المحتوى الرئيسى

خائن أم بطل.. قصة عالم في جيش تايوان منع حربا نووية

05/18 20:14

"خائن أم بطل".. قصة عالم في جيش تايوان منع حربا نووية

في 1988، كانت تايوان تصارع الزمن للانتهاء من صنع قنبلتها النووية الأولى، ولكن أوقف عالم في الجيش الفلبيني برنامجها النووي عندما كشف مخططاتها النووية للولايات المتحدة الأمريكية.

وفي التقرير التالي، نعرض لكم قصة الرجل الذي يصر، حتى الآن، على أنه كان عليه "خيانة" بلاده من أجل حمايتها.

وحتى يومنا هذا، يعتبر النقاد "تشانج هسين-يي "خائن"، ولكن تشانج ليس لديه أي مشاعر ندم تجاه كشفه للبرنامج النووي لبلاده.

"إذا كان عليَ أن أعيد كل ما فعلته، سأفعل ذلك دون تردد"، هذا ما قاله العجوز الشجاع صاحب الـ 73 عاما لهيئة الإذاعة البريطانية " بي بي سي"، من منزله في الولاية الأمريكية "إيداهو"، في أول حوار صحفي بارز معه منذ الواقعة.

ويعيش الكولونيل العسكري السابق في إيداهو منذ عام 1990، وتعد أمريكا حليف قوي لجزيرة تايوان.

وقد يبدو الأمر مربكا فيما يخص العلاقات القوية بين أمريكا وتايوان، بأن تأمر الحكومة التايوانية علمائها بتطوير أسلحة نووية "سرا" دون علم واشنطن.

ومن جانبها، فإن الصين، العدو اللدود للفلبين، تبني ترسانتها النووية منذ ستينيات القرن الماضي، وهو ما أصاب تايوان بالفزع، خوفا من أن تبيد الصين بأسلحتها النووية الجزيرة التي لا تتعدى مساحتها 37 ألف كيلومترا.

وانفصلت تايوان عن الصين بعد الحرب الأهلية الصينية عام 1949، وحتى الوقت الحالي، تعتبر الصين تايوان مقاطعة تابعة لها، وتصمم على إعادتها لأراضيها، حتى لو وصل الأمر لاستخدام القوة.

وبعدما انفصلت تايوان عن الصين، كانت أحوالها غير مستقرة، فرئيسها كان على سرير الموت، ورأت أمريكا أن الجنرال الذي سيتولى مكانه رجل "شرير" ولديه طموحات نووية، لذلك شعرت الولايات المتحدة بالقلق وكان عليها فعل أي شيء لجبح الطموح النووي لدى تايوان، لذلك جندت تشانج لوقف برنامجها النووي.

وعندما بدأ تشاتج عمله للاستخبارات الأمريكية CIA في بداية الثمانينيات، كان نائب مدير معهد تايوان لبحوث الطاقة النووية، المعهد الذي كان مسؤولا عن البرنامج النووي.

وكأحد أبرز العلماء النووين في تايوان، تمتع تشانج بحياة مليئة بالامتيازات والفخامة والمرتب المرتفع.

وأوضح تشانج أنه بعد كارثة "تشيرنوبيل" النووية في أوكرانيا عام 1986، بدأ يتساءل عن إذا كان من الصحيح أن تمتلك تايوان أسلحة نووية، وأقنعه الأمريكان أن وقف برنامجها النووي سيكون "قرار جيد لمسألة السلام وسيصب في مصلحة الصين وتايوان".

وأكد تشانج أنه اقتنع بالكلام الأمريكي، وأهم ما شجعه على اتخاذ قرار وقف البرنامج النووي هي الجهود الأمريكية الكبيرة لتأمينه، وأهم شيء بالنسبة له كان إخراجه هو وعائلته من الجزيرة.

ولكن في ذلك الوقت، لم يكن مسموحا للمسؤولين العسكريين مغادرة البلاد بدون إذن، لذلك حرص تشانج على سلامة عائلته عن طريق إرسال زوجته وأطفاله الثلاثة إلى اليابان في "رحلة".

وقالت زوجته، بيتي، إنها لم تكن تعلم حينها بالعمل السري لزوجها، مشيرة إلى أن كل ما كانت تعلمه أنه يفكر في قبول وظيفة عرضتها عليه الولايات المتحدة.

وفي 8 يناير 1988، غادر تشانج تايوان متحمسا لزيارة مدينة الملاهي العالمية "ديزني لاند" في العاصمة اليابانية طوكيو. وفي اليوم التالي، كان تشانج على متن طائرة متوجهة لأمريكا مستخدما جواز سفر بهوية غير حقيقية منحتها له الاستخبارات الأمريكية.

وأوضح العالم التايواني أن أمريكا كانت بالفعل لديها كل المستندات التي تحتاجها حول البرنامج النووي، وكل ما كنات تريده هو شخص يثبت لها ما لديها من وثائق.

وفي طوكيو، فاجأت سيدة "بيتي" بإعطائها رسالة من تشانج مكتوب فيها: "لن تعودي مجددا إلى تايوان، ومن اليابان ستتوجهين إلى أمريكا مباشرة"، وقالت بيتي: "هرعت في البكاء بعد قراءتي للرسالة لأني لن أذهب لتايوان مجددا".

ومن طوكيو، استقلت عائلة تشانج طائرة متوجهة إلى مدينة سياتل الأمريكية، حيث قابلوا تشانج في المطار، ومن سياتل سافروا إلى ولاية فيرجينيا، خوفا من إمكانية اغتياله على يد عملاء تايوانيين في المخابرات أو على يد وطنيين متطرفين.

وفي غضون شهر، تمكنت أمريكا من الضغط على تايوان لإنهاء برنامجها النووي، باستخدام المعلومات التي جمعتها وشهادة تشانج، وذلك قبل عام أو عامين من انتهائها من أول قنابلها النووية.

يرى البعض تشامج "بطلا" منع حربا نووية، بينما يرى آخرون أنه حرم تايوان من اقتناء أسلحة ستمكنها من الدفاع عن نفسها والنجاة من أي اعتداء.

وقال أحد أعضاء الحزب التايواني الحاكم "الحزب الديمقراطي التقدمي"، المعارض للأسلحة النووية، "إنه مهما كانت توجهاتك السياسية فإن خيانتك لبلدك أمر غير مقبول ولا يمكن مغفرته".

ومن جانبه، أكد تشانج أنه كان خائفا من استخدام بلده للأسلحة النووية لضرب الصين.

وعلى مدار السنين الماضية، حاول أكثر من رئيس تايواني إعادة فتح الملف النووي، ولكن سرعان ما تواجه هذه الاقتراحات رفضا قاطعا من أمريكا.

وعلى الرغم من ذلك، فإن فرص تايوان لصناعة أسلحة نووية أمرا لا زال في إمكانها، ولكن الصين هددتها على مدار السنوات الماضية أنها ستهاجمها عسكريا إذا اتخذت هذه الخطوة.

بعد انشقاقه عن الجيش التايواني، صنفه الجيش كـ "هارب"، ولكن حتى بعد انتهاء مدة صلاحية أمر القبض عليه عام 2000، لم يعد لتايوان ولا يخطط لذلك.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل