المحتوى الرئيسى

ضيف الله كيف نستعد له؟

05/29 00:48

بأي شيء نستقبل ضيفَ الله؟ شهر كريم جاء منقذاً ومخلصاً يبعدنا عن الدنيا التي كبَّلتنا بما فيها من شهوات وملذات لا نستطيع الفرار منها إلا بإرادة الله وحوله وقوته ومشيئته، يأتي رمضان في كل عام ليذكرنا بالعهد الذي أخذه الله علينا في عالم الذر "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ" [الأعراف: 172].

الشهر الذي حلَّ ضيفاً على أمتنا، له من الفضائل والخيرات ما يدعو الإنسان العاقل لإعداد العدة وأحذ الأهبة للقائه.

يقول الله تعالى عن هذا الشهر الفضيل: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" فمن أول فضائله نزول القرآن فيه، وهذا تشريف وتعظيم ليس بعده شيء ولا يدانيه فضل؛ ولهذا وجب الاستعداد للشهر بما له من قيمة ومنزلة ومكانة عند الله، فكيف نعد أنفسنا لاستقباله والفوز بالجنة التي تختبئ خلف هذا الشهر.

إذا علمت بضيف ذي قدر سيزورك فبأي شيء تستعد لاستقباله؟ ثم إذا كان الضيف مرسلاً من قِبل الله فكيف سيكون الاستعداد؟ ثم إذا علمت أن وراء الزيارة جائزة تنسيك شقاء عمر قد مضى لتكتب لك سعادة أبدية فيما هو آت، فالشقي حقاً من حرم رحمة الله في هذا الشهر.

أعِدَّ للضيف ما يليق به من طاعات، وخطِّط لذلك جيداً فربما لا تأتيك الفرصة مرة ثانية.

أكثِر من الدعاء حمداً لله لأنك ممن يدركهم رمضان هذا العام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل الله طول العمر إلا ليدرك رمضان.

فإذا كانت أول ليلة من رمضان فاحرص أن يكون لك عمل صالح ومميز، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة". وصححه الشيخ الألباني.

لا تشغل نفسك بالكثير من الأعمال فقد يضيع الإنسان بين زحام الطاعات ويقع في فخ قد نصبه الشيطان له.

حدِّد من أولويات حياتك في رمضان أن تصل رحمك في كل ليلة منه، فإنه شهر العتق والغفران، فلله في كل ليلة عتقاء من النيران فاحرص أن تكون منهم.

انتبه لما أُعدَّ لك من قِبل شياطين الإنس قَبل شياطين الجن، من مسلسلات وأفلام وخلافه، مما يفسد علينا شهرنا.

لا تعتقد أن الصيام ينتهي بأذان المغرب، إنما الصيام شهر من بدايته لنهايته والأكل والشرب جزء من الصيام، يمسك عنه المسلم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فالصيام ليلاً عن كل ما حرم الله.

روائح الجنة قد بدت مع دخول ليله، والمغفرة التي وعد الله بها عباده.

يا باغي الخير أقبل فرمضان إنما هو سوق للطاعات يربح فيه من يربح ويخسر فيه المبعدون والأشقياء، فابدأ بأول ساعة منه ولا تتأخر، فربما لا يسعفك العمر للعودة مرة أخرى، كم من أناس قد كتب لهم ألا يلقوا رمضان هذا العام لأن أعمارهم قد انتهت قبل غروب شمس شعبان.

إن أمة لا تحيي ليلها بالطاعة لهي أمة نائمة، لا تستحق مجداً ولا تمكيناً فقد أمر ربنا في باكورة هذه الدعوة بقيام الليل والتهجد "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً"، أمر في موقف صعب، ومع ذلك لم يتقاعس النبي عن القيام بواجبه كما أراد الله.

إن ليالي رمضان لو كشف لنا ما فيها من خير، لن تجد مضيعاً لها، أو ساهراً في لهو أو غافلاً عن أجر، ربما تكون المنجية التي لا يعقبها عذاب أو حزن وربما كانت شاهدة عليك بما أسرفت في حق الله، ويومها لا ينفع الندم.

وللنساء في رمضان، أسالُ كيف يهون عليها أن تضيع منها الجنة بانشغالها بتجهيز ألوان الطعام المختلفة كل يوم؟ فتتعب نفسها نهاراً، ويضيع ليلها تعباً ونوماً مما لاقته نهاراً، ولا تفيق المسكينة إلا وقد فاتتها الفرصة وضاع منها السوق، وقد شغلت نفسها بما يملأ البطون دون الانتباه لما يقوي الروح لتسمو بالجسد، بدلاً من أن يخلد الجسد بالروح إلى الأرض فيجذبها، فلا تستطيع منه الفرار.

"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"

فكيف بالراعي الذي لا يتخيَّر المرعى الطيب، ويخشى على رعيته المهالك، إذا خفت أن تضيعها فخذ مني ما هو آت:

اصنع جدولاً للعبادة تضع فيه كل شيء تحب أن تحققه من وراء الشهر الكريم، يكون لكل فرد من أفراد أسرتك فيه حظ.

اجعل كلَّ فرد يدون ما تم إنجازه من صلاة ونافلة وقرآن وصدقة وبر وصلة رحم ودعاء واستغفار، وضع ما شئت من عمل تحب أن تحافظ عليه في رمضان.

اجعل ذلك معلقاً في مكان واضح في المنزل يراه كل أفراد المنزل.

جلسة القرآن مع الأسرة في كل يوم تزيد من دافعية الأسرة نحو العبادة، تخصص لتكون نصف ساعة أو ساعة قبل الإفطار من كل يوم.

ضع حافزاً لأبنائك لمن يحافظ على البنود المتفق عليها، واجعله قيماً أو شيئاً يحبونه.

كما تُخطِّط لدنياهم خطِّط لآخرتهم حتى لا تفقدهم في الآخرة.

غيِّر في الخطة بما يدفع الملل عن الأبناء، وقدِّمها لهم بصورة مبتكرة.

قلِّل من العزائم والولائم حتى لا تجهد زوجتك وأبناءك، واعلم أن رمضان إنما هو شهر التوفير لا التبذير.

إذا بدأتِ العشرُ فاحرص أن تفرِّغ زوجتك من كل عمل؛ لتعتكف هي الأخرى في بيتها؛ حتى تحصل على الأجر.

اعلم أخي القارئ أن ذلك كله لن يحدث إلا إذا كنت مخلصاً، وتجدد النية حتى تحصل على الأجر.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل