المحتوى الرئيسى

برنارد هيكل يكتب:ترامب يستطيع إعادة صياغة الشرق الأوسط | المصري اليوم

05/24 02:45

نقلاً عن شبكة «بلومبرج» الأمريكية

أحد الأهداف الرئيسية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، منذ أن أصبح رئيساً، هو تغيير سياسات سلفه باراك أوباما، بشكل منهجى، ولذلك فإنه ليس من المستغرب أن زيارة ترامب إلى السعودية تهدف إلى تحطيم سياسات أوباما الخارجية فى الشرق الأوسط.

وهذا أمر واعد ومثير للقلق فى نفس الوقت، لأن ترامب الآن لديه فرصة فريدة لإعادة صياغة انخراط أمريكا فى المنطقة، من خلال معالجة مجموعة من المشاكل، التى من بينها علاقة إسرائيل مع الدول العربية، والتطرف الإسلامى، الذى بدأ مع الثورة الإيرانية عام 1979، وبلغ ذروته بصعود «داعش» فى العراق وسوريا.

ولكن هناك بعض العقبات التى سيتعين على الولايات المتحدة مواجهتها، خاصة كيف تواجه أمريكا الطموحات الإقليمية الإيرانية، وكيفية العودة إلى الطريق لحل الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى.

وكون الرياض وتل أبيب هما أولى المحطات فى رحلة الرئيس الأمريكى الخارجية هو أمر يكشف عن أن ترامب يحاول بوضوح أن ينأى بنفسه عن تقارب أوباما مع إيران، فقد كانت الإدارة السابقة ترغب فى إيجاد توازن بين القوى الفاعلة الإقليمية، وهى السعودية وإيران، من أجل تقليص الدور العسكرى الأمريكى فى المنطقة، ومع ذلك فشلت استراتيجية أوباما، وهو ما يظهر بوضوح فى الحروب الجارية فى العراق وسوريا واليمن، والتوترات المتصاعدة بين السعودية وإيران.

وعلى النقيض فإن ترامب لديه رغبة قوية فى التحرك بقوة مع حلفاء أمريكا التقليديين، السعودية وإسرائيل، كما أنه طالما أكد أن إيران هى مصدر عدم الاستقرار فى المنطقة، كما أنه يرى أنها تستخدم الاتفاق النووى غطاءً لزيادة نفوذها فى جميع أنحاء المنطقة، خاصة من خلال استخدام الجهات الفاعلة غير الرسمية، مثل حزب الله فى لبنان وسوريا، والمتمردين الحوثيين فى اليمن، وقوات الحشد الشعبى فى العراق، فمن خلالهم شنت إيران حرباً خفية على العرب السُّنة، وذلك عن طريق توفير الأسلحة والتدريبات للميليشيات الشيعية فى جميع أنحاء المنطقة.

وتحتفى الرياض بترامب لإعطائه الأولوية للعلاقة الاستراتيجية الأمريكية مع المملكة، كما تتم الإشادة به شريكا من قِبَل الدول الإسلامية المعتدلة- مثل الأردن والإمارات- فى الحرب ضد الحركات الراديكالية المتطرفة مثل «داعش» السُّنية وحزب الله الشيعى.

ولا يمكن هزيمة الجهاديين السُّنة، الذين هم فى حرب مع الدول السُّنية مثل السعودية ومصر، دون تحالف مع العالم السُّنى الأوسع، فعلى سبيل المثال، قام السعوديون بحجب العديد من هجمات القاعدة ضد الوطن، وسمحوا باستخدام أراضيهم قاعدة للهجمات الأمريكية ضد تنظيمى القاعدة وداعش، ومن المؤكد أن ترامب يدرك ذلك، وهناك آمال بأن يتخلى الرئيس الأمريكى عن سمعته باعتباره شخصا متخوفا من المسلمين.

وفى المقابل، من المرجح أن تعلن السعودية عن استثمارات كبيرة فى مشاريع البنية التحتية فى أمريكا، وأعلنت أنها ستشترى أسلحة أمريكية بقيمة 110 مليارات دولار، وسيتم القيام بذلك فى إطار جهود المملكة لتحقيق هدفين رئيسيين: تنويع اقتصادها واستثماراتها، وتعزيز قدراتها العسكرية، وقدرتها على حماية نفسها بدلاً من تحميل الولايات المتحدة عبء الدفاع عنها.

ولكن اجتماعات ترامب مع المسؤولين السعوديين لم تكن فقط حول العلاقات الثنائية، فمن ضمن المواضيع الرئيسية الأخرى كان النزاع العربى- الإسرائيلى، الذى دام 70 عاماً، حاضراً، وبما أن تل أبيب ستكون المحطة التالية بعد الرياض فإنه يُقال إن ترامب سيحصل من السعوديين، وجيرانهم فى الخليج، على تنازلات كبيرة تجاه إسرائيل من أجل استئناف عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، وقد يتضمن ذلك إعطاء شركة الطيران الوطنية الإسرائيلية حقوق الطيران، أو ربما إنشاء وصلات اتصالات مباشرة، وليس سراً أن العداوة المشتركة لإيران جعلت دول الخليج وإسرائيل أقرب إلى بعضهما البعض، خاصة فيما يخص الأمن والاستخبارات، ويأمل ترامب فى الاستفادة من ذلك.

والخطر هنا يكمن فى الطريقة التى يحاول بها ترامب استئناف مفاوضات السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، فإذا حصل على تنازلات عربية، مع تجاهله شروط مبادرة السلام العربية، التى قادتها السعودية عام 2002، فإن ترامب سيقوض المملكة وحلفاءها، وتتطلب خريطة الطريق هذه من إسرائيل تقديم تنازلات جوهرية على المدى القريب للفلسطينيين، وأن تقدم لهم فى نهاية المطاف دولة قابلة للحياة، وفى المقابل ستحصل تل أبيب على الاعتراف الكامل، وتطبيع العلاقات مع الدول العربية.

وللقيام بذلك فإنه يجب على إسرائيل أن تقدم فوراً إلى الفلسطينيين شيئاً ملموساً، كالوقف الدائم لبناء المستوطنات فى الضفة الغربية، وفى حال عدم حدوث ذلك فإن إيران والأسد وحزب الله والحوثيين- محور المقاومة لإسرائيل والغرب- ستكون لهم حجة قوية أمام العالم الإسلامى بأن الثأر هو السبيل الوحيد للتعامل مع إسرائيل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل