المحتوى الرئيسى

فيليب ستيفنز يكتب: الطريق من الطائفية فى الشرق الأوسط إلى الإرهاب فى أوروبا | المصري اليوم

05/28 01:24

صحيح أنه لم تكن هناك علاقة مباشرة بين زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسعودية وحادث مانشستر، حيث لا يوجد مسار واضح بين خطاب ترامب إلى القادة العرب فى الرياض، والتفجير الإرهابى الملعون فى حفل موسيقى فى شمال إنجلترا، ومع ذلك فإنه يجب أن نشعر بعدم الارتياح إزاء هذه المصادفة.

ويتحمل الجناة وحدهم المسؤولية عن التفجيرات القاتلة مثل تلك التى وقعت فى مانشستر، فليس هناك أى مجال لكلمات مثل «لو» أو «لكن» فى مثل هذه الأمور، كما سيكون من الخطأ الادعاء بأن التطرف الإسلامى غير مبال بسياسات الحكومات الغربية.

ويعد حادث مانشستر، وهو الأحدث فى القائمة الطويلة من الهجمات العشوائية فى المدن الأوروبية، بمثابة تذكير بأننا لا نستطيع بناء جدران ضد العالم الموجود خارج هذه المدن، فالقاتل فى هذا الحادث يحمل جواز سفر بريطانياً، لكن مصدر إلهامه للقيام بهذه الأعمال يكمن فى الحرائق المستعرة بالشرق الأوسط جراء الصراع الطائفى، فلا يمكنك بناء حدود عالية بشكل كافٍ لوقف إفساد العقول الشابة بالأيديولوجيات المشوهة.

ومنذ وقت ليس ببعيد، أعلن الرئيس الأمريكى أن «الإسلام يكرهنا»، كما أصدر أوامر رئاسية تمنع المسافرين من العديد من الدول، ذات الأغلبية المسلمة، من دخول الولايات المتحدة، إلا أن رسالته الآن هى أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج ينبغى أن تكثف عملية مكافحة الإرهاب فى الداخل.

وقد كان ترامب يتحدث فى السعودية، التى خرج منها الكثير من الجهاديين، فمعظم مرتكبى هجمات ١١ سبتمبر فى نيويورك وواشنطن عام ٢٠٠١، كانوا مواطنين سعوديين، ولم يذكر خطاب الرئيس هذه الروابط، فقد كان ترامب هناك لبيع الأسلحة الأمريكية، حيث وقّع عقوداً بقيمة ١١٠ مليارات دولار، وجذب الاستثمارات السعودية إلى الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن هذا يعد نفاقًا من قبل الرئيس الأمريكى، يفضل مستشاروه اعتبار الأمر كأنه واقعية السياسة الخارجية.

وقد أكد الرئيس الأمريكى سابقًا أن هذه الإدارة لن تسعى أبدًا للتدخل فى الشؤون الداخلية لحلفائها، ولكن بدلًا من ذلك وضع ترامب الولايات المتحدة على رأس التحالف العربى السنى ضد إيران، ولأنه غير قادر على الخروج من الاتفاق النووى الدولى مع طهران، كما وعد إبان الحملة الانتخابية، قرر توحيد العالم العربى وإسرائيل ضد زعماء إيران، وعلى الرغم من كون جهاديى تنظيم داعش من السُّنة فإن ترامب يعتقد أن مسؤولية انتشار الطائفية التى تشوه الكثير من دول المنطقة تقع على عاتق إيران.

وهذا الفكر ليس بجديد، فقد دعمت الولايات المتحدة الرئيس العراقى الراحل صدام حسين فى حربه ضد إيران، وطالما كانت العلاقة الوثيقة بين واشنطن ودول الخليج العربى هى المحرك لسياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة.

وقد كانت رؤية الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، عاقلة، حيث كان يرى أن السلام فى المنطقة، والانتصار فى نهاية المطاف على المتطرفين، يتطلبان نوعًا من تسوية الخلافات بين السعودية وإيران كقوى سنية وشيعية رئيسية فى المنطقة، وفى سياق تأمين الاتفاق النووى مع إيران، تبنى أوباما نهجًا متوازنًا محسوبًا لعودة طهران مرة أخرى إلى المجتمع الدولى، ولكن ترامب يفضل صب الوقود على النيران الطائفية.

ولا يمكن إعفاء إيران من دورها فى دعم الرئيس السورى بشار الأسد فى دمشق، أو نشر وكلائها لزعزعة استقرار الأنظمة السُّنية فى أماكن أخرى، وهناك البعض ممن يصفون طهران بأنها نموذج للحرية وسيادة القانون، ومع ذلك فإنها تتحرك نحو الديمقراطية، فقد صوّت الإيرانيون على تحدى الحكم الدينى بدعمهم الإصلاحى حسن روحانى لولاية ثانية كرئيس.

وكان يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين أن يتعلموا منذ فترة طويلة أنهم لن يستطيعوا «إصلاح» الشرق الأوسط، فقد كان الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش، ورئيس وزراء المملكة المتحدة السابق، تونى بلير، يعتقدان أنه يمكنهما زرع الديمقراطية الغربية فى المنطقة من خلال صواريخ كروز، ولكن العنف الحالى فى العراق وسوريا يؤكد أنهما كانا على خطأ، كما أن دعمهما للحكام القمعيين لم ينجح أيضًا، فالأنظمة القمعية تعمل على تأجيج الأعمال العنيفة، وينبغى ألا نتوقع أن تكون الأمور مختلفة فى المستقبل.

غير أنه يجب على الغرب أن يعمل، على الأقل، على تجنب الضرر، كما يجب أن نكون واثقين من أمرين، أولهما أنه على الرغم من شراء السعودية ودول الخليج الكثير من المعدات العسكرية، ذات التقنية العالية، من الولايات المتحدة، فإنهم لا يمكنهم هزيمة إيران، والأمر الثانى أنه طالما خاضت الرياض وطهران حربًا سُنية- شيعية، لا يوجد احتمال للتوصل إلى تسوية إقليمية تقضى على المساحات الآمنة للجهاديين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل