المحتوى الرئيسى

«الوطن» مع الفئات الأكثر احتكاكاً بسكان الأرصفة: «المعاملة من بعيد لبعيد»

05/14 10:31

على درجات سلالم نفق مشاة المؤسسة، ينزل خالد محمود يومياً، وعلى رأسه صينية تحمل بعض المخبوزات، يوقظ الشاب الثلاثينى بضعة مشردين يبيتون فى النفق طوال الليل، موزعاً عليهم بعض المخبوزات التى معه مجاناً، لكن العلاقة بينه وبينهم تظل «من بعيد لبعيد»، ولم يكن خالد وحده الذى يتعامل بشكل يومى مع تلك الفئة، فأصحاب «الفرش» داخل الأنفاق والأماكن التجارية، وأفراد الأمن الذين يقفون على كثير من المنشآت، وبعض القائمين على حالات الإنقاذ للمشردين، والفواعيلة الذين يزاحمونهم على الأرصفة أحياناً، لكن التعامل فيما بينهم يصل للنقيضين؛ التعاطف مع بعضهم، أو نهرهم وإبعادهم عن أماكن وجودهم.

«بائع»: عملنا لهم كولدير يشربوا منه لوحدهم.. و«فواعلى»: باتعامل معاهم بحذر عشان المرض

«خالد» قضى 7 سنوات داخل النفق بائعاً للمخبوزات، يبيع القطعة بجنيه ونصف، لكنه يحمل كيساً كل صباح يضع به 8 قطع يضعها بجوار أحد المشردين بعدما يوقظه، ورغم تلك الأيام التى قضاها فى النفق فإنه لا يتذكر مرة واحدة لامست فيها يده يد أحدهم: «بصراحة ومن غير زعل أنا بخاف أقرب منهم، منظرهم مش كويس، وريحتهم وحشة، ومش بعيب عليهم والله، بالعكس أنا بجيب لهم قُرص معايا يوماتى، وعلى حسابى وبعتبرها صدقة لربنا»، قالها الشاب مشيراً إلى أن بعض هؤلاء الشباب لهم حكايات مرعبة يقصها البعض عليه: «أسرهم رمتهم أطفال وكبروا فى الشارع، معاناتهم صعبة جدا، تخيل محدش منهم بيعرف يستحمى فى الصيف بشكل يومى، ولا بيعرف يغير هدومه أو يغسلها، وبالتالى هما مصدر لأمراض مُعدية، وعشان كده علاقتى بيهم من بعيد لبعيد». الأمراض التى تحدث عنها الشاب لها علاقة بالفطريات والأمراض الجلدية، مشيراً بيده إلى مجموعة من ورق الكارتون التى ينامون عليها، والتى امتلأت بالوسخ موضحاً أنها مصدر للبكتريا، لافتاً إلى أن استحمامهم أمر صعب، فحيثما وجدوا طردهم الناس: «بيحاولوا يستحموا فى الجوامع، بس عمال النظافة أحياناً بيطردوهم، ملهومش مكان يؤويهم وللأسف تحولوا لمدمنين».

«خالد»: 7 سنين باتعامل مع مشرد بس عمرى ما لمسته

وعلى رصيف مسجد الخازندارة بمنطقة روض الفرج، اصطف عدد من «الفواعلية» أمسكوا بأدواتهم فى انتظار من يطلبهم للعمل، يقابلون بشكل يومى مجموعة من المشردين الذين يجاورونهم على الأرصفة، يطلبون منهم العمل معهم أحياناً لكنهم يرفضون، إلا أن أحدهم استطاع إقناع واحد منهم للعمل معه: «هو ليه حق يعيش حياة طبيعية، بس الظروف اللى عملت فيه كده»، قالها محفوظ، أربعينى، مقبل من الصعيد للعمل فى القاهرة، مشيراً إلى أنه رأى فى أحد الشباب المشردين ذكاءً وقدرة على العمل ووُفّق فى إقناعه: «فى الأول كنت بخاف أتعامل معاه، وبتحاشى حتى أسلم عليه بإيدى لأن يومه كله فى الشارع ولو اتعديت منه بأى مرض هتبقى كارثة»، قالها الرجل الذى لم ينَل حظاً كافياً من التعليم لكن بوسعه معرفة أن بعض الأمراض تنتقل عبر الدم، وفى مهنة يقوم فيها الشخص بالتكسير والحمل والنقل يكون عرضة لأى جروح أو خدوش: «فى مرة هو اتعور قدامى وأنا بصراحة مقدرتش أعمل له حاجة، خفت يجيلى مرض من ملامسة الدم بتاعه، لأن أنا كمان كانت إيدى مفتوحة ولافف عليها قماشة»، لكنه يشير إلى أنه بعد فترة أصبح باستطاعته الأكل والشرب معه: «اتغير وبقى يلبس كويس وبقى لا مؤاخذة نضيف شوية، ومن ساعتها بنتعامل عادى بس بحذر عشان معرفش تاريخه المرضى إيه».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل