المحتوى الرئيسى

خرج منتصرًا في كل معركة فنية.. 4 وجوه لـ«الزعيم» صانع السعادة

05/17 11:19

كثير من النجوم يظهر لفترة ثم يبرز جيل جديد فيتوارى الجيل القديم، ورغم هذا تظل هناك استثناءات لنجوم استمروا على مدار عدة أجيال، ولكن يبقى عادل إمام هو استثناء حتى على الاستثناء.

منذ أول أفلامه «أنا وهو وهى» عام 1964 وحتى مسلسله الذى يقوم بتصويره الآن والمنتظر عرضه فى شهر رمضان «عفاريت عدلى علام» يظل عادل إمام متربعًا على عرش النجومية. 

أكثر من خمسين عامًا ظل فيها زعيمًا ليس فقط فى مصر، بل وفى العالم العربى كله، ظهر نجوم واختفى نجوم وظل هو الأقرب إلى قلوب الجماهير والمعبر عنهم. 

77 عامًا عاشها عادل إمام، اكتسب فيها الكثير وعاصر الكثير وفى كل تجربة كان يخرج منتصرًا لأنه اختار الانحياز إلى جمهوره الذى لم يخذله أبدًا. 

هو نفسه يقول: «إذا كانت الحارة هى البطل الحقيقى فى أعمال نجيب محفوظ، فإنها فى الواقع منبع كل أحاسيسى»، وهذا جعله هو الفنان الأقرب إلى وجدان الناس وقلوبهم. 

حتى معاناة الناس شعر بها لأنه كان واحدًا منهم ولم يكن أبدًا بعيدًا عنهم، فعندما بدأ التمثيل فى مسرح التليفزيون وهو لا يزال طالبًا فى كلية الزراعة تم رفده من مسرح التليفزيون بسبب عدم توافر مسوغات التعيين له ومعه مجموعة كبيرة من الفنانين، ثم استعانوا به كممثل بالقطعة يتقاضى خمسين قرشًا فى الليلة، ووقتها كان يمشى عادل إمام يوميًّا من مسرح الأوبرا حتى العمرانية توفيرًا لثمن تذكرة الأتوبيس، لأنه ببساطة لم يكن يحتكم عليه. 

كل هذه العوامل تأثر بها وأخرجها على الشاشة، ورغم خفة دمه فإنه لم يكن مجرد كوميديان - رغم إعلانه أكثر من مرة أنه يفخر بكونه «مضحكاتى» - فالجماهير حين كانت تقطع تذكرة السينما لتدخل عملًا من أعماله كانت تعرف أنها تدخل لتضحك، لكنها فى الوقت نفسه لن تترك مشكلاتها وقضاياها وإنما ستراها على الشاشة. 

لم يكن الزعيم فنانًا منعزلًا عن قضايا مجتمعه أبدًا، وإنما عندما خاض المجتمع معركته ضد الإرهاب كان أيضًا جزءًا من المعركة من خلال أفلامه التى اشترك فيها مع الثنائى وحيد حامد وشريف عرفة، وكان يسافر إلى أسيوط ليعلن محاربته للإرهابيين مما جعل وجوده على رأس قائمة الاغتيالات أمرًا طبيعيًّا. 

حتى مواقفه كانت واضحة وثابتة مع الدول العربية والتى انتهت بمنحه لقب سفير النوايا الحسنة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2000، وحتى فى الأزمات الداخلية كان حاضرًا عندما سافر إلى سوهاج لعرض مسرحية «بودى جارد» ونزع فتيل أزمة أولاد علام الشهيرة عام 2002. 

لم يقتصر تأثير عادل إمام على المستوى المحلى والعربى وإنما امتد إلى المستوى العالمى، الكاتب الصحفى أيمن الحكيم يروى فى كتابه «ضحكة مصر» تفاصيل لقاء النجم العالمى روبرت دى نيرو بعادل إمام فى أمريكا عندما ذهب مصاحبًا لفيلمه «عمارة يعقوبيان»، يومها قال عماد الدين أديب منتج الفيلم للنجم العالمى وهو يقدم له عادل إمام إن عرضه المسرحى الجديد يتم عامه العاشر دون انقطاع، ساعتها نظر دى نيرو إلى عادل إمام غير مصدق قائلًا: «أنت تستحق أن تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية». 

وعادل إمام كان متخصصًا وسيظل فى تحطيم الأرقام القياسية، حيث قدم أكثر من 150 عملًا بين فيلم ومسلسل ومسرحية، واستطاع الاستمرار لأكثر من 50 عامًا من النجومية معاصرًا لأربعة أجيال كوميدية هى جيل فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولى وجيل سعيد صالح ويونس شلبى، وجيل علاء ولى الدين ومحمد هنيدى، ثم جيل رامز جلال وأحمد مكى وسامح حسين وظل هو على القمة. 

الزعيم قضى نحو 40 عامًا على خشبة المسرح منذ مسرحية «مدرسة المشاغبين» التى استمرت 3 سنوات متصلة، و«شاهد ماشفش حاجة» 8 سنوات، و«الواد سيد الشغال» 8 سنوات، و«الزعيم» 5 سنوات، ثم «بودى جارد» 12 سنة. 

نحتفل فى هذا الملف باليوبيل الماسى لصانع السعادة الذى طالما أضحكنا وأبكانا لكنه فى كل مرة كان يمتعنا بروائع ستظل بارزة فى تاريخ الفن ليظل وحده متربعًا على عرش قلوب جماهيره فى مصر والوطن العربى وفى العالم كله.

الوجه الاجتماعى للزعيم ظهر فى عديد من الأفلام، وربما كانت التجربة الأهم فى فيلم «كراكون فى الشارع» عام 1986، التى سلط فيها الضوء على مشكلة السكن ورحلة البحث عن شقة، مستعرضًا ما يحدث فى مساكن الإيواء وكيف يمكن لمهندس أن تنقلب حياة أسرته لمجرد سقوط العقار الذى يعيش فيه، وتبقى دائمًا فى ذاكرة المشاهد تجربته وهو يعيش فى وسط المقابر وحواره مع على الشريف قبل أن يعود لزوجته يسرا قائلًا: «أنا شربت حشيش يا سعاد»! ليبحث عن الحل ويجده فى اقتحام الصحراء. 

فى «حتى لا يطير الدخان» عام 1984 قدم شخصية فهمى، الذى يتنكر له أصدقاؤه فتموت أمه ليقرر بعدها الانتقام حتى ولو كان بطرق مشبوهة، وفى «المشبوه» عام 1981 قدم تجربة فريدة مع سندريلا الشاشة سعاد حسنى، موضحًا كيف يمكن لمجرم أن يتغير لكن المجتمع لا يتركه فى قصة من السيناريست المبدع إبراهيم الموجى، الذى قدم معه الزعيم عددًا من أهم أفلامه الاجتماعية منها «حب فى الزنزانة» عام 1983، و«النمر والأنثى» عام 1987. 

ولا يمكن أن ننسى تشريحه للمجتمع المصرى فى رائعة وحيد حامد وشريف عرفة عام 1996 «النوم فى العسل». 

رغم أن الوجه الأشهر للزعيم هو الوجه الكوميدى، لكن عادل إمام لم يكن ليكتفى بذلك، فموهبته الكبيرة وخبرته وثقافته وانخراطه بالجماهير وحسه السياسى كلها كانت عوامل كافية لأن تجعل المخرجين يرون فيه جوانب أخرى، ولا يمكن لأحد أن ينكر أن أفلام الزعيم السياسية شكلت جزءًا كبيرًا فى وجدان جيل الثمانينيات والتسعينيات، خصوصًا تلك التى اقترنت بسنوات محاربة الإرهاب. 

وشكل الثلاثى وحيد حامد وشريف عرفة وعادل إمام فريقًا رائعًا، أخرج لنا إبداعات ستظل محفورة فى تاريخ السينما المصرية. 

الوجه السياسى للزعيم ظهر فى عديد من الأفلام منها فيلمه الشهير «إحنا بتوع الأتوبيس» عام 1979 مع عبد المنعم مدبولى، الذى أظهر بشاعة تجربة المعتقلات فى الستينيات، أو دوره كصحفى يحارب الفساد فى «الغول» عام 1983، ثم «اللعب مع الكبار» عام 1991، و«الإرهاب والكباب»، و«الإرهابى» الذى تسبب فى وضعه على قوائم الاغتيالات. 

رائعة «طيور الظلام» عام 1995 التى يؤكد الواقع أن الفيلم كان سابقًا لعصره، وسلسلة «بخيت وعديلة» التى اقتحم الجزء الثانى منها عالم الانتخابات، وصولًا إلى تشريح «عمارة يعقوبيان» للمجتمع والاشتباك مع قضية التطبيع فى «السفارة فى العمارة». 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل