المحتوى الرئيسى

علاقة الدين بالدولة.. إشكالية ثنائية

05/25 22:05

المسألة التي أود طرحها هنا وأعتقد أنها على جانب كبير من الأهمية، بسبب هيمنة الأحزاب الدينية على الساحة السياسية في منطقتنا نتيجة الفراغ العقائدي الحاصل بها، والحركات الجماهيرية التي سميت بالربيع العربي.

إننا لا نريد إقصاء الدين بصورة نهائية عن السياسة، أو مفهوم الدولة عندنا. ولكننا نرغب في نقد الممارسات الدينية التي تبنتها الأحزاب الإسلامية للاستحواذ على السلطة والثروة.. وفي الوقت الذي تم حسم الموضوع في تونس إلى حد ما، وفي مصر أيضاً بعد انقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي على حكم الإخوان المسلمين.. إلا أننا نجد أن هذا الموضوع قد أخذ منحى درامياً في كل من سوريا والعراق وليبيا.

حيث انقسم المجتمع بين مؤيد للاتجاهات الإسلامية نتيجة فشل الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة وبين الاتجاهات الليبرالية والعلمانية التي تدعو إلى حكم مدني بعيد عن الأحزاب والتكتلات الإسلامية، خصوصاً وأن هذه الأحزاب قد أخذت تتجه باتجاه الطائفية والمذهبية مثلما حصل في العراق وسوريا، وتسبب ذلك في صراعات مسلحة دامية نتيجة الغلو في الدين، وتبني المواقف الطائفية المتخلفة، أو تحت لافتة حماية المقدسات المذهبية أيضاً.

وقد صاحب كل ذلك دعايات ديماغوجية مكثفة لاستقطاب الناس بهذا الاتجاه أو ذاك . كما تدخلت كل دول الجوار في هذه الصراعات الداخلية والطائفية

ونحن نتساءل عن كيفية وقف هذا الصراع الدامي المستمر، ومن ثم النهوض بالأمة من جديد.

خصوصاً بعدما انتشرت العقائد البالية، والتي أخذت تترسب في النفوس.. وتروج على أساس أنها من الدين وما هي منه. وكثير من المفاهيم الدينية المتداولة حالياً جاءت نتيجة الجهل والتخلف، والخوف من الآخر..

وانظر إلى المسلمين كيف أصبحوا نتيجة هذه العقائد والشعائر الطارئة، فلم يعودوا إرهابيين فقط بل أمسوا متخلفين في كل مناحي الحياة، حتى أصبحوا أكثر جهلاً من الجاهلية الأولى.

وكيف تحول الدين الحنيف، دين الرحمة والسلام إلى أداة للقتل والتهجير مع التهديد والوعيد حتى أوشكنا أن يبيد بعضنا البعض.

هل هي مؤامرة علينا؟ نعم. ولكننا جميعاً ننفذ ما تآمروا به علينا.. سواء كنا أميين أو متعلمين، وحتى المثقفين فينا.. ولم يعد الدين الإسلامي ديناً واحداً، فقد تحول إلى أديان مختلفة.

وكل حزب بما لديهم فرحون.. وهذه إشكالية جديدة، تضاف إلى إشكالية الدين والسياسة، حيث نرى أن دول المنطقة المبنية على أسس دينية هي دول مذهبية ثيوقراطية معادية للقوميات والأديان والمذاهب الأخرى.

ويتم اضطهاد الشعوب والأقليات باسم العقيدة أو الحاكمية الإلهية المستحدثة.. وحتى المثقفون أخذوا يخوضون مع الخائضين، وما إن يطرح موضوع سياسي أو ثقافي أو اجتماعي للنقاش حتى يتحول إلى خلاف طائفي متحيز ومتعصب على مبدأ انصر مذهبك ظالماً أو مظلوماً! ودبت العداوة والبغضاء بيننا نتيجة التحزب المذهبي الطائفي المتعصب.. كلنا نتحدث عن الديمقراطية والحرية، ونحن أشد عداء لها. ولم يعد أحدنا يطيق الآخر..

بالإضافة إلى عدم احترامنا للرأي المقابل، وكلما حاولنا أن نعيد بناء الوطن على أسس علمية حديثة مع تأكيدنا على بقاء التراث محترماً واجهنا من يصادر رأينا، ويتهمنا بأننا ضد الدين أو ناكرون لماضينا العتيد، أو نهدف لإحلال أفكار ونظريات غربية على مجتمعنا المسلم.. وكأن النظريات العلمية الحديثة معادية للدين وللإسلام.

إننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا لإعادة بناء مفاهيمنا، والتخلي عن التعصب المذهبي وتوسيع ذهننا والانفتاح على العالم المتمدن..

إن السياسة علم والدين عقيدة فلسفية فلا تخلطوا العلم بالعقيدة الفلسفية.. إن المزج بين الفقه الديني المذهبي والفقه السياسي لهو الخلط العشوائي بعينه.. حيث إن لكل منهما أدواته ومناهجه العلمية والفقهية الخاصة به.. وقديماً قالوا إن الدين لله والوطن للجميع، ولكننا نسينا ذلك. وانتكسنا عندما خلطنا المذهب بالسياسة، فاختلفنا، ثم تقاتلنا.. ولانزال كذلك حتى نفرق بين الدين والسياسة، أو بالأصح بين المذهب والسياسة.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل