المحتوى الرئيسى

حفل استقبال تاريخي لترامب في السعودية.. فهل يرمم التحالف القديم أم يكتفي بالعبارات المعسولة؟

05/18 23:28

تستعد المملكة العربية السعودية لتنظيم استقبال حافل لدونالد ترامب خلال رحلته الأولى خارج البلاد كرئيسٍ للولايات المتحدة الأميركية؛ إذ سيجتمع القادة المسلمون في الرياض، كما سيُقام معرضٌ للسيارات الأميركية الكلاسيكية، بالإضافة إلى مبارياتٍ رياضيةٍ وحفلاتٍ غنائية. وتقوم ساعةٌ إلكترونيةٌ بحساب الثواني المتبقية حتى حلول يوم زيارته.

وتقبع خلف هذه الاحتفالية الضخمة توقعاتٌ كبيرةٌ من الصعب تلبيتها، حسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

وتنبع الحماسة تجاه ترامب -الذي يواجه الكثير من الصعوبات على الصعيد المحلي- بين زعماء الخليج من الرغبة في الحصول على حليفٍ بعقليةٍ مُشابِهةٍ في صراع المملكة الغنية بالبترول ضد إيران، مُنافسها الرئيسي في الشرق الأوسط.

وعندما كان مرشحاً في الانتخابات الرئاسية الأميركية، هاجم ترامب الاتفاقية التي وقَّعها سلفه باراك أوباما والتي تسمح لإيران بأن تحتفظ ببرنامجٍ نوويٍ محدود. وكرئيسٍ، فرض عقوباتٍ جديدة على الجمهورية الإسلامية، وشَنَّ هجماتٍ جوية ضد حليف إيران في سوريا، كما وعد بالمزيد من الحزم في التعامل مع إيران بشكلٍ عام. لهذا أشاد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، بالرئيس الأميركي ووصفه بأنه "صديقٌ حقيقيٌ للمسلمين"، كما وصف لقائهما في مارس/آذار 2017 بأنه "نقطة تحوُّلٍ تاريخية".

وتنقل "بلومبرغ" عن بول بيلار، الأستاذ بجامعة جورج تاون في واشنطن والضابط السابق بوكالة المخابرات المركزية قوله: "يُثير خطاب ترامب الحماسي المناهض لإيران سعادة القادة السعوديين، الذين يفضلونه بالمقارنة مع حكومة أوباما التي كانت على استعدادٍ للتعاون مع إيران".

ولفت التقرير إلى أنه بينما عزَّزت إيران وروسيا من وجودهما العسكري لخدمة مصالحهما بالشرق الأوسط، نجح ترامب في الانتخابات الرئاسية نتيجة وعوده بعدم توريط الولايات المتحدة في المزيد من الحروب. وليس واضحاً كيف سيُترجَم خطابه الإيراني إلى عملٍ فعلي على أرض الواقع.

فالاتفاق النووي، الذي كان من المُفتَرَض أن يكون لاغياً منذ اليوم الأول لتوليه المنصب، لا يزال قائماً. أما بشار الأسد، عدو المملكة العربية السعودية، فلا يزال بمنصبه مستمراً في تحقيق مكاسبٍ بالحرب السورية، كما لا يوجد دليلٌ على كون هجوم ترامب بالصواريخ كان جزءاً من خطةٍ موسعةٍ للإطاحة به. وقد يكون الرئيس الأميركي الجديد أكثر دعماً نسبياً لحملة المملكة العربية السعودية في اليمن ضد الحوثيين الذين يقولون إنها مدعومةٌ من إيران، لكن هذا الصراع ما زال ماضياً في طريقٍ مسدودٍ بعد مرور أكثر من عامين.

ويقول جورج غوس، أستاذ الشؤون الدولية والمتخصص في الشأن السعودي بجامعة تكساس إي آند إم: "لست واثقاً بقدرة الحكومة الأميركية الحالية على تحقيق رغبة السعوديين، وهي تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة والعودة به إلى سابق عهده".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد مدد الأربعاء 17 مايو/أيار 2017 إعفاءً واسع النطاق لإيران من عقوبات بموجب الاتفاق النووي الدولي الذي أُبرم عام 2015، لكنه فرض في الْيوم ذاته عقوبات محدودة على شخصيات إيرانية وصينية لدعمهم برنامج إيران للصواريخ الباليستية.

وبدا أن التحركَين اللذين أعلنتهما وزارتا الخارجية والخزانة مصمَّمان لإظهار موقف صارم تجاه إيران حتى رغم أن ترامب واصل سياسة سلفه باراك أوباما بتطبيق الاتفاق النووي الذي وافقت إيران بموجبه على تقليص برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات، حسب وكالة رويترز.

وبخصوص سوريا، قال غوس: "على السعوديين أن يُهيِّئوا أنفسهم لفكرة أن الأسد لن يختفي من الوجود". وأضاف أن هناك مجالاً أكبر للتعاون باليمن، في حال مارست الولايات المتحدة ضغوطها للوصول إلى حلٍ سياسيٍ. لكن هذا أيضاً يستدعي "التزاماً ومجهوداً أميركياً جاداً" على حد قوله، وهو لن يأتي عما قريب من واشنطن، المنشغلة بشؤونها الداخلية.

وعلى رأس قائمة الأمنيات السعودية، يأتي إلغاء التشريع الذي يسمح لعائلات الضحايا الأميركيين لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 بمقاضاة الدول الأخرى على دورها في الهجمات. فتفعيل هذا التشريع يضع الحكومة السعودية على خط النار؛ إذ إن معظم منفذي الهجمات في ذلك اليوم كانوا من مواطني المملكة. ومرَّرَ الكونغرس هذا التشريع العام الماضي 2016 بدعمٍ واسع النطاق، ولا توجد مبادراتٌ جادةٌ لتعديله في الوقت الحالي.

ورحَّبَ العديد من الحلفاء الشرق أوسطيين بترامب، لكنهم وجدوا أن كثيراً من كلماته الودية ليست مقترنةً بأفعالٍ على أرض الواقع. فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي لم يُكن مرحَّباً به في البلاد في عهد حكومة أوباما، لم يرفع ترامب بعد أن استقبله القيود التي تمنع مصر من شراء الأسلحة الأميركية من خلال تسهيلات ائتمانية.

ومن المُقرَّر أن يلقي ترامب خطاباً عن التشدد الإسلامي خلال زيارته المنتظرة. وهو الحدث الذي يُعتَبَر ذا خطورةٍ كبيرة، وفقاً لبول سوليفان، خبير شؤون الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون.

وقال سوليفان: "أتمنى أن يكون شديد الحذر ودقيقاً ومُطَّلِعاً في صياغته لخطابه ولغة جسده في أثناء إلقائه؛ نظراً لما يُمكن أن يسببه من زلازل سياسيةٍ في حال قام بتكرار أحاديث خطاباته السابقة في مثل هذا المناخ".

وفِي السنوات الأخيرة، شهدت السياسة الخارجية تزايد دور الأمير محمد بن سلمان، الذي تزامن مع انحسار الاهتمام الأميركي بشؤون الشرق الأوسط في عهد أوباما. وجاء الرد السعودي بالتخلي عن تفضيل المملكة التقليدي لاستخدام القوة الناعمة، وتدخلوا بشكلٍ مباشرٍ في اليمن وبصورة غير مباشرةٍ بسوريا.

ولا يسعى الأمير، ابن الـ31 عاماً، لإحداث ثورةٍ في السياسة السعودية الخارجية فقط؛ إذ من المتوقع أن تُشكِّل خطته الاقتصادية الطموحة، لإنهاء الاعتماد على النفط وتقليص دور الدولة، نقطةً محوريةً في المحادثات مع ترامب، حسب تقرير بلومبرغ.

ويُضيف سوليفان أن هذه الخطة "تحتاج بوضوحٍ إلى الدعم الخارجي. وما يمكن لترامب أن يفعله في هذا الشأن هو موضع نقاش".

ويقول الأمير محمد بن سلمان إنه سيبني الصناعات المحلية، بما يشمل مجال الدفاع، الذي تُعتبر السعودية أفضل عملاء الولايات المتحدة فيه، وسيسعى كذلك لفتح المجال للمزيد من الاستثمارات الأجنبية. ويسعى ترامب في الواقع إلى تدفق الأموال في الاتجاه المعاكس؛ إذ إنه قد انتُخِبَ من منبر دعا فيه لفكرة "أميركا أولاً".

وكان مسؤول كبير بالبيت الأبيض، قد قال الجمعة 12 مايو/أيار 2017، إن الولايات المتحدة على وشك استكمال سلسلة من صفقات الأسلحة للسعودية تزيد قيمتها على 100 مليار دولار .

وأضاف المسؤول الذي تحدث لـ"رويترز"، شريطة عدم نشر اسمه، إن هذه الحزمة قد تزيد في نهاية الأمر على 300 مليار دولار خلال 10 سنوات؛ لمساعدة السعودية على تعزيز قدراتها الدفاعية في الوقت الذي تواصل فيه الحفاظ لحليفتها إسرائيل على تفوقها العسكري النوعي على جيرانها.

وقال المسؤول إن الحزمة تشمل أسلحة أميركية وصيانةً وسفناً والدفاع الجوي الصاروخي والأمن البحري.

وأضاف: "سنرى التزاماً كبيراً جداً.. وهو يهدف بطرق كثيرة إلى بناء قدرات من أجل التهديدات التي يواجهونها".

وأضاف المسؤول أن ترامب سيحضر خلال وجوده في الرياض 3 مناسبات كبيرة؛ وهي: سلسلة اجتماعات مع المسؤولين السعوديين، وجلسة منفصلة مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي الست، وغداء مع زعماء عرب ومسلمين تم توجيه دعوة لـ56 منهم؛ لبحث مكافحة التطرف وشن حملة على التمويل غير القانوني.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل