المحتوى الرئيسى

كلمة.. «رئيس مصر»

05/22 20:27

نعم كان حضورا يليق بـ «مصر»

.. وكان خطابا يليق بـ «رئيس مصر»

.. وكانت كلمات كاشفة.. واضحة.. مباشرة، تحدد الداء وتصف الدواء، وتضع مبضع جراح في قلب الورم السرطاني، بعد ان تكشف مسؤولية من صنع «الفيروس» ومن «حضنه» ومن «رعاه» ومن «طوره» ومن أمده بالأوكسجين والغذاء وحماه من الكي بالنار، حتى استوحش واستشرى في جسد الأمة من طرطوس الى البصرة، ومن اليمن الى ليبيا.

.. كنت اعتقد أن حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي سيكون كغيره من الحضور، لكنه حقا كان مختلفا، وكيف لا يكون وهو «رئيس مصر»، مصر التي يصعب احتواؤها، وقد احتوت ارضها وصهرت بوتقتها حضارات وغزاة، وبقيت هي مصر.. تاج العلاء في مفرق الشرق.

قال رئيس مصر في كلمته «اسمحوا لي في البداية أن أنقل إليكم تحية من مصر.. بمسلميها وأقباطها.. وحضارتها الممتدة عبر آلاف السنين.. وأرضها التي كانت ملتقى للإسلام والمسيحية واليهودية.. وإسهاماتها البارزة في تاريخ الإنسانية والعلم.. حتى أصبحت رمزا من رموز الاعتدال والوسطية والتنوير..

ان مواجهة خطر الإرهاب واستئصاله من جذوره.. تتطلب الى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية.. مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والايديولوجية والتنموية.. وهنا يكون السؤال الحقيقي الذي يحتاج لمعالجة جادة وصريحة هو: كيف يمكن تفعيل هذه المقاربة الشاملة على ارض الواقع ووفق أي أساس؟

ولتسمحوا لي هنا ان اطرح أربعة عناصر ضرورية في ذلك السياق:

أولا: ان الحديث عن التصدي للإرهاب على نحو شامل.. يعني مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز، ويقتضي النجاح في استئصال خطر الإرهاب ان نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن على جميع الجبهات.

العنصر الثاني: هو ان المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة .. مواجهة جميع ابعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل.. والتسليح.. والدعم السياسي والايديولوجي.. فالإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح.. انما ايضا من يدربه.. ويموله.. ويسلحه.. ويوفر له الغطاء السياسي والايديولوجي.

ودعوني أتحدث بصراحة واسأل: أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين.. ومعالجة المصابين منهم.. وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ من الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها.. كالبترول مثلا؟ من الذي يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود اعلامي عبر وسائل اعلام ارتضت ان تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟

ان كل من يقوم بذلك هو شريك أصيل في الإرهاب.. فهناك.. بكل أسف.. دول تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم.. كما ان هناك دولا تأبى ان تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الارهابيين الأجانب.. حتى مع الإنتربول.

ثالث عناصر الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب .. هي القضاء على قدرة تنظيماته على تجنيد مقاتلين جدد.. من خلال مواجهته بشكل شامل على المستويين الايديولوجي والفكري.. فالمعركة ضد الإرهاب هي معركة فكرية بامتياز.. والمواجهة الناجحة للتنظيمات الإرهابية يجب ان تتضمن شل قدرتها على التجنيد واجتذاب المتعاطفين بتفسيرات مشوهة لتعاليم الأديان.

إنني أتابع تنفيذ مبادرة تصويب الخطاب الديني مع المؤسسات الدينية العريقة في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف.. بما يمثله من مرجعية للإسلام الوسطي المعتدل.

أخيرا وليس آخرا.. لا مفر من الاعتراف بأن الشرط الضروري الذي يوفر البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية هو تفكك وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة الوطنية في منطقتنا العربية.

وليس بخاف عليكم.. إننا واجهنا في الأعوام الأخيرة محاولات ممنهجة.. وممولة تمويلا واسعا.. لتفكيك مؤسسات دولنا.. وإغراق المنطقة في فراغ مدمر وفر البيئة المثالية لظهور التنظيمات الإرهابية واستنزاف شعوبنا في صراعات طائفية وعرقية».

انتهت كلمة الرئيس التي حوت 4 عناصر مهمة لخصت الداء.. ووصفت الدواء.. وكشفت الكثير من المستور.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل