المحتوى الرئيسى

نبيل عمر يكتب : الشيخ سالم يطور الخطاب الديني بالتكفير | ولاد البلد

05/14 14:49

الرئيسيه » رأي » نبيل عمر يكتب : الشيخ سالم يطور الخطاب الديني بالتكفير

اعترف بداية أنني ضد عبارة “تطوير الخطاب الديني”  فَلَو دققنا فيها النظر لن نجد فيها المعني الصحيح، لكن نأخذها على علاتها باعتبارها من الأخطاء الشائعة، التي تعارف عليها المجتمع أو أغلبه، ومن هذا المفهوم نتعامل مع ما قاله الشيخ سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، والرجل فعلا وسطي، والوصف أيضا من الأخطاء الشائعة، وهذا موضوع أخر، لا يحبذ إراقة الدماء ولا يدعو إليها، يُؤْمِن بالتعايش مع المخالفين في الدين، لكن لا مانع من أن يجهر بما يسئ إليهم ويحقر من عقيدتهم..

وبالرغم مما قاله من إهانة دين الآخرين ووصفه بأوصاف قبيحة، فهو يصر على موقفه ولا يتراجع عنه، ومن باب تمسكه بما أفتي وفسر، أعلن استعداده أن يحاسب أمام هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، وإذا أثبتوا خطأ ما قال سوف يخلع عمامته ولن يتحدث في الدين مرة ثانية.

وهذه ثقة شديدة من الشيخ سالم عبد الجليل في أن هيئة كبار علماء الأزهر سوف تبرئ ساحته، وأتصور أنه محق في رأيه ، لأنه من الأزهر ويعلم يقينا ما يعتقدون ويؤمنون به.

وبداهة كل صاحب دين يكفر صاحب الدين المخالف، ويتصور أن دينه هو الحق المطلق، ولو كان عنده ذرة شك في ذلك، لصبأ عن دينه واعتنق الدين الآخر، لا يختلف الامر عن المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي والهندوسي والكنفوشيوسي وعبدة النار وحتى الشيطان.

لكن كل هذا لا يبرئ الدكتور سالم عبد الجليل، فعقيدة الإنسان جزء من يقينه بالحياة وخالقها، لكنه يحب أن يكون يقينا داخليا، لا يُعلن رأيه في الأديان الاخرى على الملأ بأي صورة من الصورة وإلا فسدت الحياة المشتركة مع الآخرين، والله خلق الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا، وليس ليكفروا بعضهم بعضا، الوحيدون في الكون المكلفون بهذا الإعلام الواسع هم الأنبياء والرسل دون غيرهم، فهذه هي رسالتهم من خالقهم إلى أهلهم، ويلاقون فيها العنت والمغبة، ولم يحدث أن رسولا أو نبيا دعي أهله والنَّاس أجمعين إلى ربه بالطريقة التي أمر بها الله دون “معاناة شديدة وقاسية”.

ولا يوجد نص في الأديان السماوية، خاصة الإسلام يفرض على أصحاب الدين أن يهزأوا من دين الآخر أو يسفهوا محتواه.

وإذا كان الشيخ سالم عبد الجليل، يرد أن يرجع إلى هيئة كبار علماء الأزهر الشريف للحكم على ماقاله، وهو على يقين أن الهيئة سوف تطلق تمسح عن عباءته ما لحق به من أقوال، أليس من الأولى أن يرجع إلى نبي الإسلام ويستشهد به، خاصة أن نبي الإسلام عاش في بيئة كان فيه يهود ومسيحيين، فماذا قال الرسول عنهم؟

هل يذكر لنا الشيخ سالم واقعة واحدة أو نصف واقعة أو سطرا أو كلمة كفر فيها نبي الإسلام “المسيحيين” أو وصف عقيدتهم بما يسئ إليهم وهو الذي تلقي الوحي ونقل القرآن إلى عموم الناس كما أملاه الله عليه؟

لماذا يستشهد الشيخ سالم، بفرع من الفروع دون أن يختصر الطريق مباشرة إلى الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وهو صاحب الرسالة الملكف بها الشارح لها؟

قطعا لن يفعل ذلك، لأن الشيخ سالم يدرك عن يقين أن الرسول لم يكفر مسيحيا أبدا، ولم يقل كلمة واحدة شائنة في حق الديانة المسيحية.

ولا اعرف هل يعرف الشيخ سالم، حكاية السبعين راهبا الذين وفدوا إلى يثرب من نجران، وتحاوروا مع النبي في أكثر القضايا الشائكة بين المسلمين والمسيحيين وهو “صلب المسيح”، أتصور أنه يعرفها، ويعرف أن الحوار دام بين الرسول والرهبان ثلاثة أيام، وانتهي دون أن يصلا إلى اتفاق وظل الرسول على موقفه المكلف به والرهبان على موقفهم الذي أمنوا به أكثر من ستمائة عام، ولم يقل الرسول كلمة واحدة تقلل من شأن إيمانهم وعقيدتهم، أكرم ضيافتهم وأحسن معاملتهم وودعهم وداعا يليق به، وترك الأمر لله حكما في الخلاف، فالله هو صاحب الخلق وصاحب الحق الوحيد في الحكم على بشره، ولم يفوض كائنا من كان أن يحكم عليهم، أي ان الذين يجاهرون بالسوء في عقيدة الأخر يغتصبون لأنفسهم ما لا يجب.

هذه هي الأزمة سواء كان هؤلاء المتعصبون يحكمون على مسلمين بأنهم مرتدون كما فعل رئيس جامعة الأزهر السابق مع إسلام بحيري أو الشيخ سالم مع المسحيين بأنهم كفرة، غافلين عن أن الملك لله والدين لله.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل