المحتوى الرئيسى

أفلاطون فاميلى (2) | المصري اليوم

05/27 22:18

أول مؤتمر نسائى عالمى يقام بعد الحرب عقد فى باريس فى السادس والعشرين من نوفمبر عام 1945، وقررت رابطة «فتيات الجامعة والمعاهد المصرية» إيفاد ثلاث عضوات للمشاركة فى المؤتمر عن مصر، وكانت الرابطة تمثل جمعية نسائية مستقلة ذات طابع ديمقراطى، وأعلن عن تكوينها فى منتصف عام 1945، وكانت من بين عضواتها: لطيفة الزيات وإنجى افلاطون وفاطمة زكى. وكانت إنجى أفلاطون واحدة من ضمن العضوات الثلاث اللواتى تقرر سفرهن. وتم جمع التبرعات لتغطية بعض تكاليف الرحلة، وسافرت اثنتان من الوفد عن طريق البحر، بينما سافرت «إنجى» على أول طائرة مدنية تقوم من القاهرة إلى باريس بعد الحرب، كما أشرنا من قبل. ولم تكن الرحلة الجوية سهلة كما فى أيامنا هذه، فرحلة (القاهرة- باريس) التى تقطعها الطائرة الآن فى خمس ساعات أو أقل، قطعتها تلك الطائرة فى عام 1945 فى ثلاثة أيام وليال، أول ليلة هبطت الطائرة فى الصحراء الغربية، وقضى الركاب، ومن بينهم إنجى، الليلة فى خيام تابعة لمعسكر بريطانى فى الصحراء الغربية، والليلة الثانية قضاها الركاب فى تونس أثناء راحة الطائرة، وفى الليلة الثالثة وصلوا أخيرا إلى مارسيليا بفرنسا.

وزادت سفريات إنجى إلى الخارج بعد ذلك للمشاركة فى نشاطات سياسية ومؤتمرات نسوية، وكانت أحيانا تصحبها والدتها لشراء بضائع لمحلها «صالحة» الذى اشتهر وأصبح قبلة نساء النخبة، وأحياناً أخرى تشاركهما السفريات أختها الكبيرة «جولبرى»، ومن المواقف الطريفة التى حدثت فى إحدى هذه السفريات، كانت إنجى مدعوة للمشاركة فى مهرجان الشباب الدولى الذى سينعقد فى براغ عاصمة «تشيكوسلوفكيا»، ويبدأ جدول أعماله فى 28 يوليو عام 1947، وسافرت معها فى نفس الطائرة إلى باريس والدتها «صالحة»، وخالتها وكان اسمها أيضا «إنجى»، وأختها «جولبرى» فى رحلة سياحية عائلية، وكان منظرهن على الطائرة ملفتا للنظر، فالشبه بينهن كبير، ومن عائلة واحدة. الأمر الذى جعل طاقم الطائرة التشيكى فى حالة استغراب ودهشة! عدد أربعة مدام أفلاطون على نفس الطائرة.

عملت إنجى فى بداية حياتها بالتدريس بمدرسة الليسيه التى كانت قد تخرجت فيها لتوها فى مقابل اثنى عشر جنيهاً فى الشهر، لكنها لم تستمر فى هذه المهنة طويلا، وكانت قد انقطعت عن الرسم لمدة سنتين تقريباً، فقررت العودة للرسم. وكانت إنجى تهوى الرسم منذ طفولتها، وكانت عائلتها على دراية بموهبتها الفنية المبكرة ووفرت لها دروسا فى هذا المجال، لكن هذه الدروس لم تخرج عن تكبير بعض البطاقات البريدية، أو النقل السطحى عن الطبيعة مما نفرها من هذه الدروس ودفعها للتمرد عليها، وساعدها الحظ بالتعرف عن الفنان «كامل التلمسانى» عن طريق إحدى صديقات والدتها، ووافق الفنان على تدريس الفن لها، وقد قال الفنان «كامل التلمسانى» عن هذه التجربة فيما بعد إنه قبل هذا العمل يائسا من أى نتيجة، بل اعتبره مضيعة للوقت وتنازلا عن مبادئه، لأنه لا فائدة يمكن أن ترجى من إحدى بنات البورجوازية الكبيرة التى لا شك ترغب فى تعلم الرسم كما تتعلم الطبخ والحياكة والبيانو!. أى كنوع من الديكور الضرورى لها. ولم يمض وقت طويل حتى خاب ظنه وتأكد من تقدم إنجى وتطورها، وحتى أدركت إنجى أن مدرسها الفنان «كامل التلمسانى» فتح لها نافذة ساحرة على الحياة وعلى مصر الحقيقية. نافذة على المعنى الحقيقى للفن.. الرسم ليس إلا التعبير الصادق عن المجتمع والذات. هكذا تعلمت من التلمسانى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل