المحتوى الرئيسى

لماذا يريد بوتفليقة حكومة سياسية موسعة؟

05/18 18:14

لم تنته حالة الترقب بعدُ في الجزائر بشأن الحكومة الجديدة المرتقب الإعلان عنها خلال أيام، حيث بدأ رئيس الوزراء عبد المالك سلال منذ أكثر من عشرة أيام اتصالات مع مختلف القوى السياسية في الموالاة والمعارضة.

غير أن اللافت في هذه المشاورات أنها غير رسمية، كما أن سلال يحاول من ورائها جر جزء من المعارضة إلى المشاركة في الحكومة، مثلما وقع مع حركة مجتمع السلم (حمس) التي أبلغ رئيس الوزراء قيادتها برغبة الرئيس بوتفليقة شخصيا في عودتها إلى الحكومة التي غادرتها بعد الانتخابات البرلمانية عام 2012.

وإذا كانت الموالاة بأحزابها الكبيرة والصغيرة مستعدة للقبول بأي حجم يمنح لها في الحكومة الجديدة، فإن أنظار المراقبين كلها مركزة على المعارضة، خصوصا حركة مجتمع السلم التي لعبت خلال السنوات الأربع الأخيرة دورا رئيسيا في تكتل المعارضة الجزائرية لأول مرة في تاريخ البلاد.

وفي هذا السياق، يرى محللون أن حرص السلطة على توسيع الحكومة إلى قوى أخرى هدفه تحميل الجميع مسؤولية تسيير مرحلة صعبة أبرز ما يميزها تفاقم المتاعب الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن استدراك ضعف البرلمان المنتخب حديثا. 

ويعتقد القيادي في حركة مجتمع السلم ناصر حمدادوش أن الوضع المالي والاقتصادي وحالة الإخفاق والإفلاس وضيق دائرة الولاء "جعلت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بحاجة إلى توسيع القاعدة السياسية لعله يكمل ما تبقى من ولايته الرئاسية بأمان".

ويضيف حمدادوش في حديث للجزيرة نت أن الحرص على إشراك حركة حمس في الحكومة المقبلة "يعود إلى ثقلها السياسي والتاريخي"، غير أنه يبدي أسفه لأن الرئيس لم يوفر شروط التوافق السياسي بينما يريد من الجميع أن يتحملوا معه المسؤولية السياسية عن حصيلته المتواضعة.

من جهته، يقول الإعلامي محمد رابح إن تغير الوضع الاقتصادي في الجزائر بالإضافة إلى التطورات السياسية في المنطقة العربية، "جعلت من إشراك توجهات سياسية مختلفة في الحكومة حلا مؤقتا لتخفيف حالة عدم الرضا في الشارع".

ويؤكد رابح للجزيرة نت أن استمرار الأزمة الاقتصادية وضعف أحزاب الموالاة الذي أثبتته الانتخابات التشريعية الأخيرة، "جعل السلطة تلجأ إلى توزيع عروض المشاركة في الحكومة".

وحسب رابح، فإن التركيز على إشراك حركة مجتمع السلم "يعود إلى كونها القوة السياسية الثالثة في البلاد، وإلى دورها البارز في تشكيل تكتل للمعارضة ابتداء من العام 2014".

وأما عن الهدف من وراء ذلك "فهو سحب البساط من أي مشروع بديل للأحزاب التقليدية وإشراكهم في تحمل تبعات الأزمة الاقتصادية"، نافيا أن يكون الهدف هو إشراكهم في صناعة القرار.

من جانبه، يرجع الكاتب الصحفي نجيب بلحيمر الرغبة في تشكيل حكومة سياسية موسعة إلى عاملين، أولهما إعطاء الانطباع بأنها حكومة وفاق وطني "رغم أن  السلطة سبق أن رفضت الوفاق عندما طرحته المعارضة قبيل انتخاب الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة عام 2014".

ويضيف بلحيمر في حديثه للجزيرة نت أن "شدة الأزمة الاقتصادية تجعل تشكيل حكومة وفاق شرطا ضروريا لتقاسم أعباء تسيير مرحلة صعبة يتوقع أنها ستمتد لسنوات".

أما العامل الثاني -حسب بلحيمر- فهو أن البرلمان الجديد سيكون ضعيفا بسبب ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية، "وهذا يجعل السلطة حريصة على توسيع المشاركة في الحكومة لتجاوز ضعف التمثيل الشعبي".

ويرى بلحيمر أن حرص الرئيس بوتفليقة شخصيا على إشراك حركة حمس في الحكومة الجديدة يأتي لاعتقاده بأن مشاركتها ستعطي مصداقية للحكومة وتعزز طابعها التوافقي، مشيرا إلى أن السلطة تركز منذ منتصف التسعينيات على إشراك الإسلاميين في الحكومات المتعاقبة من خلال حركة مجتمع السلم، "الحزب الإسلامي الأقوى والأكثر تنظيما".

ولا يبتعد رأي الأستاذ بكلية العلوم السياسية محمد باشوش عن الآراء الأخرى في تفسيره لرغبة السلطة في توسيع المشاركة بالحكومة الجديدة، وإن كان يؤكد في تصريحات للجزيرة نت أن الصعوبات التي تواجهها السلطة من أجل إقناع المعارضة بالمشاركة كان يمكن تفاديها لو منعت التلاعب بصناديق الاقتراع وحرصت على النزاهة "النسبية" للانتخابات التشريعية الأخيرة، "لكن ذلك لم يحصل".

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل