المحتوى الرئيسى

منطقتي | حكايات شهود وسط البلد الصامتين.. تماثيل تطل على الميادين

05/18 11:39

تحفل ذاكرة المدن بأرشيف تاريخي بما تضمه من أسماء لأحداث وشخصيات وأماكن، وفي مصر اكتسب هذا التاريخ العديد من المعاني الفنية والمعالم الحضارية، وعلي نفس النهج سار المصريون لتخليد ذكرى الشخصيات البارزة التي أثرت في تاريخهم، واليوم نجد أزمة في تسمية الشوارع والميادين في المدن الجديدة، فنسمع كل يوم عن شوارع سميت نسبة لطولها أو عدد المنازل التي تضمها مثل شارع الأربعين والعشرين، وغيرها الكثير فضلا عن الميادين التي سميت بأسماء منتجات غذائية أو وضعت بها تماثيل لم تلق ترحيب وإعجاب روادها. إلا أن القاهرة الخديوية نموذج واضح لتجربة التعبير عن الأماكن والأحداث وتخليد ذكرى الشخصيات المصرية والأحداث الهامة في تاريخ مصر ففي بادئ الأمر كانت القاهرة الخديوية مدينة جديدة جذبت العديد من الشركات العالمية والبنوك والمحال التجارية والمطاعم فانجذب لها المواطنون مثل ماحدث بالمدن الجديدة التي تأسست بعد ذلك، غير أن التماثيل المنتصبة بميادينها تعد شهودًا على الأحداث التي وقعت إلى جوراها إلا أنهم شهود صامتون.

وفي ذكرى مرور 100 عام على وفاة إبراهيم باشا، تحديدًا عام 1948 أرسل الملك فاروق لجنة للبحث عن اللوحات ورغم أن كوردييه عرض اللوحات في معرض باريس عام 1900 لم تتمكن اللجنة من إيجادهم، ووجدوا فقط صورًا فوتوغرافية وصمم المثالان المصريان منصور فرج وأحمد عثمان لوحتين مشابهتين لما صممه كوردييه.

بعد وفاة محمد باشا لاظ أوغلي أراد الخديو إسماعيل تكريم ذكراه كأحد أصدقاء أبيه ومعاوني جده، فقرر نحت تمثال له ووضعه بأحد ميادين القاهرة الخديوية الجديدة، إلا أن ثمة مشكلة واجهتهم، لا يوجد صورة واحدة للأمير الميت، ولن يعرف المثّال الفرنسي ألفريد هنري جاك مار بأي شكل سيخرج التمثال، حتى اهتدى لفكرة البحث عن شبيه لناظر المالية وقائد الجيش المتوفى، استعانوا بأحد أصدقاء لاظ أوغلي للبحث عن شبيه له من الأربعين الذين يشبهونه، حتى وجدوا سقا فقير يشبه في التكوين والملامح لرئيس الوزراء، فألبسوه ملابس الأمراء وحمل سيفًا لأول وآخر مرة بحياته ملابس لاظ أوغلو حتي يُلتقط له عددًا من الصور ليستعين بها جاكامار في نحت التمثال، ووضع تمثال لاظ أوغلو وسط مباني الوزرات والمؤسسات الحكومية فهو صاحب الفضل في إنشاء وتأسيس معظمها.

وكأن ما شهده محمد فريد في حياته كتب علي تمثاله أن يعيشه، عاش فريد غريبًا عن أرضه التي ناضل من أجل استقلالها وأنفق ثروته في سبيل قضيتها فبعدما قضي بالسجن 6 أشهر علم أن الحكومة تنوي حبسه مجددًا فسافر إلي أوروبا، وتوفي فقيرا في برلين عام 1919، ووسط أحداث الثورة تغافل المصريون عنه ولم تجد عائلته مالاً كافيًا لإحضار جثمانه حتى تبرع خليل عفيفي، أحد تجار الأقمشة بمصر، وسافر وأحضر جثمانه وتمر السنوات وتتذكر الحكومة محمد فريد رائد الحركة الوطنية وتقرر تصميم تمثال له يظهر فيه بهيئته التي توضح مدي الاعتزاز بالنفس ينظر للأمام برأس مرفوع وجسد متزن وهو ما أراده المثال بوضع يده اليسرى‏ ‏في ‏جيبه‏ ‏و‏اليمنى ‏ثابتة‏ ‏في ‏جانبه ووضع التمثال بميدان العتبة منسيًا مجهولا وسط الزحام، حتى تقرر نقله واختير ميدان عبد السلام عارف أعلى مترو محمد نجيب ليكون موقع له

قصة التمثال.. في وقفة مهيبة ونظرة تعكس استشراف المستقبل يقف تمثال طلعت حرب بالميدان الذي يحمل اسمه وسط عديد من الشركات والبنوك، وكأنه يشهد علي إنجازاته فهو رائد الاقتصاد المصري الذي دعى المصريين للاكتتاب لإنشاء بنك وطني وتأسيس بنك مصر في 7 مايو 1920م، كما نادى بالاستقلال الاقتصادي وأسس أكثر من 20 شركة حملت اسم مصر؛ من بينها شركة مصر للغزل والنسيج، واستديو مصر، المؤسسات التي أسسها طلعت حرب كانت الأولي في دعم مشروع صناعة تمثال له لتخلد ذكراه فتكفلت الغرفة التجارية وبنك مصر ومحافظة القاهرة بقيمة التمثال.

في صورة بليغة وقف سعد زغلول أما تمثال نهضة مصر للنحات الكبير محمود مختار في الفترات الأخيرة قبل اكتماله، حتى انتهى ووضعه بميدان باب الحديد ليشهد على عظمته الفنية، وتمر السنوات ويقف محمود مختار ليصمم تمثالًا لسعد زغول ويوضح من خلاله ملامح شخصية زغلول ومهابته وهو يشير بيده ويخطب أمام الجماهير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل