المحتوى الرئيسى

خاص- رسالة كان: "أشباح اسماعيل".. افتتاح محبط لدورة احتفالية

05/18 13:43

وسط أجواء احتفالية واستنفار أمني مشدد انطلقت فعاليات الدورة السبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي (17-28 مايو)، الدورة التي يود المهرجان أن يذكرها العالم في المستقبل بفعالياتها المتعددة التي تحتفل بتاريخ المهرجان العريض، منذ أن كان فكرة وأدها اشتعال الحرب العالمية الثانية، قبل أن تخرج الدورة الأولى للنور في العام التالي لانتهاء الحرب 1946، كخطوة من خطوات البحث عن مصالحة دولية بعد كارثة أودت بحياة الملايين.

الفيديو الافتتاحي الذي يعرضه المهرجان قبل عروضه، والثابت في تصميمه منذ سنوات طويلة (سلالم السجادة الحمراء تصعدها الكاميرا تدريجياً حتى نصل في قمتها لشعار المهرجان واسمه)، هذا الفيديو الذي يحفظه عن ظهر قلب كل من يرتاد المهرجان تم تعديله استثنائياً، ليُكتب على كل درجة من درجات السجادة الحمراء اسم واحد من كبار المخرجين الذين صنعوا تاريخ المهرجان، وبالوصول لآخر درجة والتي تحمل اسم الأمريكي العظيم أورسون ويليز، يظهر الرقم سبعين بجوار اسم المهرجان. تعديل طفيف استقبله الحضور في أول عرض باحتفاء كبير يوضح علاقتهم بالمهرجان وتمييزهم لأدق تفاصيله.

فيلم الافتتاح.. مدخل جيد ولكن

احتفالية الافتتاح تعثرت فيما يتعلق باختيار الفيلم المعروض، رغم كل التوقعات الإيجابية التي وضعها النقاد والمتابعون نحوه.

Ismael's Ghosts أو "أشباح اسماعيل" هو اسم الفيلم الذي أخرجه الفرنسي أرنو دبليشان، والذي اعتبر البعض اختياره شكلاً من أشكال الترضية المقبولة للمخرج الذي رفض المهرجان قبل عامين فيلمه السابق الرائع "ثلاث ذكريات من شبابي" في برنامجه الرسمي، ليقتنصه برنامج نصف شهر المخرجين الموازي ليفتتح فعالياته، ويصير في نهاية العام أنجح فيلم فرنسي على مستوى التقدير النقدي عامها.

غير إن دبليشان في "أشباح اسماعيل" أحبطنا، رغم امتلاكه فكرة ذكية على مستوى الشخصيات والشكل السردي، إلا إنها توقفت عند حد الفكرة ولم تتطور لما هو أكثر، رغم كل محاولات المخرج لخلق سياق لكل عنصر وتفصيلة في الفيلم، ودفعها لتكون جزءً من فيلموغرافيا مميزة قدمها على مدار سنوات.

النجم الفرنسي ماتيو أمالريك في تعاونه السابع مع دبليشان يجسد دور اسماعيل فولار (جسد شخصية بنفس الاسم في "ملوك وملكة" عام 2004)، مخرج يعاني من كوابيس ويواصل كتابة سيناريو مأخوذ عن حياة شقيقه الدبلوماسي غريب الأطوار إيفان ديدالوس (وديدالوس هو لقب شخصية لعبها أمالريك أيضاً في ثلاثة أفلام سابقة لدبليشان آخرهم فيلمه السابق). وخلال عملية الكتابة تظهر فجأة زوجته التي تركته واختفت قبل 21 عاماً (ماريون كوتيار) لتغير حياته كلياً وعلاقته بحبيبته (تشارلوت جاينسبورج).

المدخل يبدو ممتازاً: طاقم ممثلين من طراز عالمي، فكرة مرتبطة بعوالم المخرج الذي يمزج دائماً بين سيرته الذاتية وبين الخيال، ويمس باستمرار الأفكار ذاتها وعلى رأسها التجليات المختلفة للإنسان الواحد بأطوار متباينة، العلاقات العاطفية المعقدة، البيروقراطية والأوراق الحكومية (في "ثلاث ذكريات من شبابي" حكاية كاملة تقوم على تبعات فقد البطل جواز سفره خلال رحلة للإتحاد السوفيتي، وفي الفيلم الجديد هناك الأوراق التي تثبت وفاة الزوجة الهاربة والعمل الحكومي داخل الخارجية الفرنسية).

جاذبية المدخل تكتمل أيضاً بالشكل السردي القائم على الانتقال الحر بين خطين دراميين، الأول هو خط البطل المخرج ومشكلة زوجته العائدة، والثاني هو السيناريو الذي يكتبه وفيه حكاية شاب غريب الأطوار لم يكمل تعليمه النظامي لكنه اجتاز اختبارات الالتحاق بالخارجية الفرنسية بنجاح هائل دفعهم لتوظيفهم وهم يشكون في كونه جاسوساً. نظرياً، كل حكاية جذابة في حد ذاتها، والتداخل بينهما يبشر في بداية الفيلم بما هو أذكي وأفضل، لكن للأسف كل هذا يذهب تباعاً.

لا تتطور الفكرة عن حدود ما سبق، وتظل تدور في فلك نفس العلاقة التي نفهم عنها كل شيء تقريباً بمجرد ظهور الزوجة التي تجسدها كوتيار برهافة وحسية على مستوى الأداء، وبتنافر شكلي تام مع شخصية الزوجة البوهيمية التي تترك زوجها وأبيها لتقابل رجلاً هندياً تتزوجه وتسافر معه لبلده. هناك مخرج قادر على صياغة مشاهد ممتعة بالتأكيد، لكن كل مشهد يبدو وحده تماماً، لا يصب في مسار واحد إلا فيما ندر، بالإضافة إلى خط الفيلم الكوميدي الذي يظهر من العدم ويختفي دون إيجاد مبرر درامي لظهوره أو تفسير في نهاية المطاف لوجوده من الأساس. فلم يكن الفيلم ليخسر شيئاً ـ بل ربما كان سيربح ـ لو سرنا فقط في الخط الرئيسي. وفي ذلك تجسيد واضح للفكرة الذكية عندما تتحول نتيجة متواضعة.

لاحظ أن خط السيناريو لا يصل لأي نهاية منطقية بلا لا تسير الأحداث داخله وفقاً لأي سياق، وما يطرحه من تشويق حول شخصية الدبلوماسي الغامض لا يبلغ أي إجابة أو توضيح. بل أن وجوده بهذه الصورة أوقف ربما تفصيلة ذكية كانت لتتبلور أكثر لو تماسكت درامياً هي كون كل الشخصيات المحيطة باسماعيل (حبيبته وزوجته ووالدها وشخصية فيلمه) هم في النهاية صور لحياته الخاصة، فهم أشباحه ليس بمعنى وجودهم حوله أو داخل رأسه، وإنما كونهم أطيافاً له شخصياً. وهي مجدداً فكرة ذكية بشكل مجرد لم يمنحها أرنو دبليشان حقها من الاهتمام.

الطريف إن دبليشان يحاول أن يوضح مقاصده بكل الطرق الممكنة بلا جدوى: الشخصيات أطلق عليها أسماء شخصيات القديمة كما أوضحنا، الفيلم أسماه بأشباح اسماعيل كي نبحث عن العلاقة، بل وجعل شخصية البطل تقف صراحة لتشرح علاقته بلوحات الرسام الأمريكي جاكسون بولوك التعبيرية التجريدية. أي إنه ـ قياساً على أن الشخصية كما قلنا هي صورة ما لدبليشان نفسه ـ يريد صراحة منحنا مرجعية جاهزة نحيل الفيلم إليها!

المحصلة كانت إحباطاً مصدره أولاً مستوى الفيلم، وثانياً إنه كان بالإمكان أفضل كثيراً مما كان، ولا نعني بذلك اختيار المهرجان لفيلم آخر، وإنما نقصد "اشباح اسماعيل" نفسه الذي امتلك داخله ما كان من الممكن أن يجعله أفضل كثيراً لو عالجه صانعه بشكل مغاير.

38 صورة - افتتاح مهرجان كان السينمائي .. قبلة مونيكا بيلوتشي ووزيرة اسرائيلية تستفز العرب بهذا الثوب

صورة- وزيرة الثقافة الإسرائيلية تستفز العرب بفستان القدس في افتتاح "كان" 2017

بالصور- بيلا حديد تتعرض لموقف محرج على السجادة الحمراء في مهرجان كان السينمائي

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل