المحتوى الرئيسى

الهيموفيليا صراع مع الموت فى انتظار العلاج | المصري اليوم

05/11 23:37

مرضى الهيموفيليا فى مصر..عددهم يصل لأكثر من 22 ألف مريض، 40% منهم فقط مسجلون فى التأمين الصحى. جميعهم يواجهون النسيان، الحقن الخاصة بهم غير متوفرة، وتعويم الجنيه جعل سعر الحقنة- إن وجدت- بالآلاف، كثير منهم لم يستطيعوا توفيرها، لم يعد أمامهم سوى العيش على أمل أن تتحرك الدولة لإنقاذهم أو انتظار الموت ربما يريحهم.

من أبرز المشاكل التى يواجهها مرضى الهيموفيليا قلة الأماكن العلاجية، إلى جانب استمرار نقص العقار الخاص بالمرضى «الفاكتور 8، والفاكتور 9»، وارتفاع أسعاره بصورة مبالغ فيها، حيث وصل ثمن الحقنة الواحدة إلى 4 آلاف جنيه، وقد يحتاج المريض إلى أكثر من أربع حقن أثناء النزف، حتى ناشد عدد كبير من الأطباء وزارة الصحة بضرورة تخصيص أماكن فى المستشفيات لعلاجهم.

ويرجع سبب زيادة أسعار الحقنة بهذا الشكل المبالغ فيه إلى توقف المصنع المنتج لعقار «فاكتور»، لعدم مطابقته للمواصفات القياسية للجودة، ونظرا لتعثره وعدم وجود سيولة مادية، تم إغلاق المصنع، ولم تتوقف معاناة المرضى عند نقص الفاكتور فقط، بل لحقه غياب «الكرايو»، أحد الأدوية المعالجة، أيضا، ومن أبرز المشاكل التى تواجه مرضى الهيموفيليا، إصابتهم بأمراض الدم والفيروسات الكبدية، مثل فيروس سى، نتيجة نقل الدم غير الآمن، الذى يلجأون إليه نتيجة للنزيف بصورة مبالغ فيها.

الهيموفيليا.. مرض وراثى يمنع تجلط الدم نهائيا، وهناك أكثر من ٢٢ ألف مريض يعانون منه، وزادت أزمة الدواء الأخيرة من أوجاعهم، فمنهم من فارق الحياة ومنهم من بترت ساقه، «المصرى اليوم» رصدت معاناة مرضى الهيموفيليا فى مصر.

محمد صابر 17 عامًا، من محافظة البحيرة، اكتشف والده أنه مصاب بالهيموفيليا، وعمره أربعة أشهر، فوجئ محمد فى الشهور السابقة بورم مفاجئ، ونزيف شديد فى قدمه اليمنى وتوجه إلى الطبيب المعالج ليخبره بوجود تجمع دموى حول الركبة، وأنه يحتاج إلى حقن من نوع فاكتور 8 فى الحال، وحاول والداه البحث عن الحقن فى الصيدليات والمستشفيات، ولكن دون جدوى.

«مكنش موجود علاج فى أى مستشفى ولا أى صيدلية مكنش غير فى السوق السوداء بس كانت غالية جدا وكان تمنها فوق ال2000 جنيه فى الحقنه الواحدة، وأهل الخير ساعدونى فى الأول وبعد كده المساعدات توقفت» هكذا قال والد محمد الذى أخبره الطبيب المختص بأن العلاج الوحيد له هو بتر ساقه للمحافظة على حياته.

وبعد أن بترت ساق محمد اضطر للتوقف عن مواصلة الدراسة والتسرب من التعليم وقال «حالتى ماسمحتش فى الوقت الحالى أكمل تعليمى وخاصه أننى فى مرحلة الثانوية والحمد الله على كل حال».

سبب البتر لمريض الهيموفيليا أولا هو سوء التشخيص بجانب الجرأة فى التصرف من الأطباء، حسب الدكتور أحمد المحنكر، مدير بنك الدم فى الإسماعيلية، الذى قال إن المرض يكون عبارة عن نزيف مختلط بخلايا عصبية، ويشبه شكل الورم فى الصور الإشعاعية، مشيرا إلى أنه من المفترض أن يصبر الطبيب 5 شهور أو 6 شهور، وتتم إعادة الرنين مرة أخرى.

يحاول محمد علام، 27 عامًا، تحاشى الوقوع فى المضاعفات عن طريق شراء الفاكتور عبر السوق السوداء ويقول: «ثمن الحقنة الواحدة 1500 جنيه وللأسف لا تكفى».

اكتشف والد محمد مرضه بالهيموفيليا بعد ولادته مباشرة، بعد إجراء عملية الختان، ويكمل محمد: «معظم مرضى الهيموفيليا بيكتشفوا المرض عندهم بعد عملية الختان بسبب النزيف الشديد للطفل» ويؤكد أن أزمة النقص فى الدواء بدأت من ستة أشهر وحتى الآن مازالت الأزمة قائمة: «المفروض إنى موظف وليا تأمين صحى بس للأسف لا التأمين، ولا نفقة الدولة موفرة الدواء لأنه ناقص فى السوق من الأساس»، ويحمل مسؤولية نقص دواء الفاكتور إلى وزارة الصحة قائلا «المسؤولية تتحملها وزارة الصحة والتأمين الصحى لأن اللى إحنا فيه ده ميرضيش ربنا».

وقعت الحكومة المصرية فى عام 2003 اتفاقية مع الاتحاد العالمى لمرضى الهيموفيليا تنص على تطوير وتدريب كوادر طبية من أجل التعامل مع المرضى، والتعامل مع شبكات بنوك الدم، ونشر التوعية بين التخصصات الطبية المختلفة وقامت الحكومة بتوقيع اتفاقية أخرى قبل نحو شهرين تنص على إرسال 300 ألف عبوة دواء لعلاج هذا المرض، إلا أن الشحنات لم تخرج من قرية البضائع بمطار القاهرة الدولى ولم يعرف السبب حتى الآن.

محمد النوبى شاب لم يكمل عقده الثانى بعد، مريض بالهيموفيليا، توفى بسبب نقص الدواء فى المستشفيات بمحافظة الفيوم التى تعانى من نقص فى الدواء ليتم نقله إلى مستشفى قصر العينى بالقاهرة، ليفاجأ والده بوجود نقص فى الأدوية الخاصة بمريض الهيموفيليا وعدم وجود البلازما الخاصة به ليكون أول مريض هيموفيليا يتوفى بسبب نقص الأدوية فى المستشفيات.

وظيفة دواء الفاكتور هى إيقاف النزيف فى جسد الإنسان، ويجب أن يصحبه علاج بسيط مضاد للالتهابات والتورم وهى أدوية بسيطة يمكن أن يتم تناولها بالفم أو الشراب حسب سن المريض أو وزنه.

بصوت يملؤه المرارة تقول عبير والدة الطفل أحمد أن الأزمة ليست فى الدواء الناقص فقط بل فى ممارسة حياة نجلها حياة طبيعية مثل باقى الأطفال مؤكدة أن أطفال الهيموفيليا يتعرضون إلى أقصى درجة من التهميش: «الدولة بتتعامل معانا كالأقزام ومش شايفنا ولا عارفين نوصل صوتنا للمسؤولين». تقارن عبير بين تعامل الحكومة المصرية السيئ مع مرضى الهيموفيليا وتعامل الدول العربية المجاورة مع المرضى قائلة «بلدان كتير عربية أنشأت مراكز تأهيل للأطفال لكن إحنا هنا للأسف وصلنا لمعدل عالمى فى حالات الإعاقة والبتر لمرضى الهيموفيليا».

معاناة أحمد مع المرض بدأت بعد ولادته مباشرة عقب عملية الختان لتفاجأ والدته بسيل من الدم: «ساعتها عملنا له تحاليل واكتشفنا انه مريض بالهيموفيليا»، وتوجهت إلى الصيدليات للبحث عن حقن الفاكتور إلا أنها لم تجدها، فاتجهت إلى السوق السوداء.

«المصرى اليوم» قامت برحلة بحث عن حقن الفاكتور فى 20 صيدلية فى مناطق المطرية وعين شمس والدقى والسيدة زينب والمهندسين، وكان الرد أن الحقن غير متوفرة فى السوق، وتوصلت الجريدة إلى ثلاث صفحات تبيع الأدوية الخاصة بمرض الهيموفيليا من نوع فاكتور 8 و9 عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وبعد تواصل المحرر معها، أكد صاحب الحساب الأول ويدعى محمد عبده عدم توافر الدواء فى الوقت الحالى وتكرر الأمر مع صاحب الحساب الثانى ويدعى أحمد محمد، أما صاحب الحساب الثالث ويدعى فوزى فأكد أنه يتبقى معه عدد قليل وأنه يبيع الحقنة الواحدة بـ3 آلاف جنيه.

بصوت تملؤه الحسرة تقول والدة فيلوباتير فؤاد (طفل عمره 15 عامًا) إن نجلها حالته تسوء، وإنه منذ أكثر من شهرين لا توجد أى حقنة فاكتور فى مصر، وحاول أن يتناول أدوية بديلة ولكن كان لها مضاعفات، وأضافت: «ابنى كل يوم تحدث له حالة رعشة ومش عارفه إيه السبب».

حاولت مارى البحث عن الدواء خارج مصر حتى لا تسوء حالة نجلها أكثر: «أصبحت أسال بره مصر عن علاج لابنى مش هينفع أسيب الولد كده»، ولم تحاول مارى الشراء عبر السوق السوداء مكتفية بالبحث عبر الصيدليات »لا أنا الأول كنت باشتريها من الصيدليات كان فيها نقص فى الأول لكن حاليا مختفى تماما«.

يقول الدكتور محمود فؤاد، رئيس مركز الحق فى الدواء: »هناك ستة مرضى هيموفيليا حدثت لهم حالات بتر وكان بسبب نقص حقن الفاكتور«، ويضيف: »تعداد مرضى الهيموفيليا حوالى ١٦ ألفا فى مصر ويوجد أزمة فى الدواء المخصص لهم من نوع فاكتور ٨ و٩ من أربع شهور بسبب أسعار الصرف«.

وتابع فؤاد: »هناك نحو ٦٠٪ من مرضى الهيموفيليا تحت مظلة التأمين الصحى وجميع المستشفيات خالية من العلاج وتطرد المرضى كما حدث فى مستشفى أطفال مصر«، ويوكد أن عددا من المرضى حرروا بلاغات فى أقسام الشرطة ضد إدارة المستشفى رقم ١٥٤٢ إدارى قسم الدقى بجانب نحو ١١٢ شكوى للنيابة الإدارية.

وتابع فؤاد: »هناك عدد من الشركات العالمية تجاوبت مع مراسلات المركز بخفض أسعار الفاكتور ولكنها اشترطت قيام وزارة الصحة بالتفاوض معها مباشرة«.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل