المحتوى الرئيسى

دور إيران السلبي في المنطقة بعد ثورة عام 1979م

05/27 23:07

النظام الإيراني بعد الثورة الإسلامية عام 1979م بالنزعة التطرفية والتوسعية القائمة على ما يعرف بـ"نظام ولاية الفقيه" أو حكم رجال الدين؛ فالدستور الإيراني ينص صراحة على تبنّي المذهب الجعفري أو الاثنا عشري كمذهب رسمي للدولة، دون مراعاة لحقوق بعض الأقليات المذهبية والعرقية بإيران.

كما أن الدستور الإيراني ينص صراحةً على "مبدأ تصدير الثورة" للدول الأخرى ليصبح النظام الإيراني بعد الثورة نظاماً ثورياً، لا يعترف بالحدود الدولية ولا المواثيق التي أبرمتها الدولة الإيرانية مع الدول؛ ما جعل إيران تعيش مرحلة مفصلية نتيجة تغيُّر بِنْية النظام الإيراني من نظام ملكي طبيعي يتعامل بمنطق الدولة وفق الاتفاقيات والمعاهدات والأعراف الدولية، ليتحول إلى نظام قمعي توسعي لا يقبل التعدد ويتعامل بمنطق اللادولة.

وقد أكدت مبادئها الثورية بتحويلها إلى واقع عملي للدولة الفتية، بعد اجتياح السفارة الأميركية بطهران في أثناء الثورة عام 1979م، وكذلك اجتياح السفارة البريطانية عام 2011. وأخيراً، الاعتداء السافر على سفارة المملكة العربية السعودية وقنصليتها بمشهد عام 2016.

كل هذه الأفعال محرمة في الأعراف والمواثيق الدولية، ونجد كذلك الانتهاك الصريح لمبدأ احترام الدول بعدم التدخل في شؤون الداخلية الدول الأخرى والمتفق عليه دولياً.

وكان ذلك باستخدامها المذهب الشيعي، الذي توظفه في خدمة السياسة؛ ليكون ذريعة لها للتغلغل في الدول العربية، عن طريق عملائها وعناصرها، ولتخلق الحلم الذي يراودها؛ وهو رجوع الدولة الفارسية العظمى لحديث عهدها، وإن كان على حساب الدول والشعوب الأخرى، لا سيما العربية التي عانت التدخلات الإيرانية في شؤونها، سواء بالقوة المسلحة أو بما يسمى "Soft power-القوة الناعمة".

فبسقوط نظام صدام حسين عام 2003 ودور إيران واضح لاحتواء العراق، لا سيما وأنها تتطابق مع الاستراتيجية التوسعية الإيرانية بأن تكون بغداد العاصمة للدولة الفارسية المزعومة، فنرى التدخلات والتغلغل الإيراني في صانع القرار العراقي، من خلال الحرس الثوري وتكوين ميليشيات شيعية متطرفة فيها، كـ"الحشد الشعبي"؛ لتصبح تابعة للحرس الثوري الإيراني.

وفي سوريا، بحيث نرى موقف إيران الداعم للنظام السوري الدموي، الذي قتل شعبه وشرَّد أكثر من 12 مليون سوري، كما أن هناك دعماً عسكرياً من خلال إرسال العديد من المقاتلين الإيرانيين للقتال في سوريا، فإيران تعتبر الملف السوري مسألة حياة أو موت؛ نظراً للأهمية الاستراتيجية لها، وإلى جانب أنها حليف للنظام السوري فإنها تمثل الشريان النابض لدعم حزب الله اللبناني، الحليف التقليدي للنظام الإيراني.

وفي اليمن، يدعم النظام الإيراني الانقلابيين بكل تبجُّح، سواء بالمواقف السياسية أو الدعم العسكري المباشر بإرسال شحنات من الأسلحة التقليدية والصواريخ المتطورة، لضرب الشعب اليمني ومحاولة السيطرة على اليمن على الرغم من أقلية الجماعة الحوثية الذين يمثلون 10% من النسيج الاجتماعي في محافظة صعدة فقط.

فدول الخليج وضعت حلاً للأزمة اليمنية عام 2011 بالمبادرة الخليجية، وكانت مخرجات الحوار الوطني بمشاركة جميع أطياف المجتمع اليمني ومن ضمنهم الحوثيون، إلا أن الحوثيين انقلبوا على الشرعية، والسيطرة على صنعاء وملاحقة الرئيس الشرعي إلى عدن.

وتلبيةً لنداء الرئيس الشرعي اليمني للجيران، بادرت الدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، بعملية "عاصفة الحزم"؛ لمساعدة الرئيس اليمني الشرعي والشعب اليمني بعد الانقلاب المدعوم من إيران.

وكذلك الدول الخليجية لم تسلم من التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية؛ ففي عام 2011 في أثناء ما يُعرف بالربيع العربي دعَّمت إيران الثوار في البحرين للقيام بأعمال شغب وتأليبهم ضد حكامهم وزعزعة استقرار الدولة، كما اكتشفت قوات الأمن البحرينية تهريب العديد من المتفجرات، وكذلك محاولة القيام بالعديد من الخطط التجسسية في أراضيها من قِبل النظام الإيراني.

كما في الكويت، حيث اكتشفت قوات الأمن الكويتية خلية تجسسية مؤخراً تُعرف بـ"خلية العبدلي"؛ ما أسهم في توتر العلاقات الكويتية-الإيرانية. هذا بجانب احتلال الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى).

فإيران لا تريد التعايش وحسن الجوار مع جيرانها في المنطقة، فمنذ عام 1979م وهي تحاول تغيير موازين القوى في المنطقة، فعند قيام ثورات الربيع العربي عام 2011 في الدول العربية استغلت إيران هذا الحدث لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، فأصبح لدى إيران ازدواجية في المعايير، وذلك عندما أخذت تدعم الثوار تارة (مصر وتونس واليمن) والأنظمة تارة أخرى (سوريا)، وهو ما أجج المنطقة ومزَّقها بالدعم الإيراني المزدوج ضد الدول العربية.

تلك الثورات التي وصفها أمير دولة الكويت بـ"الوهم العربي" عندما ألقى كلمته في القمة العربية الـ28 بالأردن، "إن ما يسمى الربيع العربي وهْم أطاح بأمن واستقرار أشقاء لنا، وعطَّل التنمية والبناء لديهم وامتد بتداعياته السلبية ليشمل أجزاء عدة من وطننا العربي، وأدى الى تدهور الأوضاع الأمنية فيها وليعيش شعبها معاناة مريرة وتتضاعف معها جراح الأمة".

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل