عبده الحامولي وألمظ.. قصة حب هزت قصر عابدين
من "السلاملك" سحر الفنان عبده الحامولي، الخديوي إسماعيل بصوته العزب وألحانه، فضمه إلى حاشيته وأصبح مطرب من مطربي القصر، ومن المقربين له…
الفنان عبده الحامولي، الذي نحتفل اليوم بذكرى ميلاده 181، لا يمكن أن نذكر اسمه، دون ذكر نصفه الآخر "ألمظ" اللذان اجتمعا في الحب والفن.
لم يعلما أن القدر هو من يخطط لهما حياتهما، فلعبت الصدفة دورها ليتعرفا ويلتقيا، لتكون المداعبات الفنية الطريقة التي قادتمها لعش الزوجية.
عبده الحامولي؛ مجدد الموسيقى العربية، ولد في قرية الحامول التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية في 18 مايو 1836 لأسرة فقيرة، ولضيق الحال قرر السفر للقاهرة والبحث عن عمل.
ومن أحد مقاهي "الأزبكية" كان عبده الحامولي وسيلة الترفيه للزبائن، ليلتقي بالصدفة بأحد حفظة الأدوار والموشحات شاكر أفندى الحلبى، وعلمه أصول الغناء.
وبعذوبة صوته، بدأت شتهرت عبده الحامولي في مجال الغناء والطرب، ليكون تختًا شرقيًا، ضم فيه محمد عثمان والشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب واللذان أصبحا مسئولين عن تلحين الأغاني.
ويبدو أن القدر كان حليف عبده الحامولي، منذ بداية مشواره لمحاربة الفقر، ليستمع الخديوي إسماعيل لصوته، ويقرر ضمه إلى حاشيته، وأصبح من المقربين ومطرب من مطربي قصر عابدين.
كان قربه من الخديوي إسماعيل، سبباً ليفجر ثورة موسيقية حديثة، خاصة مع تكرار سفر الحامولي مع الخديوي إلى تركيا، ليمزج الألحان المصرية مع الألحان التركية، وغيرها من المقامات الجديدة على موسيقانا.
وشهد قصر الخديوي إسماعيل العديد من المداعبات الفنية مع "ألمظ" التي اكتشف فنها بالصدفة الباحتة، عندما سمعتها عالمة من أكبر عوالم مصر، اسمها الست ساكنة كانت تقطن حى السيدة سكينة بالقاهرة، وهي تغني للعمال، لتقرر تبنيها فنيًا.
وداخل قصر الخديوي بعابدين، كان يشترك عبده الحامولي وألمظ في حفلة واحدة بقصر عابدين، فيغني هو للرجال في "السلاملك" وتغني ألمظ في "الحرملك".
ولم يمنعها الزواج من مداعبتهم الفنية لبعضهما، فكانت تغني "ألمظ" له: "ياللي تحب الوصال وتحسبه أمر ساهل.. ده شيء صعب المنال وبعيد عن كل جاهل.. وان كنت ترغب وصالي حصل شوية معارف.. لأن حرارة دلالي صعبة وانت عارف".
ليرد عليها الحامولي بأغنية: "روحي وروحك حبايب من قبل ده العالم والله
وأهل الموده قرايب والقلب مش سالم والله”.
ومثل أي رجل شرقي، دبت الغيرة في قلب "الحامولي" ومنع "ألمظ" من الغناء وإحياء أي حفلات، لكن هذا الأمر لم يمر مرور الكرام، وكيف وهما مطربي القصر؟!!..
غضب الخديوي إسماعيل من قرار "الحامولي" وأمر باحضار "ألمظ" لتغني له "والنبى لأهشّه دا العصفور.. وأنكش له عشّه دا العصفور"، ليتوسل الحامولي للمقربين من الخديوي، الذي أمر بإحضاره حيًا أو ميتًا…
وعادت "ألمظ" للغناء في القصر بأمر من الخديوي، وقرر سجن الحامولي، إلا أن الواسطة تتدخلت مرة أخرى، ليتم العفو عنه.
قصة عشق "عبده الحامولي وألمظ" جسدت في الدراما والسينما المصرية، ففي الستينات أنتج فيلم بعنوان "ألمظ وعبده الحامولي" قام ببطولته المطرب عادل مأمون بدور عبده الحامولي والمطربة وردة الجزائرية بدور ألمظ، وتناول مسلسل "بوابة الحلواني" مسيرتهما الفنية وقام بالدورين كل من شيرين وجدي وعلي الحجار.
واستخدم "عبده الحامولي" مقامات لم تكن موجودة في مصر كالحجاز كار والنهاوند والكرد والعجم، وعرف عنه رقيه في اختيار الكلمة، وتعاون مع كبار رجال الدولة الذين يكتبون الشعر أمثال محمود سامي البارودي، وإسماعيل صبري باشا، والشيخ عبد الرحمن قراعة مفتي مصر في ذاك الوقت، وعائشة التيمورية.
وطلب "الحامولي" من بعض الشعراء والمثقفين ترجمة مجموعة من الأغاني التركية إلي اللغة العربية، وهو من أوائل من لحن القصيدة التقليدية مثل "أراك عصي الدمع" لأبي فراس الحمداني.
Comments