المحتوى الرئيسى

مهدي العموري يكتب: أتمتة الوظائف.. هل اقتصادنا تحكمه الروبوتات؟ | ساسة بوست

05/11 19:10

منذ 1 دقيقة، 11 مايو,2017

تعتبر التكنولوجيا من عوامل النمو الاقتصادي، لكن فوائدها لا تطال جميع أفراد المجتمع. وفي الآونة الأخيرة، باتت التكنولوجيا تشكل آفة بالنسبة للعديد من العمال في دول العام، حيث أصبحت الروبوتات تسرق منهم وظائفهم. والكثير ممن استبدلت الروبوتات بهم ولم يتمكنوا من العثور عن وظائف جديدة. وهو ما جعل صناع السياسات يواجهون معضلة التوزيع العادل لمكاسب التكنولوجيا على العمال.

وكشفت دراسة صدرت حديثًا أن 40 بالمئة من الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية، مهددة بأن تشغلها الروبوتات خلال الخمسة عشر عامًا المقبلة.

وأشارت الدراسة التي أجرتها شركة الأبحاث «بي.دبليو.سي» إلى أن نسبة الوظائف المهددة بالأتمتة في الولايات المتحدة تفوق غيرها من البلدان مثل بريطانيا وألمانيا واليابان، لأن فيها عمالا أكثر يعملون في وظائف تتطلب مهمات روتينية.

خلال السنوات والعقود الآتية، من المتوقع أن يقود الذكاء الاصطناعي إلى عصر جديد من الأتمتة. وسوف يقود ازدياد عدد الأنظمة المؤتمتة إلى فقدان الوظائف في كثير من الصناعات منها المالية والنقل والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات، وحتى القضاء.

للأتمتة فوائد منها زيادة الكفاءة والحد -أو التخلص- من الخطأ البشري. ولا يرى صانعو الروبوتات أن التوجه نحو مزيد الاعتماد على الأنظمة المؤتمتة سببًا للبطالة. لكن، من المتوقع أن تتسبب الأتمتة في اختلال الوظائف خلال السنوات القادمة، لذلك ينبغي أن تستعد المؤسسات العامة والشركات الخاصة لشكل جديد من الاقتصاد المستقبلي نتيجة مزيد الاعتماد على الروبوتات.

تزداد الأتمتة بلا هوادة في مجالات العمل المختلفة منذ عقود من الزمن. وفي الآونة الأخيرة، احتدم الجدل بسبب الإنجازات التكنولوجية التي أصبحت تقصي الإنسان عن أداء بعض المهام.

ويقول جيفري ساكس خبير اقتصادي من جامعة كولومبيا «ماذا لو أصبحت الآلات فائقة الذكاء بفضل عقول المعالج الدقيق، حينها لن تكون هناك حاجة لتشغيل العمال غير المهرة؟».

أصبحت الروبوتات تتدخل في كل تفاصيل الحياة. وقد اتنتشرت كانتشار النار في الهشيم. ولم تكتفِ بدخول المصانع والمؤسسات لتفتك من العمال وظائفهم، بل امتدت إلى البيوت، وأصبحت تزاحم الأبوين في أداء واجباتهما. ولكن كل ذلك يحدث بموافقة الأبوين وربما بمباركتهما.

يقول ساكس إن «الأجهزة الذكية الآن تجمع الضرائب على الطرقات السريعة، وتتحقق من السلع في مخازن، وتقيس ضغط الدم عندنا، وتدلك ظهورنا، وترشدنا إلى الاتجاهات، وتجيب على هواتفنا، وتطبع وثائقنا، وتنقل رسائلنا، وتهدهد أطفالنا، وتقرأ كتبنا، وتطفئ أضواءنا، وتلمع أحذيتنا، وتحرس بيوتنا، وتقلع بطائراتنا، وتدوّن رغباتنا، وتعلّم أطفالنا، وتقتل أعداءنا، والقائمة تطول».

يؤكد الخبراء في مجال التكنولوجيا أن الذكاء الاصطناعي لا يقضي على الوظائف بقدر ما يحرر العمال من خلال دفعهم إلى تطوير كفاءتهم عبر اتباع عدد من الدورات التدربية التي تنقلهم من أصحاب الياقات الزرقاء إلى أصحاب الياقات البيضاء، كما أنها تتيح لهم الفرصة للحصول على عمل مستقل بعيد عن ضغوط التراتيب الإدارية من حضور والتزام بالتوقيت.

أدت الأتمتة إلى خسارة عدد من العمال لوظائفهم، في المقابل ليس هناك ما يشير إلى أن استخدام التقنيات في السنوات الأخيرة أسفر عن خلق عدد متساو من الوظائف ذات المرتبات المجزية للتعويض عن تلك الخسائر.

وكشفت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد في عام 2014، أن عدد العمال الأمريكيين الذين تحوّلوا إلى الصناعات الحديثة كان ضئيلًا بشكل لافت للنظر: في عام 2010، كان 0.5 في المئة فقط من القوى العاملة يعملون في المجالات التي لم تكن موجودة في عام 2000.

ورغم تطور الذكاء الاصطناعي واضطلاعه بعدد من الوظائف التي كان يؤديها البشر، إلا أن براعة الإنسان ليس لها حد ولا تقف أمامها مهمة مستحيلة التحقيق.

يقول ديباك شوبرا أحد أبرز المتحدثين عن التكنولوجيا في الولايات المتحدة، ومؤلف الكتاب الشهير «الجينات السوبر»: «بالرغم من أن أجهزة الحاسب الآلي تتمتع بمزايا هائلة مثل: سرعة إنجاز الأعمال، وقدرة التعامل مع اللوغاريتمات المعقدة بسرعة تفوق أذكى العقول البشرية، إلا أن هذا لا يعني أنها قادرة على التحول إلى البشر والتفكير مثلهم».

ولكن هناك مهن عجز الروبوت عن التفوق في أدائها. وقدم شوبرا مثال الترجمة موضحًا أن الإنسان يستغرق أكثر وقت لترجمة نفس النص المقدم للحاسوب، لكن أجهزة الحاسوب لا تستطيع الاختراع أو الابتكار، فضلا عن أنها تتبع التعليمات بدقة مبالغ فيها، دون الأخذ في الحسبان اختلاف السياق، وجميع الجوانب غير العقلانية التي عادة ما يتم مراعاتها من قبل البشر.

لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن استبدال البشر. على خلاف البشر، لا تدعي الروبوتات المرض، ولا تشعر بالتعب، ولا تضيّع وقتها في الدردشة على شبكات التواصل الاجتماعي.

كل إنسان يظن أن عمله في مأمن فهو واهم، خصوصًا مع ظهور آفاق تكنولوجية جديدة تتمثل في محاكاة الذكاء التأملي، التي أصبحت أشبه بوعود بالبطالة الجماعية.

تنخرط شركات التكنولوجيا في سباق محموم للسيطرة على الفضاء العبقري غريب الأطوار. ونتيجة لذلك يرى خبراء اقتصاديون أن الرأسمالية على وشك أن تستهلك نفسها. ففي ديسمبر الماضي أعلنت شركة فوكسكون، المتخصصة في صناعات الالكترونيات، أنها تخطط لاستبدال جميع الوظائف البشرية في بعض مصانعها بالروبوتات.

تشير بعض التقديرات إلى أن العالم من المقرر أن يشهد صناعة 25 مليون روبوت تكون جاهزة لاقتناص فرص العمل من البشر في عدد كبير من القطاعات الاقتصادية خلال الأعوام المقبلة. يعني أن هناك الكثير من التغييرات التي ستطرأ على شكل الاقتصاد الحالي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل