المحتوى الرئيسى

مهرجان موازين.. تبذير وتخدير

05/22 16:42

لقد كان المغنون والمغنيات والراقصون والراقصات موجودين حاضرين عبر التاريخ الإنساني وفي كل العصور، لكنهم لم ينشئوا حضارة ولا نهضة ولم يرفعوا أمة ولم يبنوا جيلاً ذُكر بخير من قِبَل الأجيال التالية، بل كانوا دائماً مصدر تعطيل وتخدير للأمة، وعندما يزدهرون فهذه علامة على سقوط هذه الأمة وانحطاطها.

لقد كان سقراط وأفلاطون أرسطو هم مَن صنعوا الحضارة اليونانية، وجعلوا لها اسماً بين الأمم، وقد كان الفارابي وابن سينا والغزالي وابن رشد وابن خلدون هم من صنعوا الحضارة الإسلامية، وجعلوا لنا وزناً بين الأمم، لقد كان فولتير وإيمانويل كانط وديكارت هم من صنعوا النهضة في أوروبا، ولم يكن أي منهم مغنياً ولا رقّاصاً.

يقال هذا الكلام ونحن قريبون من المهرجان السيئ الذكر موازين، وعلى مشارف انطلاق سيل من هذه المهرجانات، فبينما الغلاء والمرض والبطالة والجهل والفقر يأكل في جسد الأمة المغربية نجد أموالاً تنفق بسخاء على هذه الحفلات، إن هذا المهرجان وأخواته سم زعاف يسقى للأمة المغربية، فلا هو يزكي فضيلة ولا يحفظ جيباً.

إن مال أي أمة هو دم أي جسد، إن الساهرين على هذا المهرجان وأخواته يأخذون الدم من الأعضاء الفقيرة له وهم الشعب، ويعطونه للأعضاء الذين يملكون الكثير منه، وهذا عمل لا أخلاقي، ويتنافى مع العدالة.

عندما تكون فقيراً معدماً مريضاً لا تجد علاجاً، عاطلاً لا عمل لك، متخلفاً وتجد أحدهم يدعوك لكي ترقص وتغني، فاعلم أنك أمام دعوة خائن أمام مستخف بك يريدك أن تبقى غائباً عن الواقع المرير الذي تعيش فيه إنه بكل بساطة يلهو بك.

كان الخليفة العباسي المأمون يقوم بترجمة الكتب العلمية، كتب أرسطو وجالينوس ويعقد المناظرات بين النحويين والمناطقة وبين الفلاسفة وعلماء التوحيد، فشاع العلم في عصره، وشاعت النماذج المشجعة على النجاح بين العامة، فكانت النهضة.

أما نحن في المغرب فنعقد مهرجانات لهو ورقص ونبث الأفلام الخليعة، وننشر بين العامة قدوات سيئة غير جديرة بالاحترام فنقوم بتسويقها على أنهم نجوم.

إن الإعلام المغربي يفسد المجتمع ويضع أفكاراً خاطئة وقيماً فاسدة داخل عقول الشباب، صحيح أن أناساً من هذا الصنف لا يزعجون حكماً، لكنهم في المقابل لا يصنعون مجداً.

بعد كل هذا يبرز مشكل في العدالة، فهذا المهرجان يمتص أموالاً كبيرة جداً، وكلها تأتي من جيوب دافعي الضرائب، وهم الشعب طبعاً، والشعب يحتاج إلى تعليم في المستوى، ويحتاج إلى الصحة، إلى درجة أن على المريض أن يقطع مسافة 400 كيلومتر إلى العاصمة؛ لكي يتعالج من بعض الأمراض الفتاكة ويحتاج إلى وظائف لأبنائه ويحتاج ويحتاج.. لكنها لا تعطي له شيئاً من هذا في مقابل الأموال التي أخذتها منه على شكل ضرائب، إنما تعطيه رقصاً وغناء وغلاء في الأسعار.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل