المحتوى الرئيسى

محمد مصطفى أبو شامة يكتب: "أ هـ م 1" بـ2 مليون.. ينافس مزاد "التجنيس" في مصر - E3lam.Org

05/13 14:33

شاركها Facebook Twitter Google +

إذا كان المجتمع لا يمانع في بيع بعض خدماته المميزة لمن يستطيع أن يدفع، فلماذا يقف «بعض» هذا المجتمع أمام فكرة بيع الجنسية المصرية لمن يملك ثمنها، طالما أن الهدف واحد، وهو دعم الاقتصاد؟

وقبل أن أجيب عن السؤال «المتشابك» فلنحكِ أولًا قصة «أ هـ م 1» التي تحوَّلَت إلى لقب مميز (أهم واحد) وتنَدِّرَت به وسائل الإعلام وعنونت به أخبارها، والتي لم تكن سوى «لوحة معدنية» لسيارة باعَتْها وزارة الداخلية المصرية «لصالح صندوق تحيا مصر»، وقد حصل عليها مواطن «غني»، وتمَّت عملية الشراء عبر مزاد علني نظَّمَتْه الوزارة (قطاع الشرطة المتخصصة) عبر موقع خُصِّص لذلك الغرض كانت الوزارة قد أنشأته في أغسطس 2014.

ويمكن الوصول إلى «موقع المزايدة على اللوحات المؤمنة» بسهولة عبر الرابط التالي (من هنــــا )، الذي يتيح، وبشروط خاصة، لأي زائر تشكيل لوحة سيارته المعدنية بالحروف والأرقام، ثم الحصول عليها من خلال ما سماه بـ«المزاد الافتراضي»، وحرص الموقع على أن يؤكد لجمهوره أن البيع لا يعكس سعر اللوحة، ولكنه للتشجيع على التبرع لحساب «تحيا مصر» الذي دشنه الرئيس السيسي مع بدء فترة حكمه الأولى، بهدف تشجيع الشعب على دعم الدولة الجديدة بتوفير سيولة نقدية تمَكِّنُها من سد احتياجات أساسية، ربما تعجز الموازنة العامة عن تحمُّلِها.

ورغم أن نشاط الموقع قد مَرَّ عليه أكثر من عامين، فإن اللوحة المشار إليها (أ هـ م 1) وارتفاع سعر بيعها، أسهم بشكل كبير في إعادة تسليط الضوء على الفكرة؛ وهناك لوحات أخرى بيعت بعدها كما يشير الموقع، حيث تم الانتهاء من المزاد على اللوحة رقم (س ى ف 1) وبيعت لصالح صندوق «تحيا مصر» بمبلغ 605000 جنيه مصري، واللوحة رقم (د د د 111) و بيعت بمبلغ 210000 جنيه مصري .

لا يليق بالطبع مقارنة لوحة السيارة المعدنية بالجنسية المصرية، لكن الآلية «المحترمة» التي نَظَّمَت بها الدولة «مزاد اللوحات»، والقيمة المعنوية التي مَنَحَتْها لحائزي الأرقام والحروف المميزة منها مقابل ما حصل عليه صندوق «تحيا مصر» من قيمة مادية معتَبَرَة، هي ما يجعلنا نطمح في وجود آلية مشابهة للحصول على «الباسبور» أو «جواز السفر» المصري تحقق عوائد جيدة، خصوصًا بعد موافقة لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، قبل أيام، على مشروع قانون مُقدَّم من الحكومة لتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 89 لسنة 1960 الخاص بدخول وإقامة الأجانب في مصر والخروج منها، والقانون 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.

ويهدف مشروع القانون إلى إرساء نظام جديد لإقامة الأجانب في مصر يعتمد على «الإقامة بوديعة»، من خلال إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية في أحد البنوك المصرية، تضمن لصاحبها بعد 5 سنوات من الإقامة بمصر التقدُّم بطلب الحصول على الجنسية المصرية.

لا غضاضة في الفكرة، ولا غرابة في المبدأ؛ فهناك عشرات الدول في مختلف بقاع العالم، (من أفقرها إلى أغناها) نظمت قوانين لمنح جنسياتها لمن يرغب، ووضعت لها الشروط المناسبة لمصلحتها، واتفقت معظمها على أن «القدرة الاقتصادية» هي الشرط الأهم للراغبين في الحصول على إقامتها الدائمة ثم جنسيتها.

وفور الإعلان عن موافقة اللجنة على قانون «الإقامة بوديعة» فُتِح مزاد الأرقام وتأرجحت قيمة الوديعة بين 200 و500 ألف دولار حسب اجتهاد كل مسئول أو محلِّل أو متحدث في الإعلام، ومع تصاعد الأرقام اشتعل مزاد آخر فتحه الـ«بعض»؛ مزاد «الوطنية»، واستُخدِمَت فيه كلمات مثل «الكرامة» و«الاستقلال» لدغدغة المشاعر ولسحب النقاش إلى منطقة العواطف، فغاب العقل عن النقاش رغم حاجتنا القصوى له، لأننا (وبكل آسف) لا نملك رفاهية التخلي عن أي مصدر شريف للدخل في ظل الأوضاع الاقتصادية القائمة، الوضع لا يتحمل مثل هذه المزايدات الساذجة، فلسنا أكثر وطنية من الإنجليز؛ ففي بلادهم، ينص القانون على أن مَن يستثمر مبلغ 200 ألف جنيه إسترليني يمكنه أن يحصل على الإقامة الدائمة بعد 5 سنوات، أما من يستثمر 5 ملايين جنيه، فيمكنه الحصول على الإقامة الدائمة بعد 3 سنوات، بينما يمكن لمن يستثمر 10 ملايين جنيه الحصول عليها بعد سنتين.

وكلما أعملنا عقولنا بعيدًا عن الشعارات العاطفية الجوفاء، فسنجد الطرق والسبل التي ننقذ بها اقتصادنا الذي خَرَّبَه الإرهاب وتراكُمُ سنوات العشوائية والتخبُّط السياسي والإداري للدولة. وهناك أفكار كثيرة يمكنها تحقيق عوائد كبيرة، تحتاج فقط إلى الدراسة الجيدة، منها مثلًا مزادات مشابهة على أرقام بطاقات «الرقم القومي» أو «جواز السفر» أو «رخصة القيادة»، ومنها تأجير بعض الأماكن الأثرية لشركات دولية كبرى (عدد محدد من السنوات)، لتديرها بهدف التطوير والتسويق والاستثمار.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل