستكون ميزة لي إن تسابقت اليوم. أنا أسرع منكم جميعا".

"لنتسابق إذا ونرى" هانت للاودا.

أقيم التصويت. فازت جبهة هانت باكتساح، والسباق سيستمر.

"يوكن ماس سيغير عجل السيارة للتناسب مع الأرضية المبتلة.. هل تريد التغيير؟" مساعد هانت لهانت.

هانت: "إذا لن نغيرها نحن أيضا".

لاودا كان أكثر عنفا من أي وقت مضى، لأول مرة هو من يتعمد مضايقة سيارة هانت ويجبره على الخروج عن المسار.

يوكن ماس يستغل الموقف ويحصل على المقدمة، مستغلا تبديله لإطارات سيارته قبل السباق بإطارات للأرض الجافة.

وبعد اللفة الأولى لاحظ الكل ضرورة تبديل الإطارات مثلما فعل ماس.

"ألم أقل لك أن الإطارات الجافة ستكون أنسب؟" مساعد هانت لهانت.

"هوووش.. أين لاودا؟" - "وراءك، سيبدل إطاراته أيضا، لقد ارتكب نفس الخطأ" – "إذا هيا سريعا بدل الإطارات".

هانت بدل إطاراته سريعا وانطلق، أما مساعدو لاودا فكانوا ابطأ.. ولاودا يصرخ في وجوههم "هذه كارثة، أسرعوا، لقد انطلق هانت منذ فترة".

انتهى المساعدون أخيرا من التبديل وسط صراخ لاودا، والمعلق بالأعلى يقول: "السباق خرج عن سيطرة لاودا، لقد أصبح هانت منافسه بعيدا جدا".

لاودا لم يستسلم. وصل للسرعة القصوى وخرج عن مسار الطريق لتعويض الفارق مع جيمس هانت متجاوزا السيارة تلو الأخرى.

القدر لم يمهله طويلا!! ثقب في خزان الوقود. السيارة استدارت واصطدمت بالحائط الجانبي. السيارة احترقت بالكامل وهو بالداخل.

بريت لانجر حاول تفاديه لكنه لم ينجح واصطدم به من الخلف، ليقف فورا ويحاول مساعدة لاودا.

دقيقة كاملة يحاول فيها زملائه إخراجه من السيارة وهم يشاهدون النيران تأكل وجهه. لكنهم لم يتمكنوا حتى وصلت سيارة المطافئ وأطفأت النيران لتخرج لاودا.

"أخبروا القس أن يرحل، أنا مازلت حيا" نيكي لاودا عاد للحياة، ذلك هو التعبير الصحيح، فلقد مات بالفعل قبل ذلك.

ساعات يغيب فيها عن الوعي. الكل فقد الأمل في نجاته، القس حضر إلى المستشفى كي يقرأ عليه، لربما تنجح محاولاته..

وفي لحظة بعدما فقد الجميع الأمل. يعود لاودا للحياة..

تلفاز الغرفة في المستشفى لا يشغل إلا أخبار السباقات. لا محفز للاودا أكبر من أخبار فوز هانت بالسباقات.

نيكي لاودا يتألم بشدة راقدا في سريره، يغير الأطباء على جرحه، لكن ذلك ليس سبب ألمه.

في التليفزيون يذيعون خبر فوز جيمس هانت بالسباق الجديد في غياب نيكي لاودا وذلك أشد ألما عليه

"سنفرغ رئتك من الهواء الفاسد، علي أن أنبهك بأن ذلك لن يكون سهلا". الطبيب مخاطبا نيكي لاودا

"مرة أخرى يفوز جيمس هانت بالسباق ويقترب من لاودا أكثر وأكثر". مذيع الفورملا 1 عبر التلفاز في وقت يتألم فيه لاودا لصعوبة عملية تنظيف الرئة

"كفاك اليوم، سنكمل غدا" الطبيب للاودا

"لا من فضلك، افعلها مجددا".

"هل أنت واثق؟ سيكون ذلك صعبا جدا عليك"

"نعم، لابد أن أعود سريعا".

5 أسابيع فقط مرت، مارلين رأته يحاول ارتداء خوذة السباق، لا يمنعه من ذلك سوى ألام الجروح في وجهه.

"نيكي، أرجوك توقف عن ذلك"

لاودا: "أعرف ما تفكرين به، لن أعتزل.. أرجوكي أنت إن كنت تحبيني لا تقولين شيئا".

سبتمبر 1976 – إيطاليا.. بعد 42 يوما من الحادث

"ما الذي يحدث؟" – "نيكي لاودا هنا، سيتسابق" حوار بين جيمس هانت وأحد مساعديه.

"هل وجهي بهذا السوء؟" – "لا، أبدا" لاودا وهانت.

"بل هو كذلك.. في المستشفى سألتهم بصراحة عن حالة وجهي وأخبروني أنه سيتحسن مع مرور الوقت، لكن ذلك ليس حقيقيا، وسأعيش بقية حياتي بوجه يخيف الناس، بإمكاني رؤية ذلك في رد فعلك حين رأيتني".

هانت: "تعلم يا نيكي، حاولت كتابة رسالة اعتذار لك. أشعر بأنني المسؤول عما حدث، هذا السباق ما كان ليتم مثلما قلت أنت في الاجتماع".

"نعم، أنت المسؤول. لكن هل تعلم؟ أخبار فوزك بالسباقات كانت هي دافعي الأكبر للعودة. أنت أيضا مسؤول عن سرعة عودتي للسيارة".

نيكي لاودا يظهر بجروحه المفتوحة جالسا بثقة. بدأ المؤتمر الصحفي للإعلان عن عودة نيكي لاودا لسباق الفورملا 1.

كيف حالك مستر نيكي، أبإمكانك إخبارنا بالعمليات التي خضعت لها تحديدا وفرص شفاءك؟ صحفي لنيكي لاودا.

"بالتأكيد. خضعت لعملية زرع جلد، وضعوا نصف فخذي الأيمن على وجهي، قد لا يبدو مظهري جيدا الآن، لكن هناك ميزة أخرى. فأنا لا يمكن أن أعرق في مكان الجلد المزروع. بالتالي لن ينزل عرقي على عيني مجددا، وهو أمر رائع للسائق".

بعد إصابتك، عينت شركة فيراري بديل لك هو كارلوس رويتمان

"نعم، قبل حتى أن أصل إلى المستشفي، هكذا تسير الأمور دائما في سباقات السيارات". لاودا للصحفي

جيمس هانت فاز بالعديد من النقاط بينما أنت في المستشفى، هل ترى نفسك مازلت قادرا على الفوز؟

"نعم بكل تأكيد، لدي السيارة الأسرع وربما أنا المتسابق الأفضل، لذلك فرصتي مازالت سانحة".

ماذا قالت لك زوجتك حين رأت وجهك؟

سكوت قليلا.. ثم "لقد قالت. عزيزي، أنت لست بحاجة إلى وجه كي تقود السيارة، فقط تحتاج إلى قدم سليمة".

أنا جاد في سؤالي، هل تظن أن زواجكما قد يستمر بعد مظهرك الحالي؟

"وأنا جاد أيضا.. أنت وغد كبير.. انتهى المؤتمر الصحفي".

الرد هذه المرة كان من جيمس هانت نفسه. هانت اصطحب الصحفي في غرفة مغلقة، انهال عليه بالضرب المبرح ثم قال له "آمل أن يكون شكلك الآن مناسبا حين تذهب لزوجتك".

"يبدو أن عودة لاودا ليست مناسبة. يبدو أنه تعجل في العودة لأن الجميع يتجاوزه. البداية ليست على ما يرام" معلق السباق..

سياراتان يتعرضان لاصطدام ولاودا أصبح محاصرا بالمؤخرة. لا بأس. "لاودا يمر بينهماااا.. يا لها من حركة ذكية من العائد حديثا بعد غياب" المعلق ينفعل مع حركة نيكي.

نيكي لاودا عاد للسباق ودخل في الأجواء مجددا. تجاوز الكثير، تجاوز رويتمان زميله الجديد ومعوضه في فريق فيراري، وتجاوز جيمس هانت أيضا الذي تعطلت سيارته!

النمساوي لم يفز بالسباق، لقد أنهى في المركز الرابع، لكنه حصل على ثلاث نقاط قربوه بشدة من الحفاظ على لقب بطل العالم.

انتهى السباق واكتملت عودة نيكي لاودا التاريخية. والجمهور ينفجر في التحية للممقاتل لاودا.

علاقة الجمهور بمتسابقي الفورملا ليست بتلك الحرارة في العادة، لكن من يخلص في عمله ويقاتل لإكمال العرض يستحق ذلك. لقد نزلوا من المدرجات لأرض الحلبة واحتضنوا بطلهم حتى وإن لم يفز.

مضمار اليابان – أكتوبر 1976.. السباق الأخير

نيكي لاودا أولا.. 68 نقطة

جيمس هانت ثانيا.. 65 نقطة

على جيمس هانت أن يفوز.. ذلك هو الشرط الوحيد لتحقيق اللقب.

هل ترى أنك قادرا على التسابق في هذا الضباب سيد هانت؟ صحفي بالمؤتمر الصحفي

"وما المشكة بذلك؟ أنا سائق محترف أحب عملي وأقوم به، أعتقد أن هذا السؤال يجب أن يوجه لنيكي لاودا، فهو بطل سابق وعلى وشك خسارة لقبه".

هل أنت تحت هذا الضغط سيد لاودا؟

"هل أبدو لكم مضغوطا؟ أنا بطل العالم، وعلى وشك أن أصبح البطل مرة أخرى"

هكذا تدور المواجهة بين البطلين أمام الناس، حتى وإن لم تكن العلاقة بين الاثنين كذلك. كلاهما يعرف الأخر جيدا. يحترمه ويقدره، لكن للمنافسة أحكام.

أمطار غزيرة ومفاجئة على المضمار مرة أخرى قبل السباق

"عليهم إلغاء السباق، هذا سيعرض حياة السائقين للخطر". جيمس هانت هذه المرة هو من يقولها لأحد مساعديه في الفريق.

"السباق سيستمر يا هانت، حقوق البث بيعت بالفعل بجميع أنحاء العالم، والعرض بينك وبين لاودا هو ما يريد كل العالم رؤيته".

الأمور ليست جيدة على الإطلاق! نيكي لاودا لا يسير بشكل جيد.

يقول لاودا: "فكرت في خطورة الأمر، فكرت في زوجتي التي لطالما وقفت معي، هل تستحق أن تترمل؟ وهنا قررت الانسحاب"

دخل المكان المخصص للصيانة. الميكانيكيون يسآلوه عن العطل ويخبروه أن السيارة جيدة، فيرد "لا، لقد قررت الانسحاب".

"ماذا تقول؟ تريد أن تخرج للإعلام وتقول أن المشكلة في السيارة؟" – "لا، سأقول الحقيقة. أنا من طلبت الانسحاب".

غادر لاودا السباق لكن ذلك لا يعني خسارة اللقب

لاودا متفوق في الترتيب العام بفارق ثلاث نقاط. الفائز بالسباق يحصل على 9 نقاط. المركز الثاني يحصد 6 نقاط والثالث يحصل على 4 نقاط، فيما يتحصل الرابع على ثلاث نقاط.

على جيمس كانت أن ينهي السباق في المركز الثالث على الأقل، وهذا الأمر ليس سهلا على الإطلاق.

جيمس هانت يتبادل المقدمة والمنافسة على المراكز الثلاثة الأولى، حتى وصلنا لللفة الـ 70 ولا يتبقى سوى أربع لفات.

جيمس هانت يتوقف ويدخل مكان الصيانة.

"الإطاران، الأيسر الخلفي والأيمن الأمامي لابد أن يتبدلا، ومتى انكسر منك عداد السرعة يا هانت؟" الميكانيكي للاودا – "منذ 10 أو 12 لفة"

"اسمع يا هانت، لقد سبقوك بكثير، نريدك أن تعود حيا، لا تندفع بقوة واحترس لنفسك" رئيس الفريق لجيمس هانت.

انطلق جيمس هانت مرة أخرى، وقد أصبح الآن في المركز السادس وبمسافة بعيدة عن منافسيه.

هانت شق الطريق سريعا، تحدى المطر وتجاوز زميل تلو الآخر، وانتهى السباق!

من فاز باللقب! شاشة الملعب تقول أنه أنهى السباق في المركز الرابع، والشاشة الأخرى تقول أنه في المركز الثالث! لابد من الاحتكام للحكام الرئيسيون.

"أنا أسف، ظننت أن بإمكاني إنهاء السباق فائزا والتتويج بلقب العالم" هانت لرئيس الفريق.

"ماذا تقول يا مجنون! لقد فعلتهااا.. الحكام أعلنوا أنك أنهيت السباق في المركز الثالث، أنت بطل العالم الجديد!"

جيمس هانت بطلا للعالم بفارق نقطة وحيدة عن نيكي لاودا.

أما نيكي لاودا فلم يخسر حياته على الأقل. لقد ضحى من أجل زوجته. "لست نادما على قراري أبد، لقد كنت محقا" نيكي لاودا لمارلين.

أيام على بداية الموسم الجديد.. لقاء أول بين جيمس هانت ونيكي لاودا

لاودا: "أهلا هانت، هل ذهبت لاختبارات ما قبل الموسم الجديد؟".

هانت: "اختبارات؟ أنت مجنون يا لاودا؟ هل فزت بأكبر انتصار في تاريخي لكي أعود بهذه السرعة مرة أخرى؟".

لاودا: "ولماذا لا؟ عليك ان تفوز مجددا كي تثبت للعالم أنك لم تفز بسبب". هانت يقاطعه "بسبب ماذا؟ بسبب حادثتك؟ لاودا أنت انسحبت، أنا أكملت السباق، قامرت على حياتي وعرضتها للخطر للفوز، وحققت ذلك".

لاودا: "وهل تسمي هذا فوزا؟ لقد عرضت حياتك للخطر!"

هانت: "أعترف أنك أثرت في حياتي، أنت من اضطرني لفعل ذلك، لقد كنت على استعداد للموت إن لم أفز عليك في هذا اليوم".

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل