المحتوى الرئيسى

دولة "الأوامر"!!

05/21 19:46

عندما زار "أردوغان" الكويت في 9/5/2017، عرف العالم كله، حجم الصفقات التي عقدها لصالح بلاده، أو للمصالح المشتركة بين البلدين.. وفي اليوم الأول من زيارة "ترامب" للسعودية يوم 20/5/2017، أُعلن عن أرقام الصفقات، والتي كانت محل دهشة العالم كله.. الرياض ذاتها لم تخفِ الأرقام، لأنها لم تكن "هبة" أو "بعزأة".. فالدول ليست جمعيات خيرية، وإنما المصالح المتبادلة، العاصمتان ستجنيان ثمرة الاتفاقات.

الرئيس عبد الفتاح السيسي، سافر كثيرًا خارج البلاد، وبالتأكيد فهي سفريات ليست للنزهة، وإنما بحثًا عن مصالح ومنافذ؛ للخروج من هذا الكابوس الذي تعيشه مصر حاليًا.

المشكلة.. أنه في كل مرة يسافر الرئيس ويعود، لا يعرف المصريون شيئًا عن نتائج الزيارة، إلا في حالات استثنائية: عقد صفقات سلاح.. وتحويل يوم التسليم إلى احتفالية وطنية صاخبة!

حتى "الاتفاقات" شديدة الحساسية التي تتعلق بالسيادة الوطنية، يعقدها الرئيس بدون الرجوع إلى الرأي العام واستشارته: وثيقة "إعلان المبادئ" لسد النهضة.. واتفاقية التنازل عن تيران وصنافير.. بل عقد لقاءات سرية في "العقبة"!

في الحالات التي نعرف بعض تفاصيلها، مثل المنح والهبات والقروض، فإنها تنفق بدون أية مظلة حماية من الشفافية.

لا أحد يعرف على وجه الدقة، حجم القروض، ولا أين أُنفقت.. ولم يتبقَ إلا عدة أشهر على الانتخابات الرئاسية، وليس بوسع أحد أن يتوقع بأن الرئيس سيقدم جردة حساب للرأي العام، بشأن هذا الملف تحديدًا.

هذه الظاهرة، لم تعد خاصة، بالسياسات الخارجية وحسب، بل امتدت لتكون جزءًا أيضًا من السياسات المتبعة في إدارة البلاد داخليًا:

بالتأكيد من حق الرئيس، أن يتخذ ـ وحده ـ قرارات في ضوء سلطته، التي حددها الدستور والقانون، وهي في الغالب القرارات ذات الطابع الإداري اليومي، الأقل حساسية، وغير الماسة بالأمن القومي.. أما القرارات الكبيرة، الخاصة بالسيادة أو المال العام (التصرف في رصيد الدولة من الأراضي المملوكة لها) أو تكليف الجيش بمهام "مدنية"، فإنه من المفترض أن يعود قبلها إلى استشارة المؤسسات الدستورية المنتخبة.. غير أن ما نراه اليوم، يقتصر فقط على خطاب رئاسي وعظي وعاطفي، يحث المصريين على الصبر والتحمل وسداد فاتورة الإصلاح الارتجالي.. فيما تطلق الرئاسة يدها في صناعة القرارات الكبيرة، وعادة ما نسمع من الرئيس بأنه "أمر" بكذا وكذا!!

والأوامر.. هي نقيض دولة المؤسسات.. والأوامر.. نقيض الدستور والقانون.. والمشكلة أنها بالتراكم وبحكم الإلف والتعود عليها.. باتت ظاهرة مستقرة غير قابلة للنقد أو المراجعة.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل