المحتوى الرئيسى

FilGoal | اخبار | رجل سبق عصره وأخر يكره الكتب.. أسباب تفوق مدربي إيطاليا على الجميع

05/14 17:15

توج أنطونيو كونتي بطلا للدوري الإنجليزي مع تشيلسي ليخلف مواطنه كلاوديو رانييري وفريقه ليستر سيتي بطل الموسم الماضي وقبله توج مساعد كونتي السابق ماسيمو كاريرا بلقب الدوري الروسي مع سبارتاك موسكو.

وفي إيطاليا البطل هو ماسيميليانو أليجري مع يوفنتوس والذي سيلعب في نهائي دوري أبطال أوروبا أيضا بجانب فوز كارلو أنشيلوتي مع بايرن ميونيخ بالدوري الألماني.

ثلاثة من أبطال الدوريات الخمس الكبرى يقودهم مدربون إيطاليون من أصل 19 مدربا قادما من بلاد البيتزا في تلك الدوريات وهم أيضا الأكثر انتشارا مقارنة بـ15 مدربا إسبانيا و11 ألمانيا وسبعة من إنجلترا فقط.

أليجري: أهنيء كونتي.. وبوفون يستحق الكرة الذهبية مؤتمر كونتي: لم يكن سهلا أن أرث لاعبين من موسم سيء قبل كونتي.. كيف سيطر المدربون الإيطاليون على الدوري الإنجليزي

ما الذي يجمع هؤلاء المدربين جميعا غير الجنسية الإيطالية والنجاح في حصد الألقاب؟

الإجابة هي "كوفيرشيانو" أو المقر التدريبي للمنتخب الإيطالي والذي يجمع بين جوانبه المحاطة بتلال ريف فلورنسا مقر المدرسة التدريبية الإيطالية.

على كل مدرب إيطالي يسعى للحصول على شهادة مزاولة مهنة التدريب التي يقدمها الاتحاد الأوروبي أن يمر على هذه المدرسة التي يديرها حاليا رينزو أوليفيري بجانب رئاسته للاتحاد الإيطالي للمدربين.

من هنا خرج كونتي وكاريرا ومن قبلهم مارتشيلو ليبي وأريجو ساكي فلا يوجد أحد في إيطاليا لم يدرس في هذا المكان الذي أنشأه لويجي ريدولفي في خمسينيات القرن الماضي.

ريدولفي أحد أبناء عائلات التجار الثرية مدينة فلورنسا، وجد نفسه يحارب مع بلاده في الحرب العالمية الأولى ليعد بعدها محملا بوسامين للشجاعة وأفكار جديدة لإيطاليا في مجالات الرياضة والغناء.

أسس نادي فيورنتينا في 1926 وترأس الاتحاد الإيطالي للألعاب البدنية الخفيفة واتحاد كرة القدم.

في وسط الخمسينيات كانت كرة القدم اللعبة الأفقر والأقل بين كل الألعاب في إيطاليا فلم يكن هناك دراسة أو علم يساندها.

جعل ذلك ريدولفي رجلا سبق عصره بكثير وساهم بشكل كبير في تغيير كرة القدم بشكل كامل.

دكتور فينو فيني مدير متحف الاتحاد الإيطالي قال: "كانت الأفقر بين الألعاب، كان يجب أن تحصل على الشهادة الإعدادية لتكمل ممارسة أي لعبة رياضية أو كرة السلة بينما لم يكن هذا شرطا في كرة القدم".

ريدولفي أراد تضيق الفارق سريعا فكان قراره بإنشاء مقر جديد للكرة الإيطالي في مدينته المحببة فلورنسا يجمع بين جدرانه مدرسة للاعبين وأخرى للمدربين كانت الأولى من نوعها في العالم حينها.

إضافة إلى تواجد مقرات تدريبية للألعاب الرياضية الأخرى داخل جدرانها وذلك لإتاحة الفرصة للجميع داخل كرة القدم لمشاهدة ومراقبة تدريبات الألعاب الأخرى عن قرب والاستفادة منها.

لذلك ستجد ملعبي تنس بجانب حمام سباحة مغطى ومضمار للركض يحيط بملاعب كرة القدم التي تحتضن معسكرات تدريب المنتخبات الإيطالية دائما.

قليلون عاصروا المكان منذ نشأته وفينو كان أحد هؤلاء حيث بدأ مسيرته كطبيب لمنتخب إيطاليا في نفس عام افتتاح المكان 1958 قبل تصعيده إلى المنتخب الأول ومنه عمل كمدير للمركز التقني وأخيرا مديرا للمتحف الموجود داخل المقر.

بدأ في نفس الفترة البروفيسيور نيكولا كوميتشي في وضع منهج الإعداد البدني للاعبي كرة القدم عن طريق متابعة تدريبات باقي فرق الألعاب الرياضية الأخرى.

فيني حكى كيف كان يقوم كوميتشي بعمله في ستينيات القرن الماضي.

"كان يذهب لمتابعة تدريبات الألعاب البدنية الأخرى ويراقب طريقة الركض والانطلاق والسقوط ويحللها".

وتابع فيني في تصريحاته لباولو بانديني الصحفي بموقع "بليتشر ريبورت": "لاعب كرة القدم لديه الليونة ولكن قد لا يكون لديه البناء العضلي المناسب كالعدائين أو يستخدم حذاء مصمما خصيصا لهذا الغرض. طريقة سقوط لاعب في لعبة أخرى قد تلفت نظر كوميتشي لأنها تلحق أضرار أقل باللاعب أثناء سقوطه وهكذا كان يقوم بالمراقبة والتحليل".

هذه الأمور مفهومة ومنتشرة في كرة القدم الحديثة ولكن في تلك الفترة نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات كانت تلك ثورة حقيقية في عالم كرة القدم حققتها المدرسة الكروية الفريدة من نوعها.

ننتقل إلى المناهج التعليمية في المدرسة التي تنفرد عن غيرها بكونها لا يوجد لديها كتب أو مناهج محددة لدراستها.

أوليفيري يقول "من يأتي إلى هنا للدراسة لا يحصل على كتب فلا يوجد لها جدوى".

"إن استغرقت عامين لنشر كتاب لتدريسه فسيكون محتواه تاريخي فكرة القدم ستتغير حينها، لا نريد نقل أفكار سابقة ولكن على كل مدرب البحث بنفسه عن أفكاره الخاصة".

وتابع صاحب ال76 عاما "في البداية يشعر من يأتي إلينا بالاضطراب، هذا ما أريده فهناك الكثير من المفاهيم التي يجب أن تجديدها لذلك يكون علي البدء من الصفر معهم جميعا".

وأضاف "لكن لن أقوم بتعليمهم ما علمني إياه مدربي، فهذا يعني أنني أعطيهم معلومات عفا عليها الزمان منذ 50 عاما، ما أريده حقا من هؤلاء المدربين هو التنبؤ معهم بشكل كرة القدم بعد 10 سنوات من الآن".

تنقسم قاعات الدراسة في الأكاديمية بين قاعات المحاضرات المغلقة وبين الملاعب الخارجية ويقام المنهج على المناقشة بين المحاضرين وبين المدربين الطامحين للحصول على الشهادة التدريبية.

"يجعل ذلك الجميع يتعلم فأنا مازلت حتى الآن أتعلم من تلامذتي بعض الأفكار الجديدة" أوضح أوليفيري.

"السوبر" هكذا يطلق على المنهج التعليمي في الأكاديمية الإيطالية فعلى كل طالب حضور 900 ساعة من المحاضرات وهو أربعة أضعاف ما يطلبه الاتحاد الأوروبي لدخول المدرب إلى امتحانه للحصول على الرخصة التدريبية المحترفة.

ليس فقط ذلك فالأكاديمية تطلب من كل مدرب بنهاية فترة دراسته تقديم رسالة بحثية كتابية خاصة به لمناقشتها كأحد شروط التخرج والإعداد لدخول امتحان الاتحاد الأوروبي.

كل الرسائل البحثية يتم الاحتفاظ بها في مكتب "كوفيرشيانو" هناك توجد رسالة كلاوديو رانيري الأقرب إلى دفتر ملاحظات يومي لكل ما يتعلمه أو يشاهده أو يقوم بتنفيذه مع لاعبي كالياري في تلك الفترة.

كما توجد رسالة مكونة من 38 صفحة تحمل اسم أنطونيو كونتي عليها مكنونها بحث شامل ووافي بالرسومات والتسجيلات الرقمية لكل مميزات وعيوب الدفاع والهجوم في طريقة 4-3-1-2 بالتفصيل.

يوجد بداخل ذلك البحث فقرة بشرح فيها ثلاث طرق للضغط على لاعبي الخصم مع خمس ملاحظات حول الأصلح طبقا لجدول الدوري وحالة أرضية الملعب والحالة النفسية والعصبية للفريق.

"أذهب، شاهد، أعرض" هذا هو القانون الذي وضعه أوليفيري لطلابه، أذهب وشاهد المباريات من أرضية الملعب داخل وخارج إيطاليا ثم أدرسها وتعال لعرضها على الجميع هنا في المدرسة التدريبية.

اقتبسه من مقولة جوليوس سيزار القائد الروماني العظيم "أذهب، راقب وأقهر" وكأجدادهم قهر مدربي إيطاليا الجميع ولكن لا تطلب من قائدهم أن يكتب كتابا عن هذا الإنجاز.

أحد تلامذه أوليفيري هو فيليبو إنزاجي المدير الفني لفينيسيا حاليا وميلان سابقا قال عن أستاذه "رائع فيما يقوم به، لقد كان منهجه التعليمي مهما في تغير وتنقية بعض أفكاري".

إليزابت سبينا صاحبة الـ33 عاما تعتبر أول مدربة إيطالية تحصل على الدرجة النهائية، 110/110 في امتحانها للحصول على الرخصة التدريبية الأوروبية تحدثت أيضا عن معلمها وقالت "يعمل في حدود زمنية مختلفة عن البيئة المحيطة به".

"إضافة إلى ذلك فكل محاضر هنا لديه نفس الرغبة للمعرفة والرؤية للخروج بكل شيء صحيح في النهاية".

أنهت إليزابت قائلة "الجميع هنا يعمل معنا ويتشاركون في الرغبة التي لا تتوقف لتحدي الذات والرغبة في الوصول إلى معرفة أدق التفاصيل".

يمكن اعتبار تلك البيئة هي المستمرة منذ نشأة المكان في الخمسينيات فأوليفيري يرأسها منذ ثمانية سنوات فقط بعد تخرج كل من أنطونيو كونتي وأريجو ساكي وكلاوديو رانييري وأخرون.

بالعودة إلى أوليفيري تم سؤاله عن التحدي الأكبر في كرة القدم حاليا له ولأكاديميته فقال "تعليم اللاعب اتخاذ القرار الصحيح سريعا".

في كرة القدم الحديثة السرعة هي كل شيء والنصر لا يأتي إلا باتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب والهزائم تأتي بسبب التسرع أو التأخير.

"يتعرض اللاعب طوال المباريات لتحديات عقلية كثيرة لذلك نحتاج إلى تدريب العقل بجانب الجسد".

أرضية الصالة الرياضية داخل المقر مقامة على أرضية تعطي نفس احساس عشب الملعب، كان ذلك من أفكار المؤسس ريدولفي الذي ارتحل حول العالم لجلب أحدث التكنولوجيا لإعداد الرياضيين إلى مشروعه الضخم ومازال التطوير مستمرا حتى الآن.

نرشح لك

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل