المحتوى الرئيسى

فيديو وصور| انتحار «جزرة» في ميدان عام يكشف عالم التشرد والقمار بالعجوزة

05/11 17:40

ساكنة تروض كلبها عثرت عليه معلقًا من رقبته فى شجرة بحديقة البصرة فهرعت تطلب النجدة

حارس عقار: «كان غلبان وفى حاله ساب كرتونة وبطانية بيبات عليهم وليس مختل عقليًا لينتحر»

خفراء : «الحديقة تعج بالبلطجية يأتون ليلًا للعب القمار ويتشاجرون ويخشى الأهالى زجرهم لأنهم مسلحين»

أخذت ربة منزل من سكان ميدان البصرة بالعجوزة، نجلها إلى المدرسة، وعادت مشيًا إلى مسكنها بالحى الهادىء، لتروض كلبها، وتوقفت بحديقة الميدان العامرة بالأشجار والمزروعات، حتى يستمتع كلبها بتريضه، لكن فجأة هلع بصرها شاب فى الثلاثينات من العمر، معلقًا من عنقه فى شجرة بالحديقة، وبدا الموت قد نال منه ما يكفى، فحملت كلبها وهرولت بهلع إلى عم مجدى خليل، حارس العقار رقم 49 بالميدان، لتشير إليه نحو الشاب المشنوق بالشارع، ليخرج الرجل الخمسينى ليفزع هو الآخر من المشهد، وينادى باقى زملائه حراس العقارات المجاورة، ويبادرون بطلب الشرطة لأن "جزرة" انتحر أو ربما قتله أحد رفاقه، دون أن يشعر بهم أحد.

ويبدو الميدان فى عز الظهر، شديد السكون، والحركة به نادرة، إلا من سيارة تتحرك أو تمر بالمكان، علاوة على أن مجمع المدارس أصبح ساكنًا تمامًا مع إجازة الإمتحانات، بينما جاء الحادث ليعكر صفو الجميع ويلفت انتباههم على مأساة الشاب، الذى لا يعرفون له أهل أو موطن إلا الحديقة؛ حيث يعمل كسائس بشارع جامعة الدول، ويعود إلى حديقة الميدان لينام على كرتونة وبطانية يودعهما أسفل جزع شجرة، كما أنه يضع كيس به ملابس قديمة يرتديها، ويغسلها كل فترة بعدما يطلب دلو مياه من أيًا من حراس العقارات، والذين يعدونه "غلبان وفى حاله لولا أصحاب السوء الذين يجتمعون معه ليلًا للعب القمار ويتشاجرون أحيانًا بما يثير انزعاج الأهالى".

وفى البداية كان حارس العقارات بداخلها وقت الظهيرة، ولا تظهر حركة للبشر إلا بعمال المغسلة الملطلة على مكان الحادث، ليوضح عصام البشبيشى العامل بها، أنه قرابة الساعة السابعة صباح الأربعاء، عثروا على الشاب مشنوقًا بشجرة بالحديقة، وأشار إلى غصن مكسور مكان المشنقة، قائلًا: «هناك بجوار ذلك الفرع الجاف الميت»، أجل فهكذا مات الشاب بجوار مظهر الموت الوحيد بالحديقة، متمثلًا فى غصن كثيف متدلى ويابس على شجرته.

 ويوضح "عم مجدى" حارس عقار بالميدان، أن الساكنة قدمت تهرول فى فزع، ولم تكن قادرة على الصراخ أو حتى الكلام وكانت تشير إلى الخارج، حتى نطقت بالكاد أن شاب معلق من رقبته فى حديقة الميدان، وخرج ليجد ما تقوله حقًا واستغاث باقى الحراس، وهم أحدهم باستدعاء ضباط شرطة كانوا متوقفين بسيارة "بوكس" على أول الشارع، وقدمت النيابة العامة وأنزلت الشرطة الشاب من على غضن الشجرة.

ويضيف حارس العقار 49، "أنه للأسف توجد مجموعة من المتسولين والبلطجية وسائسي السيارات، يعملون فى شارع جامعة الدول العربية، ويقدمون إلى الحديقة فى آخر الليل، يلعبون قمار بأوراق "الكوتشينة"، وقد يتشاجرون ويعتدون على بعضهم البعض لدرجة إحداث إصابات فيما بينهم، وينصرفون ثم يعودون إلى ذات المكان كعادتهم، وكان السكان يبلغون عنهم، لكن الشرطة لم تستجب للاستدعاءات المتكررة، وكان السكان وحراس العقارات يحذرون التعامل مع هؤلاء المتشردين، الذين يأخذون من الحديقة متجمعًا لهم، لأنهم مسلحون وقد يصيبون من يتدخل معهم أو يقتلونه فى لحظة.

وينهى حارس العقار حديثه: "للأسف بالرغم من رقى المنطقة، إلا أن المكان يبدو شديد العتمة ليلًا والإضاءة بالحديقة تكاد تكون منعدمة، فيوجد عمودين إنارة على ممر بمنتصف الحديقة، لكن ما بداخلها مظلم تمامًا، حتى أن السيدات يخفن المرور بالشارع أو النزول إليه وإذا قدمت إحداهن متأخرة تنادى على الحارس بفزع لينتظر حتى تركن سيارتها وتدخل إلى العقار آمنة، خوفًا من المكان، الذى بات مرور الشرطة فيه أمرًا نادرًا".

ويشرح حارس عقار آخر، أنه كان يعرف الشاب المشنوق باسم "محمد جزرة"، لكنه علم بعد موته أن اسمه الحقيقى "نور الدين"، وهو يبلغ من العمر 30 سنة، فقد وجدت الشرطة برفقته حافظته وبها ما يدل على هويته الحقيقية، ووقت العثور عليه كان يرتدى بنطلون جينز، وقميص مخطط، ومعلق فى رقبته بقطعة قماش قديمة لكنها متينة، ظلت تحمل جثمانه طوال ساعات موته، حتى قدمت الشرطة وأنزلته من مكانه.

وأضاف الحارس  «من ساعة ما جيت وأنا بشوفه هنا .. هو غلبان وطيب وفى حاله .. ومتزن نفسيًا وليس مختل لينتحر بتلك الطريقة البشعة»، ويشير الرجل إلى مكان إقامة المتوفى قائلًا: هنا أسفل جزع الشجرة الكبيرة كان يبيت، على تلك الكرتونة ينام، وبتلك البطانية القديمة المتسخة يحتمى من البرد، صيف شتاء على ذلك الحال، فهو يعمل ليلًا فى مسح السيارات أو كسائس، وذلك بشارع جامعة الدول العربية ناحية محل عصائر شهير بالشارع، ويعود فى ساعات الليل الأخيرة قرب الفجر لينام بجوار بطانيته وملابسه.

ويشكو الرجل الحزين على المشهد الأخير لـ"جزرة": "المكان هنا وباء، فالمتوفى كان له رفقاء سوء، يأتون معا ليلًا بعد التسول أو العمل، وعددهم حوال سبعة أو ثمانية، يلعبون القمار بالحديقة، ويتشاجرون ويحدثون إزعاجا ومشكلات، والجميع كان يتجنبهم ويتحاشي التعامل معهم، لأنهم مسلحين وأى شخص يعترض على ما يفعلونه قد يصيبونه أو يقتلونه.

وعلى سيرة القتل يرجح حارس العقار أن المجنى عليه تم قتله، قائلًا: "إنه ليس مختل عقليًا وصعب بنى آدم زيه اتعود على حياة الشارع أن يتأزم لدرجة إنهاء حياته بالشنق فى ميدان عام بتلك الطريقة، لكنه للأسف مات دون أن

يشعر به أحد، فلم يسمع له أحدًا صراخ، كما أن البلطجية رفاقه لم يظهروا منذ وقت الحادثة، بل إنهم اختفوا من مكان عملهم بشارع جامعة الدول العربية".

ويتابع: "الله أعلم انتحر ولا الشرطة بتريح نفسها وخلاص بالكلام دا، علشان متدورش على حقه واحد زيه ملوش أهل ومش وراه اللى يدور على حقه، وهو فى حاله ومش تعبان نفسيًا علشان يعمل فى نفسه كدا"، لكن نرجع لنقول: كل شيء جائز، ونحن فى كل الأحوال نحن لم نشاهد الحادث بأعيننا، وإنما رأينا جثة "الغلبان دا بعد ما مات"، متابعًا: "هو تحديدًا مكنش بتاع مشاكل، وإحنا منعرفش له أهل ولا بلد إلا الجنينة، ولم يكن يجمعنا به حديث سوى صباخ الخير والرد عليها بصباح النور، وأحيانًا يطلب جردل مياه لغسل ملابسه فى ذلك المكان".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل