المحتوى الرئيسى

بروتوكولات وزراء صهيون قبل وبعد حرب 67.. من الذعر لنشوة الانتصار

05/18 17:19

عشية اندلاع حرب الخامس من يونيو 1967، خشيت إسرائيل من احتلال الجيوش العربية لإيلات وغزوها تل أبيب، لكن سرعان ما تبددت تلك المخاوف بنشوة إسرائيلية ومقترحات باحتلال بيروت.

تكشف وثائق أفرجت عنها إسرائيل اليوم الخميس 18 مايو الجدل الذي دار في أروقة الحكومة الإسرائيلية قبل وبعد الحرب، بين حالة من الذعر من إمكانية ذبح العرب للصهاينة، إلى نشوة تهجير الفلسطينيين للبرازيل.

تقول صحيفة "هآرتس":عشية اندلاع حرب الأيام الستة خشي رئيس الحكومة ليفي أشكول من التعرض لـ"ذبح حقيقي" وحذر وزير الدفاع موشيه ديان من "قدرة إسرائيل المحدودة على هزيمة العرب".

بعد ذلك بيومين، وبعد الانتصارات المدوية، تغيرت النغمة من النقيض إلى النقيض، وتفاخر ديان أنه خلال "بضعة ساعات" يمكننا أن نصبح في بيروت". في وقت لاحق، عندما جرى احتلال الضفة الغربية أيضا وتم "توحيد" القدس، بدأت الحكومة تتساءل ماذا سيكون مصير الفلسطيين في تلك المناطق. وقال أشكول "إن كان الأمر بيدنا، لكنا أخرجنا جميع العرب للبرازيل".

وتابعت الصحيفة:”تظهر تلك الاقتباسات في بروتوكولات النقاشات السياسية والأمنية التي أجراها وزراء الحكومة في 1967- قبل وأثناء وبعد حرب الأيام الستة- التي نشرها اليوم أرشيف إسرائيل بمناسبة مرور 50 عاما على الحرب التي غيرت وجه البلاد والمجتمع الإسرائيلي. تمنح (البروتوكولات) إطلالة نادرة على الذعر الذي تفشى عشية الحرب، والنشوة التي حدثت بعدها- عندما ضاعفت إسرائيل مساحتها بثلاثة مرات، باحتلال غزة والضفة وهضبة الجولان وسيناء، وعملية اتخاذ القرارات السياسية المصيرية، التي مازالت تبعاتها محسوسة لليوم".

إحدى الوثائق بروتوكول النقاش الخاص الذي أجراه رئيس الأركان الإسرائيلي مع اللجنة الوزارية الأمنية في 2 يونيو، في ذروة "فترة الانتظار"، بعد دخول الجيش المصري سيناء خلافا للاتفاقات الدولية وإغلاق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مضيق تيران أمام مرور السفن الإسرائيلية، ما اعتبرته إسرائيل إعلان حرب، وحذر رئيس الأركان "إسحاق رابين" أنه حال لم تشن إسرائيل الضربة الأولى "سيكون هناك خطر حقيقي على وجودها، وستكون الحرب صعبة، وقاسية وخسائرها فادحة".

اللواء "آرئيل شارون" حث الحكومة على شن الحرب، وقلل من جدوى الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تجريها إسرائيل. “فهمت من أسئلة الوزراء أن هناك ذعر حيال حجم الخسائر المتوقعة. هناك مسوغ أخلاقي للدخول في عملية ذات خسائر فادحة. ليس هناك مفر من ذلك". وأضاف "نحن أمام نقطة ستحدد إن كنا سنبقى لوقت طويل هنا أم لا". أكد شارون.

لكن رئيس الحكومة "ليفي أشكول" رفض تلك الدعوات، وأوضح أنه يجب انتظار الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، لأن إسرائيل ستكون مرهونة مستقبلا أيضا بالعتاد العسكري من الخارج. ودعا شارون ورفاقه للاعتراف بمحدودية القوة الإسرائيلية.

في 4 يونيو اجتمعت مرة أخرى اللجنة الوزارية للشئون الأمنية، وبدا وزير الدفاع "موشيه ديان" متمسكا بضرورة شن الحرب. وكانت سيناريوهات الخسائر التي رسمها تتوقع سقوط آلاف القتلى الإسرائيليين (في نهاية الأمر قتل في الحرب نحو 800 إسرائيلي فقط)، واحتلال إيلات على يد الدبابات المصرية، وتوغل عربي في القدس وتل أبيب. “يتعذر علي جدا القول كيف سنواجه ذلك".

وأضاف ديان :”ينطوي كل هذا على حدود قدرتنا على هزيمة العرب.. أكثر الأشياء غباء- وأعذروني- هو أن يُطلب منا الآن ألا نكون من يطلق الرصاصة الأولى.. فرصتنا الوحيدة للانتصار في الحرب، أن نكون المبادرين".

وتكشف الوثائق عن رسالة بعثت بها إسرائيل في تلك الفترة لأوروبا، ساوت فيها بين تهديدات هتلر وتهديدات عبد الناصر :”هددنا هتلر آنذاك ونفذ تهديداته"، وقال أشكول في تلك الأجواء المتوترة :”ينوي العرب في أمكان محددة أن يذبحونا، بإمكاننا الرد على ذلك بمذابح في الجزء الثاني من القدس، لكن هذا لن يضيف إلينا أمجادا". وفي نهاية الجلسة قال أشكول "هناك خطر واحتمال أن نتعرض للإبادة في كل لحظة".

في نهاية الأمر قررت الحكومة الإسرائيلية شن الحرب. وبعد ذلك بيوم واحد في 5 يونيو، شنت القوات الجوية الإسرائيلية هجوما مباغتا على المطارات في الدول العربية. وفي وقت لاحق شنت قوات الاحتلال البرية هجوما على الجيش المصري بسيناء. بعدها بدأ الأردنيون في قصف القدس الغربية، وبذلك انضمت الأردن هي الأخرى للحرب".

في 6 يونيو اجتمعت مجددا الحكومة الإسرائيلية، لكن يتضح من البروتوكولات أن الذعر قد زال، وحلت نشوة النصر على العرب بدلا منه. قال موشيه ديان خلال الاجتماع في ذلك اليوم :”يمكننا احتلال كامل الضفة الغربية. يمكن الوصول لشرم الشيخ.. يمكن أيضا الوصول لنهر الليطاني في لبنان. يمكننا أيضا تحقيق أكثر من ذلك".

واقترح وزير الدفاع الإسرائيلي تهديد لبنان، بأنه حال المس بيهود بيروت "سنكون خلال ساعات معدودة في بيروت، لذلك من الأفضل أن يحترسوا". ولدى سؤاله "كم من الوقت يمكننا الاحتفاظ بشرم الشيخ"، أجاب ديان "300 عام".

سأل "أشكول" “ديان" من سيتحمل مسئولية السكان المحليين حال احتلت إسرائيل الضفة الغربية. أجابه ديان "لديهم متاجر وطعام". عاد أشكول قائلا :”لكن مع ذلك، هم مئات الآلاف، من غير المعقول ألا نعرف كيف سيعيشون". رد ديان :”علينا أن نختار أحد الخيارين: أن نطردهم من هنا من خلال اتفاق مع حسين (الملك الأردني)، أم بدون اتفاق مع حسين، أو أن نتحمل المسئولية".

وزير العمل الإسرائيلي "يجال آلون" قال خلال الاجتماع "كم كنت سأفرح لو فروا من المدينة القديمة". وخلال الجلسة اعترض ديان على استمرارها قائلا :”نحن نجلس هنا لما يزيد عن ساعتين.. أنا مضطر للذهاب. لمنتدى كهذا يمكن إيجاد وقت آخر".

بعد مرور يوم واحد في 7 يونيو، دخل الاحتلال القدس القديمة، واحتل حائط البراق واحتل الضفة الغربية. في نهاية الحرب، احتل الإسرائيليون الجولان السورية. وتزايدات النشوة.

في 14 يونيو قال وزير الخارجية "آبا إيبان" لأعضاء الحكومة :”لم يشهد التاريخ الإنساني مثل النجاح الذي حققته الدعاية الإسرائيلية خلال الشهر الماضي. أن تتمدد إسرائيل كل هذا التمدد والعالم يصفق".

فيما يتعلق بمستقل القدس (التي باتت محتلة)، قضى ديان أنها كلها تحت السيادة الإسرائيلية وقال "مصير القدس كمصير الناصرة". وناقش الوزراء مصير الفلسطينيين واقترح وزير الداخلية "حاييم موشيه شابيرا" طرد العرب من المدينة القديمة، لإخلاء مكانهم لليهود.

وقال "شابيرا":بشكل عام لا أميل لطرد شخص من مكان إقامته. لكن يدور الحديث هنا عن أمر آخر. هذه منازل اليهود التي طردوهم عام 1948. لا أعتقد أنه يتعين علينا طردهم، لكن يمكننا القيام بذلك بشكل آخر. علينا البدء في تشييد تلك المباني والمعابد، ويجب أن نقول للعرب، أن ذلك يمكن أن يؤذي المنازل التي يقيمون بها، إذا ما عملنا هناك بالجرافات وما شابه، ومن أجل صحتهم نقترح عليهم الانتقال لمكان آخر".

وزير الدفاع موشيه ديان أدلى بدلوه في هذه المسألة قائلا :”لن نرميهم في الشارع، سننقلهم لمنازل من بيت لحم وصولا لرام الله. ستأتي البولدوزرات لتمهيد المنطقة. وسيحدث ذلك في مناطق أخرى نريد إخلاء شوارعها".

بعد يوم على ذلك، في 15 يونيو، بدأ الوزراء الإسرائيليون مناقشة المستقبل السياسي للمناطق المحتلة. استمرت الجلسات على مدى أيام.

في الجلسات التي عقدها الإسرائيليون بين 19-20 يونيو 1967، انشغلوا بالمسألة التي لا تزال عالقة حتى اليوم :”هل ندعم دولتين لشعبين أو حل الدولة الواحدة.”

حذر أشكول من أن إسرائيل ستجد نفسها تسيطر على عدد أكبر من المتوقع من الفلسطينيين. “لا تنسوا أن كل هذا يضيف لكم الآلاف من العرب. عندما نبدأ في العد.. سوف يتضح أن لدينا عدد أكبر بكثير مما يقال الآن".

كذلك حذر وزير المالية بنحاس سافير من مشكلة ديموغرافية "سيصل عددهم مع الزيادة الطبيعية خلال أربعة أعوام إلى مليون نسمة.. ستكون هذه قنبلة موقوتة دائمة. في عالم متقدم لا يمكننا العيش مع مستويين من المعيشة: مستوى معيشة اليهود في إسرائيل ومستوى معيشة آخر".

حذر وزير الخارجية "أبا إيبان" هو الآخر من "برميل وقود متفجر"، وأوضح إشكالية السيطرة على شعب آخر :”لدينا الآن نوعان من السكان، أحدهما يحظى بكل الحقوق المدنية، والأخر تسلب منه هذه الحقوق".

وكذلك حذر وزير العدل يعكوف شمشون شابيرا من دولة ثنائية القومية يصبح اليهود فيها أقلية، ودعا لنقل الضفة الغربية للأردن. فيما اقترح الوزير مناحيم بيجن منح فلسطيني الضفة وضع مقيم لمدة 7 سنوات، لا يمكنهم خلالها التصويت في الكنيست". وأضاف "ماذا علينا أن نفعل خلال الـ 7 سنوات هذه؟". وأجاب" أن نكثف الهجرة لإسرائيل ونزيد من معدلات الولادة".

لكن غزة لم يشملها النقاش تقريبا. وقال أشكول إنها "ملكية إسرائيلية". وعندما سأله وزير الأديان "زيراح فرهابتيغ" هل سيكون مصير غزة كطبرية، رد أشكول "ليس أمامي خيار".

وطرحت خلال النقاشات إمكانية نقل اللاجئين الفلسطينيين لدول أخرى. وقال وزير التجارة "زئيف شيرف" في النقاش الذي دار في 19 يونيو، أنه يجب التمييز بين المرغوب فيه والمتاح، موضحا :”المرغوب بالنسبة لنا هو وضع 1948، عندما فر العرب وحل محلهم مهاجرون يهود وأخذوا مكانهم، ووطناهم في المدن والقرى. لكن اليوم لا يوجد وضع كهذا، لم يهرب العرب ولم يأت المهاجرون".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل