المحتوى الرئيسى

اللاجئون ونكبتهم | المصري اليوم

05/12 21:38

أطلق الذين هجروا من ديارهم قبل 69 عاما، وساروا لمسافات طويلة في الطرق الوعرة، وقطعوا السهول والجبال للوصول إلى مكان آمن على ذلك اليوم «يوم القيامة»، وأطلق الذين شاهدوا قراهم ومدنهم وهى تتعرض للقصف والتدمير وتتبدل معالمها وملامحها ب «يوم الزلزال»، غير أن هناك إجماعا على أنه «يوم النكبة»، النكبة هي ذكرى احتلال الجماعات الصهيونية 78 % من أرض فلسطين التاريخية، أي كل فلسطين باستثناء الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان ذلك بتارخ 15 / 5 / 1948 وإقامة دولة اسرائيل، هذه النكبة التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الفلسطينيين مهما مر عليها من سنين، هاجر فيها الناس على شكل جماعات وكانت العائلات وسكان كل قرية يتجمعون حول بعضهم لأنهم يعرفون بعضهم، ومع مرور الوقت أصبحت تعرف الشوارع بأسماء البلدان الأصلية التي هاجر منها اللاجئون لتشكل فسيفساء جغرافيا فلسطين، وهذا جعل اسم البلدة أو القرية حيَا في عقول وأذهان الأجيال الجديدة، فقد سعى المهجرون لترسيخ أسماء القرى والمدن في عقول النشء الجديد من خلال تسمية بعض الشوارع في المخيم على اسم هذه القرى والمدن، وقاموا بوضع إشارات ولافتات بأسماء هذه الشوارع، أما وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين «أونروا» فقد قسمت أحياء المخيمات في البداية حسب الأحرف، وكل حى يعرف بحرف معين، إلا أن هذه التسمية تلاشت بسبب أن الناس أصبحوا ينسبون الأحياء للبلد الأصلى لسكانها، لكن إسرائيل تطاردهم حتى آخر نفس وتشترط لاستئناف المفاوضات بإلغاء هذه الأسماء التي أطلقت على الشوارع والأحياء إبان النكبة، وهو ما نقله الرئيس الأمريكى ترامب لنظيره الفلسطينى محمود عباس أثناء زيارته إلى واشنطن، فضلا عن تغيير المناهج التعليمية المحرضة على إسرائيل!.

لقد بدأت نكبة الفلسطينيين عندما تأكد زعماء اليهود من نية انسحاب بريطانيا، وقرروا في تل أبيب في مايو 1948، تشكيل برلمان وطنى كممثل للشعب اليهودى والحركة الصهيونية العالمية تسمى «دولة اسرائيل» وتقرر فتح باب الهجرة لكل يهود العالم للكيان الجديد، واعترفت بها الولايات المتحدة الأمريكية في اليوم التالى، ثم تتالى بعدها اعتراف معظم دول العالم، ودخلت هيئة الأمم المتحدة عام 1949.

في اليوم التالى من إعلان قيام دولة إسرائيل، قامت جيوش من مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق، بالإضافة إلى مقاتلين عرب آخرين والمقاتلين الفلسطينيين قدر قوامهم حينها بـ(68 ألف مقاتل) بشن حرب شاملة ضد الكيان الصهيونى الذي قدر عدد مقاتليه في ذلك الوقت ب (90 ألف إرهابى) وسرعان ما تحول الصراع إلى نزاع دولى، أدى عدم التنسيق وتضارب الأوامر وبعض الاتفاقيات السرية وضعف الجيوش ونفاد الذخيرة إلى هزيمة الجيوش العربية، وكانت النتيجة أن احتل العدو الصهيونى فلسطين باستثناء الضفة الغربية حيث انضمت إلى الأردن، وقطاع غزة الذي انضم إلى مصر.

لقد تم تطهير 531 قرية ومدينة فلسطينية، ودمرت بالكامل خلال النكبة، واستشهد أكثر من 15 ألف فلسطينى، ووقوع أكثر من 50 مجزرة بحق الفلسطينيين، وتهجير أكثر من 780 ألف فلسطينى أصبحوا لاجئين من أصل 1.4 مليون فلسطينى كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية قبل النكبة، وبقى 150 ألفا آخرين في المناطق التي قامت عليها دولة الاحتلال (وهم من سموا بعرب 48) .

تظهر المعطيات الإحصائية أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في دولة فلسطين تشكل 43.1% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية عام 2014، كما بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين في الأول من يوليو عام 2014 حوالى 5.49 مليون لاجئ فلسطينى، يعيش حوالى 29 % من اللاجئيين الفلسطينيين في 58 مخيما، تتوزع بواقع 10 مخيمات في الاردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيما في لبنان، 19 مخيما في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة .

قضية اللاجئين قضية مركزية في المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، غير أنها محور خلاف دائم وتعثر مستمر، اسرائيل لا تعترف بمن هجرتهم قسرا من بيوتهم وأرضهم وبلداتهم، تتجاهل حقوقهم وتسخر من معاناتهم في دول اللجوء، تسعى لطمس هويتهم وقضيتهم إلى الأبد عبر شروطها التعجيزية لاستئناف المفاوضات، وتدفع بحلفائها لدعم مواقفها ومساعدتها على تحقيقها، غير أن اللاجئين لن تمحى قضيتهم بجرة قلم يوقع على أي اتفاق فلسطينى إسرائيلى، فلا يحق لأى فلسطينى أن يتخذ قرار الحذف لوجودهم ولا حتى تقرير مصيرهم مهما علا شأنه، قضية اللاجئين قضية جوهرية في دائرة الصراع على الهوية والوجود لا تسقط بالتقادم، حمل خلالها الفلسطينى حلمه، وسار به في طريق المقاومة، تعثر أحيانا، وسطر أعظم بطولة أحيانا كثيرة، ذاق طعم التشرد واللجوء والنفى والشتات، وعاش حالة الترانسفير بين عواصم الدول، وفى كل محطة يهبط فيها مطالب بإثبات الهوية التي حاولت إسرائيل طمسها من الوجود، فإذا ما أخفق ألصقت به تهمة الإرهاب، وبات ينظر إليه في كل مطارات العالم بالريبة والشك ويوصم جواز سفره بعبارة واحدة «شخص غير مرغوب فيه» لا لسبب إلا لكونه فلسطينيا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل