المحتوى الرئيسى

«يوسف» يغازل «الشيطان»

05/13 22:16

بات من المتوقع أن تنال السهام المسمومة كل تراثنا وما به من ثوابت ومعتقدات لا لشئ سوي تنفيذ أجندات خارجية لا تخدم مصلحة البلاد والأعجب أن امتدت تلك الحملات المسعورة لتصل إلي القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي ذلك القائد الذي حرر بيت المقدس من دنس اليهود، ولم يكن ينم الليل بل لم يكن ليضحك وعندما سئل في هذا قال" أضحك وبيت المقدس أسيرا" وهو الرجل الذي وحّد الجبهة الإسلامية ونظم الحكم في مصر وجعل قلعة الجبل مقرا للحكم واستبدل المذهب الشيعي بالمذهب السني بعدما انهي حكم دولة الفاطميين وهو الرجل الذي قام ببناء المدارس التنويرية كالفسطاط التي أصبحت علما على وسطية الإسلام ولم يعرف عنه التشدد وعرف عنه الحكم الرشيد، فلم يكن صلاح الدين الأيوبي طامعا في منصب أو سلطة فقد طٌلب إلي الوزارة ولم يكن يعلم احد انه هو اخر وزير في الدولة الفاطمية لتبدأ بعدها الدولة الأيوبية ولم يكن يخطط لذلك بعد فقد ساقته الأقدار سوقا دونما اختيار منه أو تدبير وما كان اختياره للوزارة إلا لتهدأة الثائرين ضد حكم الفاطميين الذي كثرت فيه القلاقل.

ولم يكن هجومه صاحب عزازيل على صلاح الدين سوي مقدمات لهجوم اخر حسب أجندة صهيونية ينفذها حتي يعبر إلي جائزة نوبل من فوق " جثة " صلاح الدين فقد اعتبر زيدان نفسه مؤرخا وفيلسوفا وروائيا وأديبا رغم كل المغالط التى التاريخية التي يرتكبها زيدان في حق الأجيال الحالية والقادمة فقد زعم زيدان سابقا أن بيت المقدس ليس مكانه القدس بل هو موجود في الطائف وذلك للتخديم على تلك الأجندة التي يتبناها منذ ان عرف طريقه إلي الشهره أملا في ترشيحه من قبل اخرين لجائزة نوبل التي يعمل ليل نهار للحصول علي تلك الجائزة التي من اجلها يحاول إرضاء اللوبي الصهيوني المتحكم في ترشيحات ومنح تلك الجائزة الثمينة التي يريد تتويج حياته بها حتي وإن أشاع لمقربية أنه لا يرغب في الحصول عليها

لقد تحدث  يوسف زيدان عن ثلاثة أشياء في شخصية صلاح الدين الأيوبي جعلته يخلع عليه لقب" احقر شخصية في التاريخ" وهو أسلوب غير علمي وغير معروف في وصف التاريخ او غير مستخدم في الهجوم على شخصية لها ما لها وعليها ما عليها حتي وان كانت تلك الشخصية هي صلاح الدين الأيوبي فاتح بيت المقدس في معركة حطين تلك المعركة التي لو لم يكن لـ صلاح الدين غيرها على الإطلاق لكفاه فخرا وتيها ونصرا أن بدأها واستعد لها وجيش من اجلها الجيوش فكان النصر المؤزر وما يعنيني هنا أن أفنّد الأشياء الثلاثة التي ذكرها عن الايوبي وكلها أباطيل داحضة لا صحة لها ، فقد ذكر زيدان ان صلاح الدين الايوبي قضي على الدولة الفاطمية بأن عزل رجالها عن نسائها ؛حتي لا يتناسلوا وبذلك تنتهي حكم الدولة الفاطمية ، كما انه- صلاح الدين- أحرق مكتبة القصر الكبير وبها مئات الالاف من الكتب التاريخية والتي لا تعوض ولن يجود الكتاب والمفكرين والعلماء بمثلها مرة اخري بينما كانت ثالثة الاثافي هي قوله بانه – الأيوبي- فتح القدس لاجل المسلمين وتحريره من أيدي اليهود بل كان لإنقاذ اخته من أيديهم بعد ان وقعت في الأسر وهو ما جعل الكاتب الأجير يلقي باتهامات لا سند ولا دليل عليها سوي كونه ساعٍ إلي الهيجاء بغر سلاح سوي سلاح الشهرة التي يسعي إليها زيدان بكل ما أوتي من قوة ؛حتي ينال ما يريد من جوائزَ عالمية على رأسها جائزة نوبل التي أصبح الوصول إليها حلما يشبه حلم الوصول إلي القمر دونما مركبة فضائية.

أمّا ما ذهب إليه الكاتب في كون صلاح الدين قضي على الدولة الفاطمية بان عزل رجالها عن نسائها فلم يات بدليل او وثيقة تؤكد مزاعمه وهي الفرية التي لو حدثت لكان الشيعة أولي بها منه واولي بترديدها وتأكيدها منه وأولي بتكرارها في كل مناسبة الشيعة الذين قضي عليهم صلاح الدين الأيوبي بأن حوَّل الجامع الأزهر من التدريس للمذهب الشيعي إلي تدريس مذهب أهل السنة والجماعة فالشيعة هم أعدي أعداء صلاح الدين الأيوبي لكننا لم نجد على مدار التاريخ من يتقول بمثل هذه الأقاويل الخرفاء التي لم يساندها الدليل فحسب بل ساندتها الأحقاد الدفينة التي يسعي إليها كل موؤد من سطور التاريخ ، فلم يكن الكاتب متخصصا فيما يقوله أو يدعيه ولم يعرف عن صلاح الدين سوي اسمه ورغم أنه هاجم من ذي قبل دراما فيلم" الناصر صلاح الدين" ووصفه بانه" الناصر أحمد مظهر" إلا أن هذا ليس دليلا علي ما زعمه من إنهاء الأيوبي على الدولة الفاطمية فقد خلط زيدان الحابل بالنابل والرامي بالقاذف عندما انتقد الدراما الفيلمية موجها هجومه على صلاح الدين الذي لم يكن لديه ذنبا في تجسيد شخصيته التاريخية في عمل درامي.

بينما المكتبة التي تحدث عنها وقال بان صلاح الدين الأيوبي قد أحرقها فأيضا لم يأت بوثيقة أو دليل أو نقشٍ حتي على حائط بأن واقعة حرق المكتبة كانت موجودة بالفعل ، فلم تذكر الوثائق أو المخطوطات أو الشواهد أو حتي الرواة أن هناك عملية حرق تمت بحق تلك المكتبة التاريخية الضخمة التي لن تتعوض ولن يغفر التاريخ عبث العابثين بها في حال امتدت إليها يد صلاح الدين بالحرق، فالثابت تاريخيا ومن خلال توثيق تلك المعلومات من الدكتور أيمن فؤاد سيد مدير وحدة تحقيق النصوص بدار الكتب والوثائق القومية والباحث المتخصص في تاريخ الدولة الايوبية أن صلاح الدين الأيوبي لم يكن ليقدم على تلك الفعلى التي لن يغفرها له التاريخ ،بل كل مافي الأمر أن القائد الذي استبدل الدراسة بالأزهر من المذهب الشيعي بالمذهب السني وهو مذهب اهل السنة والجماعة طلب الاستماع إلي أراء العلماء والمتخصصين في كتب تلك المكتبة وذلك بعد أن وصل إلي مسامعه أن تلك المكتبة تحوي كتبا تحمل في طياتها المذهب الشيعي وأنها- أي الكتب- تساهم في اتساع الهوة بين المسلمين بعضهم البعض فكان طلب العلماء له بأن يأخذ رأيا في تلك المكتبة التي تحوي مجلدات ضخمة وكبيرة في علوم تخص المذهب الشيعي ،فما كان من القائد المحنك إلا ان استوثق من علمائه الذين أكدوا له صحة ما وصل إلي مسامعه، فأمر ببيع تلك المكتبة للعلماء ولكل من أراد الشراء واستمرت عملية بيع المكتبة 10 سنوات متتابعة للكافة دون تمييز في وقت كان الجميع يحب فيه اقتناء الكتب، وبيعت تلك المكتبة عن بكرة أبيها وحسب المصادر التاريخية فقد أكدت أن القاضي الفاضل قد اشتري من المكتبة 100 الف مجلد ووضعها عنده ، وأن العماد الاصفهاني اشتري 100 الف مجلد وأرسلها إلي ربوع الشام، وهناك من الأعيان من اشتري مئات الالاف من تلك المجلدات التي أصبحت في حمي الشعب الذي اقتناها ولو كانت نية صلاح الدين الأيوبي تتجه إلي التخلص من هذه الكتب لفعل مثلما فعل التتار في مكتبة بغداد بعدما تخلصوا منها بإلقائها في النهر واستخدموها جسرا للعبور عليها واختلط ماء النهر بأحبار تلك الكتب.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل