المحتوى الرئيسى

أين البرلمان والدستور من توجيه ضربات عسكرية خارج الحدود؟

05/27 14:14

"مصر لن تتردد أبدًا في توجيه ضربات ضد معسكرات الإرهاب في أي مكان.. داخل مصر أو خارجها، إحنا لا بنتآمر على حد ولا نعمل في الخفاء".. هكذا خرجت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي غاضبة في نهاية اجتماع مجلس الدفاع الوطني بعد ساعات من الهجوم الإرهابي الغاشم على حافلة سياحية كانت تقل الأقباط إلى دير الأنبا صموئيل في مركز العدوة بمحافظة المنيا، قادمين من بني سويف، والذي راح ضحيته 28 مواطنًا قبطيًا، وأصيب أخرون.

وخلال كلمته، قال "السيسي" إن ما حدث في صعيد مصر "مش هايعدي كده"، مضيفًا أن المعسكرات التي خرجت منها، وتدربت فيها، العناصر التي قامت بالهجوم، تم توجيه ضربة قوية، ونشرها المتحدث العسكري للقوات المسلحة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في فيديو بعنوان "ضربة القوات الجوية في ليبيا" التي نفذت 6 طلعات، استهدفت معسكرات تقع حول درنة يستخدمها مقاتلون ينتمون لجماعة مجلس شوري المجاهدين التابع لتنظيم "القاعدة" بالمنطقة الشرقية.. وبينما انهمك الكثيرون في التفسير الدستوري والقانوني لصلاحية الرئيس في اتخاذ قرار توجيه الضربات خارج البلاد، أكد الخبراء أنه يحق لرئيس الجمهورية الزود عن شعبه وحماية أمنه القومي بقرار سريع مفاجئ في حال توجيهه ضربات خاطفة للعدو بالخارج، دون إنزال قوات برية.

تنص المادة 152 من الدستور المصري على أن: "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة فى مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى، وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثى الأعضاء، فإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجب أخذ رأى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطنى".

الدستور كان واضحًا في مسألة إعلان الحرب أو القرار الجمهوري بشأن شن هجمات أو توجيه ضربات عسكرية خارج حدود البلاد، ما دفعنا للتساؤل، هل اتخاذ قرارًا بتوجيه ضربات جوية لمعاقل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" خارج حدود البلاد دون موافقة مجلس النواب يعد مخالفة دستورية، أم كانت تلك الضربات ضرورة لحماية الأمن القومي، خاصة أنها لم تكن الضربة الأولى لنسور القوات الجوية المصرية التي سبق لها في فبراير 2015 أن قامت بتوجيه نفس الضربات الخاطفة إلى معاقل "داعش" في المدينة ذاتها "درنة"، في ظل عدم وجود مجلس تشريعي حينذاك، وكان ذلك ردًا على نشر التنظيم الإرهابي فيديو يظهر عملية ذبح 21 عاملًا مصريًا قبطيًا تم اختطافهم في ليبيا قبل ذلك التاريخ.

تساؤلات عديدة طرحتها "التحرير" على عدد من الخبراء والمختصين في الشأن السياسي والدستوري للوقوف على حقيقة ذلك الأمر، فضلًا عن اشكالية أخرى جاءت في خطاب السيسي كانت مثار جدل وانتقاد كثيرون حين وجه الحديث للرئيس اﻷمريكي دونالد ترامب، قائلًا: "أقول لفخامة الرئيس ترامب إني أثق فيك وفي كلامك وفي قدرتك على أن تكون مهمتك الأولى هي مواجهة الإرهاب في العالم بالتعاون مع كل دول العالم المحبة للإنسانية والسلام والأمن والاستقرار".

البعض وصفه بأنها استقواء بالخارج في شئون وقضايا داخلية، بينما يراها أخرين بأنها تحمل قدرًا من الذكاء والمرونة، خاصة بعد الوعود العديدة التي أطلقها ترامب خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض، لمحاربة الإرهاب ما يضعه أمام مسئولية كبرى خشية خروج أي ردود فعل دولية ضد مصر في الوقت الذي يحيط بها حزامًا ناسفًا من التنظيمات الإرهابية الذين يمارسون أعمالًا إجرامية على الحدود الشرقية، تتطلب حماية الشعب والأرض والوطن، وهي مهمة أصيلة للقوات المسلحة.

هذا ما أكده الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الذي أوضح أن هناك فارقًا بين توجيه ضربات جوية خاطفة للكيانات الإرهابية خارج حدود البلاد وبين إرسال قوات برية، موضحًا أنه لا يحق لرئيس الجمهورية اتخاذ قرارًا منفردًا في الحالة الأخيرة لتعقب تنظيم إجرامي عبر الحدود دون موافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.

وأضاف نافعة في تصريحات خاصة لـ"التحرير" أن إرسال قوات برية خارج حدود البلاد من شأنه أن يتسبب في مشاكل كبرى مع الدول الأخرى.

الرأي ذاته يتفق معه الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس الذي أبدى ترحيبه الشديد على رد الفعل المصري السريع والذي أثلج صدور المصريين للمرة الثانية ردًا على هجوم داعش على أقباط مصر.

وأضاف: "لابد أن نفرق بين الحرب المنظمة والضربات الخاطفة السريعة، فالحرب تحتاج إلى ميزانية كبيرة واستعداد كامل واعتماد وموافقة مجتمعية وجلسة سرية في البرلمان، أما فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي فكما قال رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون: حين يتعلق الأمر بالأمن القومي فلا تحدثوني عن حقوق الإنسان، ومن ثم فلا يوجد لوم أو انتقاد لرئيس الجمهورية على مخالفته للدستور من منظور المصلحة الوطنية في ظل وجود تهديدات للأمن القومي، حيث لا ينبغي أن تظهر مصر في صورة رد الفعل، بل المبادرة دائمًا لحماية حدودها من الإختراق الإرهابي والزود عن شعبها".

هذه الحالة تسرى عندما تواجه البلاد تهديدًا خطيرا وفوريا، فالرئيس يمتلك سُلطات استثنائية، بحسب الدكتور صبري السنوسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، والذي أكد حق رئيس الدولة المطلق في أن يتخذ كافة التدابير التى تمليها الظروف شريطة التشاور المسبق مع رئيس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني والبرلمان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل