المحتوى الرئيسى

مع الاطمئنان في رمضان

05/27 23:07

موعدنا اليوم مع الراحة، والطمأنينة، والهدوء، والسكينة، وراحة البال، وخلو الذهن، ووجل القلب وجلائه، وقشعريرة الجسد، وعذوبة اللسان، وسكب الدموع، ومناجاة الحبيب، وحياة الروح، وأن تسبق يوم القيامة فتكون من المفردين.

موعدنا اليوم مع عبادة ما أعظمها! وما أروعها! وما أجملها! وما أحلاها! وما أذكاها! وما أسهلها! وما أنقاها! وما أتقاها! وما أعظم فائدتها! وأخيراً، ما أغفلنا عنها!

هل تريد أن تعرف لماذا كل هذا الذي ذكرت؟ نعم سأخبرك، ولكن ليس من عندي؛ بل من الله، ومن عند أفضلِ مَن ذكر الله وأثنى على الله.

قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً (41) وسبحوه بكرةً وأصيلاً (42) هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً (43)" (سورة الأحزاب: 41-43).

وقال تعالى: "والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً (35)" (سورة الأحزاب: 35).

وقال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون (9)" (سورة المنافقون: 9).

عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله: "ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟". قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "ذكر الله عز وجل" (رواه أحمد).

وفي صحيح البخاري عن أبي موسى، عن النبي قال: "مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت".

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبراً تقرَّبت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليّ ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة".

وجاء في حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبق المفردون"، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: "الذاكرون الله كثيراً والذاكرات" (رواه مسلم).

أعرف أنك تحفظ كلام الله وحديث الرسول عن الذكر، ولكني أريدك أن تحلّق معي وأن تقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

هل قلتَها ورددتها واستشعرت معانيها وعلمت فضلها؟

لقد نجى الله -عزوجل بها- نبيه يونس -عليه السلام- من ظلمات بعضها فوق بعض ومن بطن الحوت، بفضل أن كان من المسبحين وهكذا قال الله تعالى: "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون (144)" (سورة الصافات: 144) فأخبِرني ما هي مصيبتك ومشكلتك وهمك، وهل كل ذلك أعظم من تلك المحنة التي عاشها نبي الله عليه السلام؟

يقولون: من ذاق عرف، وأقول: من عرف لذة الذكر ومناجاة الله والقرب منه لا يتخيل أن يهجرها أو أن يعيش من دونها.

فأنت تقول عند كل مساء: أمسيت وأمسى الملك لله، فتمسى مستقراً هادئ البال، فالكون لو في يد أحد غير الله -عز وجل- لاضطرب الكون، وما أصبح صالحاً للعيش عليه، إنك تذكر الله قائلاً عند منامك: "اللهم رب السموات السبع ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل، والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنا الدَّين وأغننا من الفقر". فتنام مطمئناً، هادئاً، تعلم أن القوة جميعاً بيد الله عز وجل، وتختم يوماً وقد أعلنت توبتك إلى الله، واعترفت له بالقوة والقدرة، واستعذت به من كل شر وسوء، فماذا ينتظرك بعد هذا؟!

وما من ذكر لله إلا وتجد أن من قاله، بتدبر ويقين وثبات، قد حصل الهدوء والطمأنينة أولاً، وبعدها يأتي النفع الدنيوي والمادي المرجوّ من الله، فعندما يسافر المسلم يلهج لسانه قائلاً: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.. سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطوِ عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل".

وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: "آيبون، تائبون، عابدون لربنا حامدون"، يا سبحان الله! ما أعظمه من سفر يُفتتح بالتكبير ويُختتم بالحمد، ثم دعاء يدعو إلى الثبات والهدوء أمام عذابات السفر! حيث إن المسلم لم يسافر إلا لما يرضي الله، وهو يرجوه أن يمده بالبر والتقوى، وأن يهون عليه السفر، وكذلك هو يستخلفه في أهله وماله وولده، ويستعيذ به من التعب، والنصب، أو أن يصيبه سوء المنقلب في ماله وأهله، فأي خوف أو هم أو غم يقلق الإنسان بعد ذلك؟!

أخي الحبيب، الكلام كثير والوقت ضيق، ولكن حسبي أن أذكّرك بأن واجبنا مع ذكر الله كبير، فعليك بذكر الله في الصباح والمساء ففيه الخير كله، ويكفي أن تعلم أنك حينما تقول عند صباحك: "رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبيا ورسولاً:، فإن ربك قد ضمِن لك الرضا فتمسي فرِحاً مسروراً.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل