المحتوى الرئيسى

مواطن اللامواجهة واللامبالاة!

05/12 09:52

متى كانت آخر مرة فكّرت فيها بالتّصرّف إزاء قضيةٍ ما؟ أو فكّرت في مسببات ونتائج خبرٍ أو حدثٍ ما؟ ومع كلّ ما يجري على الكوكب من مجريات واحدها كفيلٌ بقلب أنماط حياتنا إلى الأبد، تجدنا لا نبالي فقط، أو تقتصر ردود فعلنا على عاطفة في الأغلب إلكترونيّة تستمرّ لساعاتٍ لا أكثر، ويقتصر اهتمامنا على لقمة العيش وأسباب السّعادة الاستهلاكيّة، وكأنّنا ندور في أفلاكٍ حول فردانيّتنا التي توهمنا أنّنا نقطن على جزيرةٍ بعيدةٍ عن كلّ العالم وما يجري فيه.

مع كلّ المشاكل الاقتصاديّة والأمنيّة والحروب التي تلوح على الحدود، لن تجدَ أحداً يتحدّث عن الشّأن العام في الطّرقات أو المقاهي، حتى إن نخبنا ومثقفينا الجدد أو حرسنا القديم، ما عاد أحد يبشّر أحداً بأفكاره، ولا للنّقاش مكانٌ على موائدنا، في أفضل الأحوال نحن نصنّف النّاس فقط، تبعاً للأصول والمنابت أو الأنماط المسبقة المعلّبة للولاءات الأبويّة العتيقة.

أمّا ثقافة التّسطيح ومشاهيرها فهي الرّائجة والرّابحة، فالضحكات المغيبة تغلّب عبوس الواقع دوماً.

فما دام أنّ مواطننا قرّر أن يكونَ غير مبالٍ في كلّ ما يحيط به، وأنّ اللامواجهة والاستياء العام هو ردّ الفعل المتاح، فماذا ننتظر من مجتمعنا الفاقد للاهتمام بكلّ شيء؟ وأكبر ردود فعله هو رشق كاميرات مراقبة السّرعة بالقهوة التّركية، وماذا ننتظر من نخبٍ نسيت دورها وما تحمله من أفكار؟

والأخيرة هي من تُؤهّل النّخب للوجود لا غير، ومن مثقفين ما عادت معالم دورهم أو حتى وجوههم واضحة؟ ماذا تنتظر إلا أنّنا على أعتاب عصر عزلةٍ عن بلادنا ودولتنا وهويتنا، متى استيقظنا منه، الله وحده يعلم ما قد يتبقّى منّا ومن عالمنا وقتها.

لهذه العزلة المقبلة أسبابٌ كثيرة، أوّلها قد يكون في الإجابة عن مسببات خيارات اللامبالاة والهروب الرّابحة في بلادنا، وهل حقاً فقدنا الأمل في قدرتنا على التغيير؟ أمّا أنّنا فقدنا الدّهشة لكلّ ما حصل وما قد يحصل؟ أم أنّنا نحتاج لفكرةٍ تتحد معنا لنتحرّك من خلال تنظيرها بعيداً عن ثقافة التتفيه المنتشرة؟

متى يكون اقتصاد بلادنا وما حدث وما قد يحدث له محور اهتمامنا؟ ومتى سنواجه نحن ما تواجهه مؤسّساتنا من خياراتٍ صعبة؟ متى سنختار المواجهة ونبالي بما يحدث؟ ومتى سنشعر بالانتماء بعيداً ولو قليلاً عن موسيقى الأغاني ومدرّجات الملاعب؟

لا بدّ أن يعرف الجميع أنّ كلّ واحدٍ منّا له سهمٌ في هذه البلاد، وأنّ ما يجري على بعضنا سيلحق بنا جميعاً، وأن لا محيد لنا من مواجهة الواقع وأنّ النجاة في المبالاة، وأنّ أعراض مرض العزلة قد بدأت حقاً، فنحن نهتمّ بالشأن الداخلي التّركي وتفاصيل التعديلات الأخيرة ولا نكترث لما يجري في بلادنا وما يعدل من قوانينها، ونناصر فرقاً في سوريا على فرق، ولا نعلم شيئاً عن التّيارات السياسيّة على ساحتنا نحن.

مجتمعنا يتحوّل رويداً إلى مجموعاتٍ من البشر تعيش في حلقات منغلقةٍ على نفسها لا تريد خيراً لغيرها، قريباً سنجد أنفسنا في عزلةٍ عن أوطاننا فتضعف هي ونحن، وقتها سيكون وقت المواجهة انتهى وحان وقت سداد فاتورة الأخطاء التي ارتكبها غيرنا، ولم ندرِ لأنّنا لم نكترث.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل