المحتوى الرئيسى

شيخ الأزهر بعد هجوم مانشستر: لا بد من تضافر الجهود للقضاء على الإرهاب

05/24 15:13

شيخ الأزهر أثناء حواره مع الراديو والتليفزيون الحكومي الألماني

أعرب فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، عن خالص تعازيه في ضحايا هجوم مانشستر البريطانية الذي وقع مساء الاثنين، وأسفر عن مقتل 22 شخصًا وإصابة 59 آخرين، داعيًا إلى ضرورة تضافر الجهود العالمية من أجل القضاء على الإرهاب. 

جاء ذلك في حوار لشيخ الأزهر، مع "الراديو والتلفزيون الألماني ZDF" على هامش زيارته للعاصمة الألمانية برلين، الثلاثاء.

وشدد الإمام الأكبر على استنكار الأزهر الشريف وجميع الأديان وكل الذين يريدون السلام لهم ولغيرهم في جميع أنحاء العالم لهذا الحادث الإرهابي الأليم، مؤكدًا أن الإرهاب لا دين له ولا وطن له. 

رسالة الأزهر في مواجهة الإرهاب 

وقال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن "الإرهاب الغاشم أصبح يستهدف الأبرياء في جميع أنحاء العالم"، موضحًا أن "الأزهر يقود جهودًا حثيثة من أجل نشر ثقافة التعايش والسلام ونبذ التطرف والإرهاب والكراهية والتعصب في جميع أنحاء العالم"، مشددًا على "ضرورة تضافر الجهود العالمية من أجل القضاء على هذا الوباء اللعين وتخليص العالم من آفاته وشروره". 

ولفت الإمام الأكبر إلى أنه "أكد في كلمته التي ألقاها في ملتقى "مغردون" بالمملكة العربية السعودية ضرورة اتخاذ قراراتٍ حاسمة، تقضي على الإرهاب وتجفِّف مصادره ومنابعه، وتوقِفُ العبثَ بدماء الشعوب وبأمن أوطانها ومقدَّراتها، وأن تضمن لها حقَّها في حياة آمنةِ وعَيش كريمٍ، مؤكدًا أنه "بمقدور صانعي القرار العالمي وقْف الحروب الدامية التي تشهدها المنطقة إذا توافرت الإرادة الدولية لذلك".

 وأشار إلى أن "الأزهر الشريف لديه خطة واضحة للانفتاح على الغرب وبخاصة المؤسسات الدينية حيث كانت هناك زيارة إلى الفاتيكان، هي الأولي لشيخ الأزهر، وكذلك زيارات إلى مجلس الكنائس العالمي في جنيف وكنيسة كانتربري في بريطانيا وكذلك زيارة إلى جمعية سانت ايجيديو في إيطاليا والآن نحن بصدد زيارة إلى الكنيسة البروتستانتية في ألمانيا".

وأوضح الإمام الأكبر أن "الأزهر الشريف لديه تصور عالمي يعرضه في كل هذه اللقاءات والزيارات ينطلق من رسالة الأزهر العالمية ومنهجه الوسطي الذي يدعو إلى السلام بين الناس جميعًا".

وخلال الحوار، أبدى الإمام الأكبر استعداد الأزهر الشريف لتدريب الأئمة الألمان في رحاب الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن "هناك برامج مخصصة للأئمة الغربيين لتأهيليهم للتعامل مع القضايا المستحدثة والأفكار الغريبة وتوعيتهم بمخاطر الفكر المتطرف وتدريبهم على أحدث مهارات التواصل مع المسلمين في المجتمعات الغربية بما يساعدهم على تحصينهم من الوقوع في براثن الجماعات الإرهابية وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم ومساعدتهم على تحقيق الإندماج الإيحابي في مجتمعاتهم". 

ويستمر البرنامج التدريبي لمدة شهرين على نفقة الأزهر الشريف، بحسب الإمام الأكبر، الذي أوضح أن "جامعة الأزهر بها قسم للدراسات الإسلامية باللغة الألمانية"، معربًا عن تطلعه لـ"تعزيز التعاون بين هذا القسم والأقسام المناظرة في الجامعات الألمانية لتبادل الخبرات لتعليم الناس صحيح الدين"، مرحبا بالتفاهم والتواصل المصري الأزهري والألماني، الذي يراهن على تعزيزه خلال الفترة المقبلة.

ووفق رؤية شيخ الأزهر، فإن "التحديات والظروف العالمية الراهنة هي التي أفرزت الإرهاب الأسود"، موضحًا أن "طلاب وخريجي وعلماء وأساتذة الأزهر الشريف المنتشرين في جميع أنحاء العالم يقودون جهودًا حثيثة من أجل ثقافة الوسطية والسلام، إضافة لمرصد الأزهر باللغات الأجنبية الذي يرصد كل ما تبثه الجماعات المتطرفة بـ 11 لغة ومن ثم ترجمته وتحليله وأخيرًا الرد عليه وتفنيد ما تثيره هذه الجماعات من أفكار مغلوطة وتفسيرات خاطئة".

ويبلغ عدد الطلاب الوافدين في الأزهر هذا العام 40 ألف طالب من أكثر من 106 دولة حول العالم. 

وقال شيخ الأزهر  "لا يمكن أن يكون هذا الفكر أو ذاك سببًا لما يعانيه العالم من قتل وتخريب"، مشيرًا إلى أن هناك من المذاهب ما يميل إلى الاحتياط وأخرى تميل إلى الوسطية وثالثة تميل إلى السهولة والتمييع، مضيفًا أن هذه المذاهب موجودة منذ قديم الزمان ولم تقم حروب ولم نشاهد مثل هذا الإرهاب الأسود".

 وأضاف: "لا أظن أن الإرهاب بهذه الصورة المتوحشة والتدريب العجيب يرجع إلى مذهب متشدد في مكان معين أو غيره، لكن ربما تستخدم بعض التفسيرات الخاطئة للنصوص لتنفيذ خطة معينة لمنطقتنا هذه وتريد لها أن تبقي في وضع سياسي واقتصادي بل وجغرافي معين".

 وتابع: "كما أن هناك أموالًا طائلة وقنوات تفتح النار على المسلمين صباحًا ومساءً، ومعلوم من يقفون وراءها ولكننا لا نقول إنها مسؤولة عن هذه الحروب، ولكن ينبغي أن نبحث عن سبب هذا الإرهاب خارج إطار الأديان".

وتعليقًا على سؤال حول ارتباط تهمة الإرهاب بالإسلام وما إذا كان هذا يتطلب إصلاح الدين الإسلامي، قال شيخ الأزهر: إن التجديد والإصلاح يكون في الفكر الإسلامي وليس في الدين الإسلامي، موضحًا أن الأمر لا يتعلق بالإسلام فقط، فكذلك الأديان الأخرى تعرضت لهذا؛ فقد حدث في تاريخ المسيحية واليهودية وقُتل كثيرون باسم الصليب والحروب الصليبية فهل كان الإنجيل أو التوراة التي قال عنها القرآن هدى ونور، بحاجة إلى إصلاح. 

وأضاف أن الخطاب الدعوي هو ما يجب إصلاحه وتجديده كما يجب علي العلماء ورجال الدين أن يكونوا على وعي بالنص ومقصودها وإلا فلن يصعب على أي مجرم أن يبرر لإجرامه وأن يئوّل النصوص الدينية تأويلًا فاسدًا وصادمًا، ومثل هذه التفاسير تمثل خيانة للدين، موضحًا أن هؤلاء المجرمين هم المنحرفون وهم من يحتاجون إلى إصلاح شامل وليس الأديان التي نزلت من عند الله عز وجل.

وفيما يتعلق بالأعمال الإرهابية التي شهدتها مصر مؤخرًا خاصة ضد الكنائس، وما إذا كانت تمثل اضطهادًا ضد المسيحيين في مصر وماذا يفعل الأزهر لمواجهتها؟ قال شيخ الأزهر: "هذه الاعتداءات وغيرها في مقدمة اهتمامنا ليس بالنسبة لنا في الأزهر فقط ولكن في الكنيسة المصرية أيضا وبالنسبة للشعب المصري أجمع، موضحًا أن "المصريين جميعا يقفون يدًا واحدة ضد هذه الهجمات التي تستهدفهم جميعا وتستهدف وحدتهم".

ولفت الإمام الأكبر إلى أن "ضحايا هذه الأعمال الإرهابية من المسلمين أكثر من المسيحيين فالإرهاب لا دين له ولا وطن له".

 وأضاف أن "الأزهر الشريف عقد مؤتمر المواطنة بحضور ممثلي الكنائس الشرقية وعدد من الشخصيات ورجال الدين من كافة أنحاء العالم، والذي صدر عنه إعلان الأزهر للمواطنة والذي يؤكد أن الإخوة المسيحيين هم مواطنون كاملون ولا يمكن أن يطلق لفظ أقلية عليهم لأن في هذا انتقاص من شأنهم"، مشيدًا بالجهود التي يقودها بيت العائلة بلجانه المختلفة في تحقيق التواصل الفعال بين جناحي الوطن.

 وبشأن الحديث عن وجود اضطهاد للمسيحيين في مصر، قال شيخ الأزهر إنه "كلام عار تماما عن الصحة، فالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر هي علاقة قوية ومتجذرة، ولم يحدث يومًا أن وقعت معركة بين المسلمين والمسيحيين في مصر على الرغم من تعايشهما على مدار أكثر من ألف عام"، مشيرًا إلى "ما يحدث من توترات أحيانا هي توترات اجتماعية بالأساس يحاول البعض فيما بعد أن يضفي عليها بعدًا دينيًا".

 وحذر شيخ الأزهر من المخططات الخارجية التي تريد ضرب الاستقرار في مصر كما حدث في دول عربية مجاورة، والتي كان السبب وراءها إثارة النعرة المذهبية ومن يقتتلون فيها هم أبناء الدين الواحد من السنة والشيعة، وقد أريد لمصر أن يقتتل أهلها ولكن هذه المرة بين المسلمين والمسيحيين إلا أن هذه المخططات فشلت والحمدلله في النيل من وحدة الشعب المصري. 

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل