المحتوى الرئيسى

حسابات قمة الرياض

05/23 22:08

عندما وُجهت الدعوة للرئيس عبدالفتاح السيسى لحضور القمة الإسلامية العربية الأمريكية بالرياض، انتاب الباحثين والسياسيين قدر من الحيرة والقلق، فالدعوة الموجهة للرئيس تنطوى على كثير من المخاطر وقليل للغاية من الفرص، وكان السؤال: هل توافق على تلبية الرئيس الدعوة أم لا؟ وإذا شارك فى القمة ما هى الالتزامات التى ينبغى أن يبتعد عنها تماماً ولا يرتبط بها، وتلك التى يمكن قبولها والتعامل معها؟

بداية فإن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب اختيار الرياض لتكون أول محطة خارجية له بعد انتخابه هو قرار جديد من نوعه، فالرئيس الأمريكى عادة ما يخصص أولى جولاته الخارجية لأهل الجوار فى كندا أو المكسيك، وعادة ما تكون وجهته بعد ذلك دولة أوروبية، أما ترامب فقد قلب الموقف تماماً وقرر البدء بالدولة التى ركز هجومه عليها إبان حملته الانتخابية مطالباً إياها بسداد ثمن الحماية الأمريكية التى لولاها -حسب قوله- ما كانت هناك مملكة عربية سعودية، وقرر أيضاً أن تكون إسرائيل وجهته الثانية، ومن الرياض مباشرة، فى أول رحلة طيران مباشر من الرياض إلى تل أبيب. ومن ثم فالقرار محسوب بدقة شديدة، وعدم مشاركة الرئيس المصرى سيكون رسالة سلبية للرئيس الأمريكى الذى كثيراً ما تحدث عنه وعن مصر إيجابياً. أيضاً فإن الرياض، وفى نشوة الانتصار الشكلى الوقتى، سوف تعتبر عدم مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى خطوة سلبية تجاهها فى وقت لا تحتاج فيه علاقات البلدين المزيد من التوتر.

إذن كانت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة الرياض ضرورية، وفى نفس الوقت كان التحدى الجوهرى هو عدم تورط مصر فى أية التزامات تعاقدية تتورط بموجبها القوات المصرية فى عمليات عسكرية خارج الحدود، كما كان التحدى أيضاً كيف تنجو مصر من تبلور نمط من التفكير يبحث عن تشكيل حلف عسكرى سنى يكون موجهاً ضد إيران وغيرها من المراكز الشيعية فى المنطقة مثل العراق وسوريا الأسد، لا سيما أنه لا توجد مصالح مصرية مباشرة فى هذه القضية، إضافة إلى إدراكنا التام أن واشنطن تنفخ فى الخطر الإيرانى حتى تهرول إليها دول الخليج وتدفع ما سماه ترامب «ثمن الحماية».

نجح ترامب فى جنى الثمار التى أرادها من رحلته إلى المنطقة بدءاً بالرياض، فقد بلغت حصيلة العقود التى أبرمها الرجل خلال الزيارة ٤٦٠ مليار دولار (أربعمائة وستون مليار دولار) ومن ثم حقق ما سبق ووعد به ناخبيه بأنه سوف يحصل على الأموال من دول الخليج وعلى رأسها السعودية، وأن هذه الأموال سوف تساعد فى حل مشاكل الاقتصاد الأمريكى.

كانت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى موفقة للغاية، وألقى كلمة قوية اتسمت بالصراحة الشديدة وكشف الحقائق أمام الجميع، فقد طرح رؤية شاملة لمفهوم الإرهاب تضع الذى يقوم بالتمويل وتجنيد المقاتلين والتسويق لهم إعلامياً فى خانة الإرهابى، فالإرهابى ليس هو من يحمل السلاح فقط، وكانت الرسائل واضحة وكان كشف الدورين القطرى والتركى مهماً للغاية وعلى مسمع من الرئيس الأمريكى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل