المحتوى الرئيسى

عظماء الأمة| علي بن أبي طالب.. إمام رباه نبي

05/28 11:31

عظماء الأمة| علي بن أبي طالب.. إمام رباه نبي

(يا أبا الفضل إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا نخفف عنه من عياله، آخذ من بنيه رجلا، وتأخذ أنت رجلا، فنكفلهما عنه)، بهذه الكلمات كانت البداية.. بداية انتقال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى منزل ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

لتبدأ مرحلة إعداد بطل من أبطال التاريخ الإسلامي الكبار، رابع خلفاء النبي وباب مدينة العلم الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

أصيبت قريش بأزمة اقتصادية خانقة، ظهرت وطأتها بوضوح على عم النبي أبي طالب، إذ كان رجلا ذا عيال كثيرة، بالإضافة إلى لجوء الفقراء والمستضعفين إليه لمركزه الاجتماعي في مكة.

قرر النبي أن يخفف عنه، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب, فقالا: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه, فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لى عقيلا فاصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله عليا، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه، كما أورد ابن هشام والحاكم والطبري وابن كثير والبيهقي.

وفى شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد أن رسول الله قال بعد أن اختار عليا: (لقد اخترت من اختاره الله لي عليكم: عليا).

في هذه الحلقة من "عظماء الأمة" سنتحدث عن تربية النبي للإمام علي، وكيف أسهمت في تكوين شخصيته الفريدة حتى أصبحت معلما من معالم التاريخ الإسلامي.

حظى الإمام علي باهتمام بالغ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أوجز هذا الاهتمام بقوله، كما روى ابن أبي الحديد في نهج البلاغة: (ولقد علمتم موضعى من رسول الله بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعنى فى حجره وأنا ولد، يضمنى إلى صدره، ويكنفنى فى فراشه، ويمسنى جسده، ويشمنى عرفه، أى: رائحته الطيبة، وكان يمضغ الشىء ثم يلقمنيه, وما وجد لى كذبة فى قول, ولا خطلة, أى: خطئا, فى فعل... ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لى فى كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرنى بالاقتداء به).

أسهمت تربية النبي وتعليمه للإمام علي في تكوين شخصيته بطريقة فريدة، وغرس فيه الصفات الطيبة التي كان على رأسها الشجاعة والقوة في الحق.

وسنعرض بعض نتائج هذه التربية:

عندما أخبر الله تعالى نبيه، صلى الله عليه وسلم، بتفاصيل مؤامرة قريش، وأمره بالهجرة من مكة إلى يثرب، دعا ابن عمه علي بن أبي طالب مكانه للمبيت في فراشه، فقال النبي لعلي: "يا علي، إن الروح الأمين هبط علي الساعة يخبرني أن قريش اجتمعت على المكر بي وقتلي، وأوحى إلي عن ربي أن أهجر دار قومي، وأن انطلق إلى غار في جبل ثور، تحت ليلتي هذه، وقد أمرني أن آمرك بالمبيت على فراشي وفي مضجعي، لتخفي بمبيتك عليهم أثري، فماذا أنت قائل؟".

فرد علي: "أوتسلمن بمبيتي يا رسول الله؟"، فأجابه النبي: "نعم بذلك وعدني ربي"، فتبسم علي ضاحكا، وهوى إلى الأرض ساجدا شكرا لله، كما ذكر الطبري في "تاريخه"، وابن الأثير "في الكامل" والمحب الطبري في "الرياض النضرة"، والصالحي في "السيرة الشامية".

أما الشجاعة في شخصية الإمام علي فتحتاج إلى مجلدات لسرد مواقفها، فيكفيه أنه بطل أول مبارزة في تاريخ الإسلام يوم غزوة بدر، وهو الذي بارز عمر بن عبد ود يوم الخندق في وقت أحجم الكثير عن مبارزته.

أما بلاغة الإمام علي، فقد تكلم عنها ابن أبي الحديد في شرح نهدج البلاغة فقال: "وأما الفصاحة فهو إمام الفصاحة، وسيد البلغاء، وفي كلامه قيل: دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوقين، ومنه تعلم الناس الخطابة والكتابة ، قال عبد الحميد بن يحيى : حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ، ففاضت ثم فاضت . وقال ابن نباته : حفظت من الخطابة كنزا لا يزيده الإنفاق إلا سعة وكثرة ، حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب ".

يقول ابن الأثير في النهاية:"كانت ضربات علي مبتكرات لا عونا،أي إن ضربته كانت بكرا يقتل بواحدة منها لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا"، ويكفيه ما قام به يوم فتح خيبر، فقال ابن كثير والذهبي وبرهان الدين الحلبي والصالحي الشامي والطبري والإمام أحمد بن جنبل أن الإمام علي تترس بالباب الذي كان عند الحصن، ولم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه الحصن، ثم ألقاه من يده وراء ظهره ثمانين شبرا، قال أبو رافع خادم رسول الله: "قام سبعة نفر وأنا ثامنهم نحاول أن نقلب ذلك الباب فلم نقلبه).

وأما العلم فكان إمام أهل زمانه، ويكفيه قول النبي: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، كما جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم والمعجم الكبير للطبرانى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل