المحتوى الرئيسى

FilGoal | اخبار | فتيات خارقات وداليدا وفضيل.. كيف يمنح زيدان عصرا ذهبيا لريال مدريد

05/22 01:17

في 1957، أصدرت الفنانة الفرنسية المولودة في مصر داليدا أغنية Bambino. لكنة فرنسية واضحة مع نسيم متوسطي واضح. في 2009 قام "أمير الراي" الجزائري فضيل بإصدار نفس الأغنية بكلمات عربية وموسيقى أكثر شرقية.

الطاقة والحياة أكثر وضوحا في نسخة فضيل، وهذا ما يقدمه لنا زين الدين زيدان مرتين في الأسبوع محليا وأوروبيا.

لا شك في أن "زيزو" هو أحد أعظم من لمسوا كرة قدم في التاريخ، لكن هذا الأمر وحده لا يمنحك أفضلية في أن تصبح مدربا عظيما. كلنا رأينا دييجو أرماندو مارادونا يقود الأرجنتين لكأس عالم كارثي في 2010.

أرقام مبهرة في الدوري رقم 33 لريال مدريد محطات طريق ريال مدريد للاحتفال في سيبيليس ساحة سيبيليس.. قصة ميدان تركه أتليتكو لريال مدريد بسبب قلة البطولات

لكن ما يغفله الجميع في تفسير أسباب نجاح زيدان المدرب، هي تلك الخلفيات المميزة التي يأتي منها زيزو، ابن الجيل الثاني من المهاجرين الجزائريين لفرنسا مع فترة لا يستهان بها من لعب كرة القدم في إيطاليا ثم إسبانيا.

"لم أكن أتخيل أن زيدان سينجح كمدرب"

لن تدرك فور قراءة العبارة السابقة من هو قائلها، هل هو راؤول جونزاليس منذ شهرين، أم كاكا قبل يومين من تتويج ريال مدريد بالدوري رقم 33، أم محمد أبو تريكة في الاستوديو التحليلي الذي تلا مباراة ريال مدريد ومالاجا.

مهنة تدريب ريال مدريد بالذات ليست سهلة، زيزو مطالب بالتعامل مع رئيس نادي أقال المخضرم كارلو أنشيلوتي بعد فوزه بالعاشرة التاريخية، ودائما ما يتهم بالتدخل في تشكيل فريقه لصالح العناصر الهجومية.

"لماذا نضع طبقة أخرى من الذهب على سيارتنا البينتلي ونحن نفقد المحرك نفسه؟".. زيدان عن رحيل كلود ماكاليلي عن ريال مدريد في 2003.

كيف تحول زيدان إلى رجل خارق

هناك فرضية، خلفيات زيدان المختلفة جعلت منه رجلا خارقا.

نحن هنا نتحدث عن رجل يحول كل ما يفعله إلى أيقونة، رأسياته ضد البرازيل أيقونة، تحكمه في الكرة أيقونة، له مراوغة بإسمه، مبارياته الفردية ضد إنجلترا والبرازيل لن تمحى من تاريخ كرة القدم، بانينكا في نهائي كأس عالم ونطحة تحولت لتماثيل بعد ذلك.

كل ما فعله زيدان، جيدا كان أم سيئا، تحول على الفور إلى ذهب.

الأمر أشبه بمسلسل Powerpuff Girls الشهير الذي أنتجته شبكة Cartoon Network عام 1998، الذي يدور حول عالم يريد أن ينجب بناتا، فيضع عدد من المكونات قبل أن يضيف رغما عنه مادة كيميائية غير معروفة لتتحول تلك الفتيات لفتيات خارقات.

تلك المادة الكيميائية، ذلك العنصر الذي يجعل زيدان خارقا.

طوال مسيرة زيدان كلاعب كرة قدم، لم يعترف أبدا أن موهبته الفطرية كانت سببا في كونه لاعب عظيما. دائما ما يقول زيزو أن العمل الجاد جعله من أفضل لاعبي كرة القدم عبر التاريخ.

لكن – مع العمل الجاد – موهبة الإبن الخامس لإسماعيل ومليكة الذي رأى النور في مارسيليا كانت واضحة منذ البداية.

جان فارو، الكشاف الذي اكتشف زيدان وأحضره لنادي كان، يقول عن زيدان: "كان يتكلم مع الكرة، لا أتذكر أني رأيت شيئا مثل هذا". حديث فارو كان عن موهبة زيدان، قبل أن يستطرد "كانت لديه مقومات المقاتل القادم من مجتمع فقير. لقد كان جائعا".

في مارس 2009، عاد زيدان لريال مدريد كمستشار لفلورنتينو بيريز، قبل أن يأخذ مكان خورخي فالدانو كمدير رياضي، الاسم الأنيق لحلقة الوصل بين رجلين كل منهما "غريب الأطوار" في مجاله. جوزيه مورينيو وبيريز.

يقول شقيق زيدان، نور الدين: "زين الدين افتقد شيئا، ذلك الضغط والتوتر قبل المباراة، لم يكن ليحصل عليه مرة أخرى دون أن يكون مدربا".

مع الوقت، أراد زيدان أن يغمر نفسه في التدريبات عكس رغبة مورينيو الذي أراد داعما في حروبه الكلامية الدائمة ضد الحكام الإسبان وبرشلونة مثلما قالت جريدة "سبورت" في هذا الوقت من العام 2012.

في العام التالي، أتى كارلو أنشيلوتي، وتغير كل شيء.

يقول زيدان "عندما توقفت عن لعب الكرة، فعلت أشياء كثيرة ورأيت أشخاص كثر (ربما يقصد زيدان هنا التتلمذ على يد أمثال مارسيلو بييلسا وبيب جوارديولا)، تعلمت الكثير عن كرة القدم، لكن في النهاية علي أن أفعل ما أحب، وهو كرة القدم".

رغم أن معظم من زامل زيدان في الملعب كان لديه شكوك حول تحوله إلى مدرب، مدربه الأول في أكاديمية كان، ومعلمه في ورش اليويفا بعد ذلك جي لاكومب كان له رأيا أخر.

لاكومب درب زيدان وهو في عمر الـ17، حيث قال: "لا يمكن القول إني رأيت مدربا في زيدان وهو في هذا العمر، لكن كان لديه حس المجموعة، ومحاولة حل مشاكل زملائه في الملعب وجعل الجميع يلعب بصورة أفضل".

تصريحات لاكومب لـ"فور فور تو"، توضح السبب الرئيسي لفشل اللاعبين الكبار في مهنة التدريب، هو عدم قدرتهم على فهم الأسباب خلف عدم قيام لاعبيهم بالأمور التي كانوا يفعلوها هم إبان أيام لعبهم، في المقابل، ينجح اللاعبون الأقل موهبة كمدربين لأنهم يفهمون ذلك الأمر.

في حوار سابق مع "ماركا" قال أنشيلوتي في تفسيره لنجاح زيدان "عندما تبدأ كمدرب تصبح الكاريزما هامة جدا. حقيقة أنك تحصل على احترام زائد لما فعلته في الماضي، هذا ما حدث مع زيدان. بعد ذلك، كل يوم يصبح امتحانا، اللاعبون ينظرون لك ويسمعونك ولكن إن فقدوا هذا الاحترام سيكرهك اللاعبون وستسوء الأمور، بالنسبة لي، المهم هو كيفية التواصل مع اللاعبين".

أما زيدان فيقول "أعتقد أني أعلم متى أتحدث مع اللاعبين وأعتقد أني أعلم ما يريدون، وفي أي لحظات يحتاجون فيها وجودي. أحيانا، وجودي بجانبهم يبدو كافيا. ليس عليك أن تقول كلاما كثيرا حول مشاكل معينة. التواصل الجيد هو أن تعلم متى تصمت. أنا أعلم كيف أفعل ذلك".

أخذ زيدان مسيرته الكروية الرائعة، دمجها بصفات شخصية وخبرات متراكمة من التعامل مع أمثال مارتشيللو ليبي وأنطونيو كونتي وديدييه ديشان وكارلو أنشيلوتي وإيميه جاكيه وبييلسا وجوارديولا ومورينيو والكثير من الأشخاص المؤثرين في كرة القدم، سواء كلاعبين أو كمدربين فيما بعد، واضعا عليها هيبة اسم زين الدين زيدان.

جون كارلين مؤلف كتاب "الملائكة البيضاء، بيكام وريال مدريد وكرة القدم الجديدة"، والكاتب بجريدة "إل باييس" الإسبانية، يقول لـ"بليتشر ريبورت": "يختار المشجع أن يمنح المدرب قدرات سحرية، أن يمنحه القدرة أن يحول كل ما يلمسه لذهب. أي مشجع لريال مدريد يفكر بعقلانية سيدرك أن زيدان لن ينجح. لو لم يكن اسمه زين الدين زيدان لم يكن ليصبح مدربا لريال مدريد. ولكنه نجح بطريقة كبيرة، ولكن إن سألتني هل ينجح في فريق أخر سأقول إنه سيفشل، لكن لا أحد يعلم".

يضيف كارلين عن زيدان "هو الضد التام لجوزيه مورينيو، مورينيو دائما ما يبحث عن الأعذار عن الخسارة، بينما يبدو زيدان دائما هادئا، بشكل ما فوق كل فوضى عالم كرة القدم".

الشارع خلق أسطورة زيدان، هدفه في باير ليفركوزن في نهائي دوري أبطال أوروبا 2002 هو دائما اللقطة الأخيرة في فيديوهات تمجيد الملكي قبل هدف سيرخيو راموس الشهير الذي أتى للفريق بالعاشرة.

يضيف كارلين "ريال مدريد فريق مليء بالنجوم، هناك نجوم في كل مركز، لكن الأمر الهام هو أن تحافظ على هذا الفريق سليما من الناحية النفسية، وتطويع فرديات هؤلاء اللاعبين مهاريا ونفسيا لصالح الفريق، هذا ما فعله زيدان بطريقة رائعة".

أن تدير فريقا يضم نجوما أقلهم لمعانا توني كروس ولوكا مودريتش، بتأثير يمنحك القدرة أن تضع لاعبين مثل إيسكو وخاميس رودريجيز على الدكة معظم أوقات الموسم دون أن ينبسوا بكلمة اعتراض، عليك أن تكون زيدان.

زيدان استطاع أن يبقي رونالدو على الدكة لإراحته، وإشراك كاسيميرو عكس رغبة بيريز الذي يريد دائما أكثر عدد من اللاعبين الهجوميين في الملعب.

هل هذا أصعب أمر فعله زيدان؟ هذا رجل قلب نتائج الانتخابات الفرنسية من قبل. تأثيره في فوز جاك شيراك على اليميني جان ماري لوبان في 2002 لا يمكن إغفاله. لقاء تلفزيوني واحد كان كافيا لشيراك لقلب موازين الانتخابات والفوز 82% في جولة الإعادة في الانتخابات، بعد أن كان قريبا منه جدا في الجولة الأولى قبل تصريحات زيزو.

لا يمكن لرجل قلب انتخابات دولة معقدة عرقيا واجتماعيا وسياسيا مثل فرنسا ألا يستطيع إدارة لاعبي كرة قدم.

منذ بداية مارس الماضي، لم يشارك كريستيانو رونالدو ضد فرق مثل ليجانيس، سبورتنج خيخون، ديبورتيفو لا كورونيا، غرناطة. والنتيجة، رونالدو حاسم في المباريات الكبيرة في الليجا ودوري الأبطال.

رونالدو تحول مع زيدان إلى وحش يسجل 50 هدفا في 50 مباراة مع النادي والمنتخب، عدد مباريات أقل وعدد مباريات أكثر.

هل لعب الحظ دورا في نجاح زيدان؟

دييجو توريس، صحفي جريدة "إل باييس"، ومؤلف كتاب "الاستثنائي: الوجه المظلم لجوزيه مورينيو" يقول لـ"بليتشر ريبورت": "حظ زيدان ليس مجرد حظ، إنه يلازمه. زيدان رجل لديه شجاعة وكاريزما هائلة، ومن هنا يأتي الحظ".

في 2016، فاز زيدان بدوري أبطال أوروبا كمدرب، ولأول مرة لا يقابل الفريق الفائز بالبطولة أي من أبطالها السابقين.

Comments

عاجل